اختتام فعاليات "مهرجان عجلون الثاني للشعر العربي"
اختتمت مساء الاثنين 12/5/2014 فعاليات "مهرجان عجلون الثاني للشعر العربي" الذي أطلقته رابطة الكتاب الأردنيين في عجلون بالتعاون مع جامعة عجلون الوطنية في مدرج عز الدين أسامة في الجامعة، برعاية الأستاذ الدكتور أحمد نصيرات رئيس الجامعة، على مدار يومين، بواقع جلستين في كل يوم، وبمشاركة نخبة من الشعراء. إضافة إلى مشاركة متميزة للفنان المغيرة عياد الذي قدم وصلة موسيقية راقية، وغنى عددا من القصائد المشهورة والموشحات في ختام المهرجان.
وكان المهرجان قد افتتح يوم الأحد الماضي بكلمة للدكتور موفق محادين رئيس رابطة الكتاب الأردنيين ثمن فيها مساهمة جامعة عجلون الوطنية في الارتقاء بالثقافة في عجلون، ومشاركتها المباركة لفرع الرابطة في هذه المدينة الخلابة لإنجاح فعاليات مهرجان عجلون الثاني للشعر العربي. ثم قدمت الدكتورة مريم جبر فريحات عميد كلية الآداب في جامعة عجلون كلمة باسم الجامعة أكدت فيها على أهمية هذه النشاطات الثقافية في الارتقاء بالمجتمع وترسيخ صورته الراقية.
بعد ذلك بدأت الجلسة الأولى من جلسات المهرجان برئاسة الدكتور يوسف ربابعة، وقرأ فيها الشاعر علي النوباني الذي قدم قصائد تبحث عن قيمة الذات في الوجود، وتؤكد على حيرة الإنسان ومعاناته الوجودية والحضارية. كما قدم الشاعر علي شنينات قصائده التأملية القصيرة التي تحاور مفردات الكون، أما الشاعر موسى حوامدة فقرأ قصائد تأملت الموت، وتجربة الإنسان في مواجهة قسوته، مؤكدا على تآلف الشاعر الحديث مع تجربة الموت، وقراءتها دون خوف. ثم قدم الدكتور عماد الضمور ورقة نقدية بعنوان "الموت في الشعر الأردني الحديث" أكد فيها على أهمية هذه القصيدة التأملية المنطلقة من أبعاد وجودية والتي تلامس خلفيات فلسفية وأسطورية، مطبقا نظراته وتأملاته على ديوان الشاعر سلطان الزغول "في تشييع صديقي الموت" بما يحويه من مفارقة، وقدرة على قراءة تجربة الموت قراءة وجودية عميقة.
في الجلسة الثانية من جلسات المهرجان، والتي أدارها الباحث عبد المجيد جرادات قرأ أولا الشاعر الدكتور محمد مقدادي الذي قدم قصائد عمودية متينة في بنائها، خاض عبرها في عوالم محلقة، ملامسا مناطق شفيفة في جنبات الذات العربية المعاصرة، الممزقة والتائهة في خساراتها. ثم قدمت الشاعرة مناهل العساف قصائد شفيفة، تبحث في علاقة الإنسان الروحية بالعالم وخالقه، وتحاول العبور إلى مناطق دافئة ومحلقة وعلوية. أما الشاعر نضال برقان فكان أكثر قربا من الواقع، وإن أطل على خسارات روحية يعانيها الإنسان المعاصر ويجهد في سبيل تعويضها. ثم قرأ الشاعر السوري محمد طكو قصائد مباشرة وبسيطة في مضامينها.
في اليوم الثاني والأخير بدأت الجلسة الأولى التي أدارها الشاعر مهدي نصير بقراءة للشاعر أحمد الخطيب الذي حلق في فضاءات عامرة بالجمال والمفارقة اللغوية، والذي قدم قصائد مدهشة في هندستها وتآلف ألفاظها. ثم قدمت الشاعرة الدكتورة إيمان عبد الهادي قراءة محلقة في عوالم جمالية زاخرة بالدهشة، وسبّحت في فضاءات علوية ساحرة. بعدها قدم الشاعر نضال القاسم قصائد حداثية تلامس معاناة الإنسان المثقف في عالم لا يعنى كثيرا بإنسانية الإنسان، خاصة في مواجهة غول المدينة الذي يسبب للغريب عنه حيرة وذهولا. وذلك قبل أن يقدم الدكتور عبد الرحيم مراشدة ورقة نقدية بعنوان "تمثلات الهايكو في القصيدة العربية-نضال القاسم نموذجا" حيث عرّج فيها على اهتمامات قصيدة الهايكو بالطبيعة، وإن انطلقت من منطلقات وجودية عميقة، بعيدة عن منطلقات الرومانسيين أو العرب ما قبل الإسلام، مؤكدا أن نضال القاسم قد قدم نماذج مهمة على تأثيرات الهايكو في القصيدة الأردنية والعربية الحديثة.
تلا ذلك الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور اسماعيل القيام، والتي قرأ فيها أولا الشاعر الدكتور حكمت النوايسة الذي قدم قصيدة مطولة لامست وجع الشام ومعاناتها عبر تجربة جمالية عميقة ومؤثرة وموغلة في إنسانيتها، ومن خلال بناء لغوي متميز. ثم قرأت الشاعرة الدكتورة مها العتوم قصائد شفافة، تعنى بالتفاصيل الإنسانية الحميمة، وتؤكد على قيم الحب والجمال، قبل أن تحلق عبر نص مدهش يتعرض لعلاقة الإنسان بالزمن، وقدرته على مواجهة سطوته. وكان آخر الشعراء الدكتور علي هصيص الذي قدم مطولة شعرية لامست الوجع العربي المقيم، وخاضت في تفاصيل عابرة للتاريخ والأسطورة والكتب المقدسة.
وفي الختام وزع رئيس جامعة عجلون الوطنية الشهادات التقديرية على المشاركين، كما قدم الدكتور سلطان الزغول رئيس فرع الرابطة في عجلون كلمة عبر فيها عن شكر الرابطة العميق لجامعة عجلون على استضافتها فعاليات هذا المهرجان. قبل أن يهدي درع الرابطة لرئيس الجامعة تقديرا لجهوده في رعاية الثقافة في عجلون.
يذكر أن فرع الرابطة في عجلون قد أصدر بيانا ثقافيا على هامش المهرجان هذا نصّه:
بيان ثقافي صادر عن فرع رابطة الكتاب الأردنيين في عجلون
على هامش مهرجان عجلون الثاني للشعر العربي
ينظر فرع رابطة الكتاب الأردنيين في عجلون باستهجان لبعض الأصوات التي خرجت تدعو إلى مقاطعة مهرجان عجلون الثاني للشعر العربي الذي تشرف عليه. وتؤكد على ما يلي:
أولا: هذا المهرجان ابن شرعيّ لعجلون التاريخ والعراقة والأصالة والجمال. ولا يمكن لبعض من ينكر هذه الحقيقة الراسخة أن يلغي عنه هذا النسب السامي.
ثانيا: يحق لرابطة الكتاب الأردنيين في عجلون أن تدعو من تشاء من الشعراء العرب، من ينتمي منهم إلى الأردن بجهاته الحبيبة كلها، ومن ينتمي إلى أي قطر عربي آخر من أقطار الوطن العربي الكبير. فعجلون سرة الأرض، وبوابتها إلى السماء كما يؤمن أبناؤها المخلصون. وقد اتخذت الهيئة الإدارية لفرع الرابطة في عجلون معيارين أساسيين لاختيار الشعراء المشاركين هذا العام. أولهما أن يكون الاسم المطروح للمشاركة لشاعر لم يشارك في الدورة الماضية. والثاني أن يكون شاعرا على سوية أدبية تؤهله للوقوف على منبر هذا المهرجان. وبما أن رابطة الكتاب الأردنيين هي الجسم الثقافي الشرعي الذي يعترف به العالم أجمع ممثلا للأدباء والكتاب الأردنيين، فقد ارتأينا أن يكون الشاعر الأردني المشارك عضوا في رابطة الكتاب الأردنيين.
ثالثا: يدعو فرع الرابطة في عجلون بهذه المناسبة بعض المواقع الإلكترونية إلى عدم التورط في الثقافة السطحية الملوثة للعقول والأفكار، وذلك باتخاذ معايير أدبية لنشر المواد التي تدعي انتسابها إلى الشعر بشكل خاص، والأدب بشكل عام، احتراما لعقل المتلقي، فعجلون زاخرة بالمختصين القادرين على إفادة تلك المواقع في مدى صلاحية أي مادة ثقافية للنشر.
رابعا: يتعهد فرع رابطة الكتاب الأردنيين في عجلون أن يستمرّ محافظا على ثوابته الأصيلة في الانحياز إلى الثقافة الجادة، وترسيخ قيمها الراقية، والنظر إلى الأمام في سبيل النهوض بالمجتمع جماليا بعيدا عن أي زبد وغثاء. "فأما الزبد فيذهب جفاء. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" صدق الله العظيم.