|
عرار:
حفل الحقل الروائيّ سنة 2016 بعدد من الأحداث والمفارقات والظواهر التي باتت تحتلّ حيّزاً من الاهتمام والمتابعة، وترسم خيوط خريطة روائية للسنوات القادمة، ذلك أنّ أيّ حدث متعلّق بهذا الفنّ لا يجري بمعزل عن امتداداته الزمنية السابقة واللاحقة، ويساهم في توسيع رقعة انتشار هذا الفنّ الذي يتبدّى في مرحلة مميّزة من الانتعاش والانتشار والجماهيريّة. جوائز روائية تظلّ جائزتا “البوكر العربية” و”كتارا” حاضرتين في رسم المشهد الروائيّ العربيّ طيلة العام، ولا تقف الأصداء عند نقطة بعينها، بل تظلّ تتردّد من دورة إلى أخرى، وككلّ دورة لم تخل دورات هذه السنة من سجالات وتجاذبات وأخذ وردّ. وقد توّج بالبوكر العربية “مصائر.. كونشرتو الهولوكوست والنكبة” للفلسطيني ربعي المدهون، كما اختيرت خمس روايات للتتويج بـ”كتارا” عن فئة الروايات المنشورة وهي: “أولاد الغيتو.. اسمي آدم” لإلياس خوري، و”أرواح كليمنجارو” لإبراهيم نصرالله، و”خمسون غراماً من الجنّة” لإيمان حميدان، و”راكب الريح” ليحيى يخلف، “والأزبكية” لناصر عراق التي اختيرت أيضاً كأفضل رواية منشورة يجري تحويلها إلى عمل درامي. أما الروايات التي اختيرت للفوز في فئة الروايات غير المنشورة، فهي: “الألسنة الزرقاء” لسالمي الناصر، و”ظلال جسد” لسعد محمد رحيل، و”ظلّ الأميرة” لمصطفى الحمداوي، و”جينات عائلة ميرو” لعلي أحمد الرفاعي التي اختيرت كأفضل رواية غير منشورة ليجري تحويلها إلى عمل درامي. وذهبت الجائزة عن فئة الدراسات “البحث والتقييم والنقد الروائي”، إلى كلّ من إبراهيم الحجري، وحسن المودن، وحسام سفان، وزهور ضرغام، ومحمد بوعزة. شهدت القائمة الطويلة للبوكر العربية إبعاداً لرواية “في الهنا” للكويتي طالب الرفاعي من القائمة الطويلة نظراً لأنها كانت منشورة في العام السابق، ولم يكن يحق لها الترشح للدورة الحالية، برغم الإشارة إلى أن الطبعة المقدمة كانت مناسبة من حيث تاريخ النشر، لكن الأمر لم يقف عند تاريخ النشر، بل كان في غفلة المحكّمين أو تغافلهم وتناسيهم أمر النشر، برغم أنّه يفترض بهم كمتابعين للمشهد الروائيّ ومنغمسين فيه التحقّق منه، والتركيز عليه، وعدم انتظار تمريره أو السهو عنه. وبعد البيان الذي صدر عن إدارة الجائزة وقرار استبعاد رواية الرفاعي لم يتمّ إكمال القائمة الطويلة برواية أخرى، بل ظلّت مقتصرة على خمس عشرة رواية، لا ست عشرة بحسب ما ينص عليه قانون الجائزة للائحة الطويلة، وربما لم يكن هناك أي قرار مسنون بهذا الخصوص، أو ربّما يتمّ سنّ قرار لحالات مثل هذه مستقبلاً. وقد تكرّر أمر الإبعاد بصيغة أخرى في جائزة “كتارا” وذلك حين اكتشاف نشر اليمني محمد الغربي عمران روايته “ملكة الجبال العالية” التي اختيرت لتفوز ضمن فئة الروايات غير المنشورة بعنوان مختلف في القاهرة، وعدم تصريحه بالأمر الذي يخالف قوانين الجائزة، وانطلاء ما يمكن توصيفه بالتضليل على اللجان التي يفترض بها أيضاً أن تكون متابعة للمشهد الروائيّ ومنغمسة فيه لا مكتفية بقراءة أو تصدير أو تزكية ما يعرض عليها. وقد حجبت لجنة “جائزة كتارا” الجائزة عن عمران بعد أن اتضح لها أنه قد نشر محتوى روايته تحت عنوان مختلف “مسامرة الموتى” عن دار الهلال في القاهرة. بالنسبة إلى جائزة الطيب صالح العالمية فاز في مجال الرواية كل من السوري سومر شحادة عن روايته “حقول الذرة” والمصري عمار علي حسن عن روايته “بيت السناري”، والسوداني محمد المصطفي الطيب بشار عن روايته “تجليات يعقوب الفينيق”. أما بخصوص جائزة نجيب محفوظ في الرواية فقد فاز المصري عادل عصمت عن روايته “حكايات يوسف تادرس”. تضييق وخسائر هناك استمرار وتصعيد في التضييق على الروائيّين في أكثر من بلد عربيّ، وبغضّ النظر عن الاتّفاق أو الاختلاف مع مواقف الروائيّين أو القيمة الفنّيّة لأعمالهم، فإنّ محاولات كبح الحرّيّة والكتابة والتعبير تسعى لسحق روح الإبداع لدى الإنسان، من بعض مظاهر التضييق استمرار اعتقال الروائيّ المصريّ الشابّ أحمد ناجي على خلفية اتّهامه بخدش الحياء العام إثر نشره روايته “استخدام الحياة”، والتضييق على الروائي الأردني أيمن العتوم بعد كسب دائرة المطبوعات والنشر قضيةً رفعتها عليه بصفته كاتب رواية “حديث الجنود”، والتضييق على الناشر ماهر الكيالي (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، بعد قرابة عامين على نشر الرواية، وتخييره بين دفع غرامة مالية أو الحبس. نكبت الساحة الروائيّة العالمية بخسارات كبرى برحيل عدد من أبرز الروائيّين العالميّين، منهم: الروائي الإيطالي داريو فو (1926 – 2016) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1997، والإيطالي أمبرتو إيكو (1932 – 2016)، والفرنسي ميشال بوتور (1926 – 2016)، والفرنسية فرانسواز ماليه جوريس (1930 – 2016)، والبيروفي ميكل كوتييريث (1940 – 2016)، والنيجيري إيلشي أمادي (1934 – 2016)، والسوري ياسين رفاعية (1934 – 2016)، والروائيّ والمترجم العراقيّ حسين الموزاني (1954 – 2016). انتعاش أدبي وقد لوحظ انتعاش ترجمة روايات من آداب عالمية، والانكباب على نشر روايات مختارة، وحرص العديد من دور النشر العربية على متابعة الجديد في الأدب العالمي ونقله للقارئ العربي، من ذلك مثلاً منشورات كلمة، التنوير، مسكيلياني، الربيع العربي، العربي، الجمل، الساقي، الآداب، الشروق، ضفاف والاختلاف وغيرها. كما لوحظ انتشار أكثر لظاهرة الورشات الروائية في أكثر من بلد عربي، منها ما يقتصر على أبناء البلد نفسه، ومنها ما يفتح المجال أمام مشاركات عربية، ولا يخفى أنّ لهذه الورشات تأثيرات معينة، منها ما قد يصنّف في خانة الإيجابيّ الذي يؤمل منه أن يكون مثمراً ومزهراً خلال سنوات قادمة من خلال الأخذ بيد تجارب معيّنة وتصديرها، كما قد يكون له تأثير معاكس سلبيّ من حيث مضاعفة الشلليّة والتكتّلات الثقافيّة التي تروّج لبعضها البعض، والتي قد توحي بأنّ المشرف على الورشة يمتلك مفاتيح الإبداع الروائيّ، مع العلم أنّ أعماله الروائيّة قد تكون خالية من أيّ لمسة إبداعيّة أو بصمة مميّزة. استمرّت كذلك حركة النشر الروائيّة في تصاعد وانتعاش، وقد ظهرت أعمال هامّة في الرواية العربية في مختلف الدول، منها: رواية “ابنة بونابرت المصرية” للبناني شربل داغر، “جيش الماء” للتونسي جمال العريضي، “عربة الأموات” للسوداني منصور الصويم، “مولى الحيرة” للجزائري إسماعيل يبرير، “عشاق وفونوغراف وأزمنة” للعراقية لطفية الدليمي، “دحان” للموريتاني محمد ولد محمد سالم، “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” للجزائري سعيد خطيبي، و”حذاء فيلليني” للمصري وحيد الطويلة. وكانت الرواية السوريّة، التي لا نصيب لها حتّى الآن في حصد الجوائز الكبرى سوى حضور لبعض الأسماء في قوائم طويلة، حاضرة بقوّة في عالم النشر، وقد صدرت روايات هامة منها: “رقصة القبور” لمصطفى خليفة، “عين الشرق” لإبراهيم الجبين، “الشاعر وجامع الهوامش” لفواز حداد، “سبايا سنجار” لسليم بركات، “الذين مسّهم السحر” لروزا ياسين حسن، “مترو حلب” لمها حسن.. وكان الملف الذي نشرته مجلة “بانيبال” اللندنيّة عن الأدب السوري لافتاً للنظر ومقدّماً لعدد من الروائيّين عبر فصول مترجمة من رواياتهم وتعريف مختصر بهم وببعض أعمالهم. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 17-12-2016 12:03 صباحا
الزوار: 1280 التعليقات: 0
|