صدر عن دار هبة للنشر والتوزيع، كتاب حمل عنوان «أكمام الحب والغضب» لمؤلفه سامر حيدر المجالي. كتب مقدمة الكتاب الشاعر والكاتب إبراهيم العجلوني يقول: تتيح تقنيات الاتصال الحديثة لذوي المواهب المتميزة أن يبتعثوا أدب «مقالة» خاصا بهم، فائق الفاعلية والانتشار، وإذا كان يمكن العودة بالمقالة على نحو ما استقرت عليه في الأزمنة الحديثة إلى «الفصل» على نحو ما عرفه العرب في كتبهم الأدبية والفكرية التي تقسّمت فصولا وتوزّعت أبوابا، أو إلى الشذرة التي عرفها الإغريق كما تُقرأ في «شذرات هيراقليطس» ومن نحا نحوه، أو إلى «الــــمَثَل» على نحو ما عرفه العرب وغيرهم من الأمم، أو إلى «الخطبة» المكثفة والقول الحكيم كما نراهما في «نهج البلاغة» للإمام علي كرّم الله وجهه. إذا كانت تلك كلها أصولا يمكن تتبعها في مسار التاريخ إلى يوم الناس هذا، فإن في كتاب صديقنا الأستاذ سامر المجالي هذا ما يؤكد حسن انتفاعه بهذا التراث الزاخر، مع فرادة ذات اكتناز معرفي تقفه عند نقطة التقاطع بين العلم والفلسفة من جهة، وبين العلم والتصوف من جهة أخرى، فهو في مكان سوىً بين ألوان من النظر قد تبدو متباينة بادي الرأي، لكنها توشك، وقد شملها الكاتب برؤية توحيدية، أن تنصهر في بوتقة وعي يحيط بها ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة منها، إلا وقد بوأها مكانها في نسق لا يملك من يتوسمه إلا أن يحمد للكاتب قدرته على ابتنائه وعلى نفخ روحه في أرجائه. ولعل قيمة الكتاب أن تكون متأتّية، إلى ما فيه من معطيات معرفية وذوقية وعلمية، من كونه كتاب «رؤية ناقدة» لا «رؤية جمالية» حسبُ، فهو بهذه المثابة كتاب يزعج، بقصدية واضحة المستنيمين إلى أحلامهم وأوهامهم وألوان القصور الذاتي الذي يعيشون، ولعل هذا أن يفسر ذلك «الغضب النبيل» الذي يتصف به، وغلو العبارة الذي تبدو منه بوادر بين حين وحين.. ويضيف العجلوني،على أن الكاتب مسكون بهموم أمته، وبهموم الإنسان حيثما كان، ولا نملك إلا أن نلتمس له العذر في تشديد النكر على الجهل والغباء والفساد والرياء، وعلى ما يحول بين أمته وبين أن تستعيد مكانتها اللائقة بها، أو أن تعي رسالتها في العالمين، ثم إن هذا الكتاب شاهد صدق وبرهان حق على ما كان كاتب هذه المقدمة قد توسمه في الكاتب من مواهب لدنّيّة وقدرات معرفية تؤهله لأن يكون أحد بناة الوعي في بلادنا، بل أحد أذكى المشتغلين بالفلسفة فيها، تاركاً لقراء هذا الكتاب القيّم أن يتمتعوا به كما تمتعت، وأن يفيدوا منه كما أفدت. مؤلف الكتاب المجالي يقول عن كتابه: فلا بد من توضيح لبنية الكتاب، ذلك أن كثيرا من فقراته قد نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي؛ الفيسبوك وتويتر، فاكتست بصورة ذلك العالم وتطبعت بطباعه. ومن المعلوم أن الهاشتاغ الذي يُرمز له هكذا: (#)، هو أحد أهم الوسائل التي يلجأ إليها المستخدمون والمدونون من أجل تبويب وأرشفة المعلومات. إذ هي وسيلة تجميعية يسهل بها على أي مستخدم أن يعود إلى كل ما كُتب حول موضوع بعينه. قمت بنقل المواد التي كتبتها هناك مع أوسامها، فقد سهَّلَتْ هذه الطريقة عليَّ جمع وتبويب ما كُتب خلال سنوات عديدة. وقلت في نفسي لعل في هذه الطريقة كذلك تجديدا لم يعهده القارئ، فيتجنب الرتابة، ويتشجع على اقتفاء أثر الأوسام وسما تلو وسم. ثم إني رأيت أن لا أسرد كل وسم من أوله إلى آخره، بل أجعل الفقرات متداخلة، فأورد فقرة من وسم «وجدانيات»، تليها أخرى من وسم «إنسانيات» ثم ثالثة من وسم «عمّانيات» وهكذا حتى نهاية الكتاب، فيكون في ذلك مزيد من شحذ ذهن القارئ، وتحبيب المادة إليه. هذا على مستوى الشكل، أما المضمون فإنه مما يعسر عليَّ وصفه؛ لأنه ثمر نبت في أكمامه، وشاءت له الإرادة الباقية أن يكون الربيع زمن ولادته. أقصد بذلك الربيع العربي؛ أي تلك الثورات التي أطلقها شباب عرب نشدوا لأوطانهم العزة والكرامة، وأرادوا الحرية لأنفسهم وللأجيال القادمة، لكن حائلا ما قد حال بينهم وبين أمانيهم، فتأجلت أحلامهم طورا بثورات مضادة، وطورا بخلل داخلي، وطورا بتدخل أجنبي، لكن المؤكد أن شعلة أحلامهم لن تنطفئ، فقد وسموا تاريخ أمتهم بما لا تمحوه أعتى الديكتاتوريات أو أخفى المؤامرات.