( رحيـــــــــــــلُكَ المُهنــــــــــــدَّمُ )
إلى / روح الشاعر الكبير محمود درويش
شعر : د . فهمي الصالح
لرحيلِكَ ...
كلُّ هذا البقاءِ يظلُّ
بأنَّكَ في أوطانِنا المشنوقةِ بالأسلاك
كنتَ حبلَ الطريقِ إلى بيوتِنا المنحوتةِ
بأحلامِ البنادقِ والحجر ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
كلُّ هذا الهدوءِ البليغِ يضجُّ به العنفوانُ
ستغرقُ العيونُ بالينابيعِ
تتبعُ صوتَكَ المحبوسِ في سجنِ القصيدةِ
لتطوفَ بهِ مبخرةُ البلادِ على البلاد ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
ألفُ سؤالٍ يدورُ في بيتِ البراءةِ
عن حجرٍ أغلى من ذهبٍ
وطريدةٍ أشرف من صيادٍ
وقراءةٍ يجهلُها معلمٌ
ووطنٍ كسَرهُ خائنون
وموتٍ سنابلهُ حياةٌ
وشاعرٍ قاومَ شياطينَ المخيلةِ والغزاةِ
بصدره العاري خسرَ المعاركَ وانّكَسَرْ
بحروفِ قصائدهِ الزاحفةِ انّتَصَرْ ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ المُهندَّمِ سيشربُ المتورمونَ
بالعوراتِ ما لا تُخفهِ حتى بدلاتُهم
المشتراةُ بالعملةِ الصعبةِ
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ العابرِ فوقَ إرادةِ السلطاتِ
سوف لا نقوى دونَ معناكَ على عبورِ
سلطةِ المستعمرين
حتى ولو في أحلامِنا البعيدةِ ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ الحاضرِ سوفَ ندونُ نقطةَ الغيابِ
حول ابتعادِنا الملحمي عن حضورِكَ الراحلِ
في لحظةِ انخسافِ البلاغةِ واشتعالِ المأساةِ
الشاسعةِ في فراغاتِ الحقولِ اليابسةِ
حين يشرئبُ الألمُ في ذكرى الأملِ ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ الشاعري
لا أدري حقاً لمنْ سيكونُ الغناءُ
أو البكاءُ ؟
ولمنْ سيَرضَى الوردُ
أنْ تُمنَحَ روحُهُ ؟
ولمنْ ستزقزقُ العصافيرُ حولَ قصائِد الدنيا
ومنفييِّ الوطنِ والكمنجاتِ الجميلات ؟
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ الجميلِ الضفةُ تمشي إلى جمالِها
بينما تبقى الهمراتُ العاهراتُ تلوثُ ضفافَنا
اليتيمةَ بالحرائقِ والشخابيط ..
* * * *
لرحيلِكَ ...
لرحيلِكَ الأخيرِ
اللوحةُ لم تَعُدْ جميلةً ولا مُعبّرةً
اللوحةُ مُلطخةٌ بالأوحال ..!
8/8/2008