في كتابه الذي حمل عنوان: « ثورة العرب ..الربيع العربي « يعالج  استاذ التاريخ د. محمد عبده حتاملة  الموضوع بطريقة تاريخية مستعرضاً تاريخ الثورات في العالم بشكل عام والثورات العربية بشكل.
وبين أن النظام السياسي العربي يعيش هذه الأيام أزمة حقيقية منذ  عقود؛ فهو يعاني من عدم التجانس بين الانظمة الملكية والقبلية والجمهورية، حيث تكرست الحواجز بين تلك الآنظمة بسبب النظرة القطرية والإقليمية.
أكد حتاملة أن ما جرى ويجري في العالم العربي من ثورات يقوم بها الشعب العربي، ليست مجرد أحداث مقطوعة الجذور عن حركة التناقضات بتجلياتها وتفاعلاتها الداخلية والخارجية، وعن سياقاتها: التاريخية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية الكبرى التي تفعل وتتفاعل في أعماق المجتمعات العربية.
وأشار الى أن الوقائع  في العالم العربي ليست مجرد أحداث تتحرك في غفلة من التاريخ والجغرافيا، أو بسبب خطأ فني في تعامل الأنظمة المستبدة مع الأزمات، أو بسبب إخفاق في التوقع، ومن ثم  بالإمكان تلافيه، ووقف تداعياته وارتداداته ومنع انتشاره، أو احتوائه من جانب حلفائها في واشنطن واوروبا، بإجراء بعض «التغييرات المسرحية» باسم الإصلاح ومنح المواطنين بعض الحريات  لاستيعاب ما يجري، بل يحتاج إلى قراءة  عميقة  وجدية لإستخلاص العبر.
وبين ان النوع من المقاربات وردود الفعل يعكس فقراً مروعاً في الوعي، كما يعكس نوعاً من «البلادة  الاستراتيجية» التي تحاول إعادة «مارد الشعب» أو الشارع أو الجماهير العربية الثائرة إلى قمقم الخضوع والسيطرة بعد ان حطمته.
قال د. حتاملة إن إحدى السمات الأساسية التي تتميز بها «ثورة الشارع العربي الراهنة»، تتمثل في الدور المركزي والقيادي الذي احتله القطاع الشبابي فيها، ويجب النظر الى هذا الدور في سياق القراءة الشاملة للدوافع والاهداف والسياقات التاريخية والاجتماعية لهذه الثورة.
وبين أن الشباب العربي بادرإلى التحرك تعبيراً عن الأزمات المتراكمة في المجتمعات العربية؛  وبرهن هؤلاء الشباب على وعي عميق لذاتهم وانتمائهم القومي وهويتهم الحضارية والثقافية، كما عبروا عن وعي عميق بتاريخهم، وما يميز ثورات الشعب العربي في أقطاره المختلفة شموليتها ووضوح أهدافها وعدم قدرة أي قوى سياسية الادعاء بأنها  تقود الثورة، ومن هنا جاءت أصالة دور الشباب في عملية التغيير التي تؤسس لربيع الشعوب العربية القادم.
وأشار الى ان الثورة التي يعيشها الشارع العربي، تعتبر امتدادا خلاقا لمقاومات وتضحيات هائلة قدمتها الشعوب العربية على مدار عقود؛ فهي ثورة تحمل راية مئات الآلاف من الشهداء الذين قضوا في معتقلات الأنظمة العربية منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم.
وأكد  أن ثورة العرب تعكس في أحد اهم ابعادها ومضامينها، وعي الشعب العربي العميق لإشكالية العلاقة بين الدوافع السياسية والدوافع الاجتماعية للثورة؛ وأن الشعوب العربية ترى ذاتها مهمشة سواء على المستوى الداخلي او على مستوى مكانتها بين شعوب العالم ودورها الإقليمي والدولي.
ختتم د. حتاملة إن العالم العربي بعد ثورة تونس وثورة مصر لن يكون هو ذاته ما قبلهما. فالتحولات الاستراتيجية ستشمل مختلف جوانب الواقع العربي، وبالتدريج ستتم إعادة  صياغة معادلات هذا الواقع وفق الحقائق التي ترتبت وستترتب على هذه الثورات ارتباطا بمقدماتها ودوافعها وأهدافها.
خلص د. حتاملة، أن الثورات تعتبر ثورات ديمقراطية شاملة وأصيلة وليست لها علاقة باجندات الدول الاستعمارية، وهي بالتأكيد ستواجه صعوبات وتحديات وتدخلات بهدف السيطرة عليها واحتوائها، وهدفها  يتمثل في تحقيق الديمقراطية القائمة على التعددية والحريات السياسية والاجتماعية، وحرية التعبير، واحترام حقوق الانسان، وتداول السلطة سلميا، وفصل السلطات، واستقلالية القضاء، وبناء الدولة  وفق دستور عصري.
وعلى الصعيد الاجتماعي تحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد والبطالة والفقر، وتكريس مفهوم المواطنة والمجتمع المدني، و رفض التبعية، واستعادة دور الشعوب العربية، وحماية ثرواتها القومية، والتصدي للتدخلات والإملاءات الخارجية، ومجابهة التحديات التي يشكلها الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.