صدرت حديثاً طبعة ثانية لرواية "حانة فوق التراب" للروائي قاسم توفيق الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" بعمّان. وتستهل الرواية التي تقع في حوالي 400 صفحة من القطع المتوسط بعشر وصايا تمثل شبكة من العناوين التي تقود الراوي وتسير الأحداث في المتن الروائي ضمن سياق تلك المفردات التي تتحول إلى مجموعة من الأسئلة التي تنفتح لسبر العلاقة بين الذات والنفس والآخر والأشياء. ومن أبرز الوصايا - وهي عناوين فرعية - "لتكن حروبك كلها من أجل الحب"، و"لا تخض غمار معركة من دون أن تكون الفارس". وتحتشد الرواية بمجموعة من الشخوص المتضادة والمتناقضة والمتشابهة فيما تحمل في دواخلها من الحب والكره والخوف والضياع، غير أن لكل شخصية رؤيتها التي تستفز القارئ للالتفات إلى الداخل، جوانيات المتلقي للبحث عن رؤيته للحياة. ولا تتيح الرواية للقارئ الحياد بإزاء الوقائع والأحداث ليقف محايداً، بل يجد نفسه مجبراً لفك تلك الرموز والأحجيات التي تورط فيها أبطال الرواية، ليسير معهم في متاهاتهم للبحث عن ذاته. تبدأ الرواية بسؤال ليس شخصياً، ولا يعنى كثيراً بالبطاقة الشخصية والأحوال المدنية للإنسان، بل يذهب بعيداً للسؤال الوجودي الذي يقرع باب المسكوت عنه. ويصف الروائي توفيق روايته "حانة فوق التراب" بأنها رواية فلسفية بشخوصها وحركتهم وأماكنهم والواقع المتنقل بين المرحلة الحالية وهزيمة حزيران 1967، فهناك شاب يحاول استكشاف نفسه من خلال قصة حب وكتابات وفلسفات وجودية تركها والده بعدما استشهد في الحرب، ومن صديق آخر يعيش في مغارة متنسكا يكتب وصايا ومناقشات فكرية تصل إلى 11 وصية. تتناول الرواية قضايا حساسة تضرب قلب الواقع العربي وضميره، ومنها: الطائفية والإقليمية لإثبات وجود صيغة أكثر قيمة وقدسية هي الإنسانية، فالبطل عايد يضطر لتغيير دينه وينتسب إلى عائلة غير عائلته تحت قهر الظروف. رواية "حانة فوق التراب" تمتاز بسردية متقنة ولغة شفيفة بعيدة عن الاستعراض تشي بمضامين ملموسة رغم ادعاء الكاتب أن الأمكنة والشخوص والأحداث متخيلة. في "حانة فوق التراب" ينهج الكاتب الفائز بجائزة كتارا للرواية، مسارا مختلفا بتعرية شخوص الرواية ويزيل عن وجوههم كل الأقنعة التي كانوا يتزينون بها، ويقدمهم كما هم دون تجميل، بندوبهم وجراحهم وأمراضهم ليروا وجوههم في المرأة وكأنهم يرون أنفسهم للمرة الأولى. يشار إلى انه صدر لقاسم توفيق العديد من من الروايات ومنها "ماري روز تعبّر مدينة الشمس" 1985، و"أرض أكثر جمالاً" 1987، و"عمّان ورد أخير" 1992، و"ورقة التوت" 2000 و"حكاية اسمها الحب" 2009، و"رائحة اللوز المر" 2014، وفرودمال" 2016، و"نزف الطائر الصغير 2017"، كما صدر له من المجموعات القصصية "آن لنا أن نفرح" 1977، و"مقدّمات لزمن الحرب" 1980، و"سلاماً يا عمّان سلاماً أيتها النجمة" 1982، و"عمّان" 2009.