محمد المشايخ تعد الأديبة كريمان مصطفى عبدالله الكيالي (عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين)، في طليعة الذين تنبهوا في وقت مبكر لأهمية أدب الطفل، لأنه الأقدر على تنمية معارفهم في التفكير والتخيل والتذكر، وعلى تحقيق نموهم النفسي والعقلي واللغوي والاجتماعي والعاطفي. عملت الأديبة والاعلامية كريمان الكيالي في مجلة سامر للأطفال، وأعدت ملحقاً للأطفال عام 1983 في المجلة بعنوان (سمر) وعملت في جريدة صوت الشعب عام 1987 محررة في قسم التحقيقات ومحررة شؤون المرأة والطفل، وكاتبة مقال اسبوعي، حيث كانت تعد ملحقا أسبوعيا للطفل، كان يصدركل يوم جمعة، وباغلاق جريدة صوت الشعب عام 1995، انتقلت للعمل محررة صحفية في عدد من الصحف الأردنية هي: الأسواق عام 1995، ومن ثم جريدة العرب اليوم عام 1996 حيث عملت فيها سكرتيرة تحرير قسم التحقيقات حتى عام 1998، كما كانت كاتبة مقالة في عدد من المجلات الأردنية التي كانت تصدر في ذلك الوقت مثل: الحصاد، والشباب التي كانت تصدر عن وزارة الشباب. وخلال سنوات غربة لم تطل، عملت مندوبة لصحيفة الرأي الأردنية في الدوحة – قطر، كما كان لها تجربة في الاعلام القطري محررة في قسم المحليات في جريدة الوطن القطرية، وفي الفضائية القطرية، باعتبارها معدة برنامج يومي اجتماعي منوع، وبعد العودة الى الوطن، عملت سكرتيرة تحرير لمجلة حاتم للأطفال التي كانت تصدر عن المؤسسة الصحفية الأردنية للطباعة والنشر «الرأي»، ثم مديرة تحرير ثم رئيسة تحرير للمجلة، إضافة لكتابة قصة اخبارية اسبوعية وتقارير في ملحق أبواب «الرأي»، وتعمل حاليا مديرة تحرير لدى موقع إخباري الكتروني هو»أغوار نيوز»، ولها مساهمة في مجلة «وسام « للأطفال التي تصدر عن وزارة الثقافة، ككاتبة قصة. وسبق لها أن أصدرت ثلاثة مؤلفات للأطفال ضمن سلسلتها»من مفكرتي»: الاول «اوراق طالبة» 1992، والثاني»حكايات من الطفولة «1994، والثالث وهو الأحدث «من مفكرتي رواد ورباب» 2018 الصادر عن وزارة الثقافة الأردنية، والذي يضم أربع قصص، تسير على نمط سلسة كريمان، التي تنتقي في كل واحدة منها موضوعا مختلفا، تجري أحداثه على الصعيد المكاني في البيت، أو المدرسة، أو مع الأهل والأصدقاء، دون أن تخلو تلك الأحداث من الطرافة، إلى جانب اشتراك كل الأطفال فيها بعفوية وبراءة، وقد حملت قصص المجموعة العناوين التالية:» كعب عال، رسم على الوجوه،القبعة البيضاء». فقاعات الصابون . الجديد في هذه المجموعة القصصية، أنها تخالف ما اعتدنا عليه في أدب الأطفال، حيث يكون الأدباء الكبار هم الذين يروون ويكتبون الحكايا، أما في هذه المجموعة فقد افسحت كريمان المجال للطفل، ليكتب بقلمه وإحساسه وتفكيره، وليروى تجربته، انطلاقا من إيمانها أن الطفل هو الأقدر على التعبير عن نفسه، وأن لدى كل طفل موهبة لاتقل عن موهبة أي أديب يكتب للطفل، إلى جانب التركيز على استرجاع مافي ذاكرة الأطفال من حكايا وقصص، ذلك أن المرحلة العمرية مابين 9-15عاما هي مخزون لأجمل مراحل حياة الأطفال، وهي التي يحبون أن يتحدثوا عنها دائما، ويتذكرونها بكل مافيها عندما يكبرون. والجديد في هذه المجموعة أيضا، استخدامها اسلوب «وجهات نظر الشخصيات» في أدب الأطفال، هذا الأسلوب الذي ارسى تقنياته عربيا الروائي نجيب محفوظ، ومحليا الروائي مؤنس الرزاز، فالقصة لدى كريمان تتألف من جزأين، الأول يشتمل على التداعيات والمونولوجات المرافقة لأفعال واقوال وحركات الطفل روّاد، بينما يشتمل الجزء الثاني من كل قصة على على التداعيات والمونولوجات التي تشكل ردة فعل شقيقته الطفلة روّاد، إزاء اقوال وأفعال شقيقها. وبأسلوب كريمان المشوّق والجذاب، ولغتها العربية الفصحى المستقاة من قاموس الأطفال اللغوي، وأسلوبها البسيط وغير المعقد، وسردها الجميل، وأجوائها المرحة التي تثير في نفوس الصغار السعادة والبهجة ، يعرف القراء ما يجري في حياة شقيقين:»ولد وبنت» من مشاحنات، تحمل البراءة والمرح والتجربة والعفوية، وفي الوقت نفسه تحثهم على التفاعل الاجتماعي، وعلى ممارسة الصفات النبيلة کالتعاون والمحبة وعدم الحاق الضرر بأنفسهم أو بالآخرين حتى لو كانوا أقرب الناس إليهم. ومن هنا تبرز جدوى قصص الأطفال لدى كريمان، فهي لا تكتفي بتقديم جرعات فكرية وترفيهية لهم، ولا تركز على التسلية والامتاع فقط، بل إنها تجعل من قصصها متنفساً لطاقاتهم الإبداعية الكامنة، وفتح عقولهم وانفعالاتهم المبكرة. الطفل في قصص كريمان يرسم لنفسه صورة كاريكاتورية او كوميدية مضحكة، فيها من الرأفة والفكاهة التي يصنعها هو لنفسه، في اثناء غياب كل الناس حتى أفراد الأسرة، غير أن تلك الفكاهة تحمل بين طِيَّاتها رسالة إنسانية تمتلك براعةٍ في النقد، وروحًا مرحة، لا تَخدِش الحياء، ولا تَسقط في فخ الهجاء. والطفل في هذه المجموعة، يمتلك طبيعة فضولية،الأمر الذي يجعله يقع في المشاكل؛ بسبب شغفه في استكشاف الأشياء المحيطة به، فهو يلبس حذاء شقيقته ذي الكعب العالي، ويلبس طاقية الطاهي العالية، ويكاد يبلع الصابون، ويرسم على الوجوه والجدران والأماكن غير المخصصة للرسم، وكلها قصص واقعية تساعد الطفل في التعرف على الآخر وعلى أشيائه ومشاكله وخصوصياته وكيفية اكتشاف الحلول. وبخصوص ما اشرنا إليه في البداية، أن هذه المجموعة تقدّم لنا ولدا وبنتا، فإننا نجد البنت مقموعة، مظلومة، وكل ما تملكه مباح وعبارة عن حقل تجارب للولد الذي يستقوي على البنت، ويغتنم فرصة غيابها ليمتلك ويجرب ويقلـّد كل شيء يخصها، لكنها لا تستسلم، فتعلم شقيقها وتقدّم له دروسا في الحياة، دون أن ننسى هنا، أن تجارب الأطفال تتيح لهم فضاء واسعا من المتعة والتسلية واللعب، بالإضافة إلى التعلم واختبار الأشياء وفهم خصائصها ووظائفها.