( التقديم ))
رحلة بين الكلمات ...... رحلة في عقل القلم
للمرة الثانية أقوم بنفس الرحلة بين الأفكار والكلمات .. مستمعاً وقارئاً ومتعمقاً، لأتشرف بكتابة التقديم للكتاب الثاني من إبداعات الكاتبة العراقية التي أعتزُ بشخصها وأفتخرُ بالتقديم لها .. اتفاقاً مع مبادئها وتضامناً مع نُصرتها للمرأة .. وتبنيها لرحلة كفاح المرأة بصفةٍ عامة، والمرأة العربية والعراقية بصفةٍ خاصة ..
فكما تتلاقى الأرواح في السماء تتلاقى الأفكار في العقول وتتوافق .. مهما بعُدت المسافات واختلفت الثقافات.
وبنفس الصحبة من أهل الفكر والإبداع في شخص الكاتبة المبدعة والباحثة العراقية المتميزة ... زاهدة مُلا مردان العسّافي ... مؤلفة الكتاب وصاحبة الفكرة ..
وأصحاب الفضل ورفعة المقام في شخص سعادة القاضي الجليل ... عواد حسين ياسين العبيدي ... بمحكمة البداءة بالعراق إبداءً للرأي والمشورة المتخصصة في علم القضاء والقانون ومراجعةً وتوثيقاً لما يخص القضاء في هذا الكتاب ..
وأهل اللغة وألق الحرف في شخص الأستاذة ... مها أمين الخيّر (صاحبة المقام الرفيع في اللغة العربية) ... تدقيقاً وضبطاً للكلمات وتنسيقاً للمعنى وترتيباً للفقرات والفصول وتوثيقاً للمصادر والمراجع من الجمهورية العربية السورية ..
وصاحب الملكة الإبداعية الخلاقة السيد ... وزال حسين خان... من دولة بنجلاديش الذى قام بتصميم الغلاف بإبداع فني متميز معبراً عن مضمون الكتاب وفحواه .. على الرغم من اختلاف لغته البنغالية والإنجليزية عن لغتنا العربية، إلا أنه أبدع تصميم الغلاف بتكويناته اللونية ورموزه المعبرة ..
وإن أهمية هذا الكتاب لا تكمن في قوة العنوان فحسب .. بل في قوة المضمون أيضاً من حيث تناول المفاهيم الراسخة للقضاء .. إحقاقاً للحق بالعدل والمساواة بالقوة والحزم زجراً وردعاً .. وبالرحمة والرأفة بروح النص والقانون تهذيباً وإصلاحاً..
ورفعة الأوطان لا تكون إلا بتحقيق العدل، ولا ديموقراطية بغير عدالة، ولا عدالة بغير قضاء حصين مستقل يُعطي كل ذي حقٍ حقه ويُحدد الواجبات والالتزامات على أساس المُساواة في الجنس والعرق والدين.
تلك المفاهيم التي نصت عليها كل الأديان السماوية ونادت بها كل المواثيق والمعاهدات الدولية ومواد ونصوص القوانين الوضعية على الأرض في كل المجتمعات.
في تقسيم جيد لفصول هذا الكتاب اهتمت الكاتبة بتسليط الضوء على دور المرأة العراقية في القضاء والسياسة بالعراق في مراحل زمنية مختلفة ومتنوعة سياسياً واجتماعياً في العهد الملكي والجمهوري وفترة التحول السياسي بعد عام 2003م، والتغيرات العاصفة والجذرية في الحياة السياسية والاجتماعية في العراق.
فخراً بالمرأة العراقية والقاضيات العراقيات تناولت الكاتبة بالشرح والتفصيل مراحل خوض المرأة العراقية الكثير من الحراك الاجتماعي والسياسي والارتقاء العلمي حتى اعتلت منصة القضاء. فمنذ تأسيس المعهد القضائي في العراق أول تشرين الثاني عام 1976م، الذي ساهم في إعداد العناصر القضائية من قضاة ونواب مدعي عام، التحقت العديد من السيدات بالدراسة في هذا المعهد من الدورة الثانية مباشرة ومن أبرزهن:
ـ القاضية السيدة باكزة عبد القادر محمد علي، التي عملت قاضية في المحاكم المختلفة حتى ترأست محكمة أحداث الكرخ.
- السيدة سعاد عبد الوهاب محمد الدباغ، التي عملت قاضية في محاكم الجنح والأحداث وعضواً في محاكم الجنايات .. إلى أن وصلت لمنصب نائب رئيس لمحكمة الاستئناف. وقد ساهمت في العديد من البحوث والدراسات القانونية.
- السيدة ساجدة محمد محمود الكبيسي، وقد عملت قاضية في المحاكم المختلفة للجنح والاستئناف، ومشرفاً قضائياً في هيئة الإشراف القضائي إلى أن وصلت لمنصب نائب رئيس استئناف بغداد عام 2000م. وشاركت في العديد من المؤتمرات القانونية وساهمت بالعديد من البحوث والدراسات.
تولت المرأة العراقية العديد من المناصب السياسية وشاركت في صُنع القرار عبر التمثيل البرلماني في المجالس النيابية والتمثيل الديبلوماسي والمناصب التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني في خدمة الأهل وتقدم وازدهار الوطن.
وإذا كنت توليت مهمة التقديم والإخراج الفني والأدبي لهذا الكتاب .. وقد اكتملت أمامي عناصر قوة هذا الكتاب من حيث قوة الفكرة وعمق المضمون للمؤلفة الفاضلة ... والتدقيق والمراجعة القانونية لمعالي القاضي الجليل عواد العبيدي ... ونقش الحروف والعزف على الكلمات ضبطاً لغوياً وتنسيقاً لفصول الكتاب للأستاذة مها الخيّر ... ومن حيث تصميم الغلاف فكانت هذه اللوحة الفنية البديعة التي ضمت في إطارها رمز الوطن وانطلاقة المرأة وشموخ القضاء ..
فقد انتهت رحلتي بين الكلمات في هذا الملتقى الفكري والأدبي بالتقدير والاعتزاز لكل من شارك في هذا الكتاب من العالم العربي العراق وسورية وجمهورية مصر العربية.
عاشت مصر وكل الوطن العربي بالمحبة والأمان والسلام.

الكاتب الصحفي
ناصر محمود
جمهورية مصر العربية