|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
بقلم الروائية فتحية الهاشم ........... الحجر الصحّيّ استدراج الذّات للتّصالح معها
عاشقة
الصحراء :
للعمر موجباته وإرهاصاته واكراهاته أيضا و للتّجربة الحياتيّة والإنسانية تراكماتها هي الأخرى ، لسائل أن يسأل ما هو الرّابط بين ما سبق ذكره و الحجر الصّحّي أو الحظر أو منع الجولان و قد تختلف التّسميات و تتباين و لكنّها تلتقي في معنى يكاد يكون موحّدا أو تشترك فيه و تلتقي كلّ هذه النّواهي ألا وهو تقييد الحركة و عدم الخروج للشارع أو التّزاور أو ارتياد المقاهي و الملاهي و كلّ الأماكن العامّة و هذا أصلا ليس من أولويّاتي و لا من عاداتي المحبّة لنفسي ، لذلك وجدتني غير مهتمّة كثيرا بما يحدث حولي إلآ من النواحي الصّحيّة فقط أو في فقدان التّواصل مع ابنتيّ و حفيدتي التي أظلّ أحضن صورتها في هاتفي الجوّال و أناغيها و ألاعبها و أعيد تسجيل الفيديو الذي ترسله لي ابنتي كلّ يوم عشرات المرّات ... ليلوشتي أفتقدها جدّا و أحتاجها جدّا و أتمنّى أن تملأ البيت بضحكاتها و مشاغباتها ، ما عدا ذلك يهون ، فأنا بطبعي قليلة الأصدقاء بل هم يعدّون على أصابع اليد الواحدة ، معارفي كثر و من أتعامل معهم ثقافيّا أكثر و لكنّ أصدقائي الخلّص على قول الشاعر يوسف رزوقة قلّة قليلة ، ألم أقل لكم قبل أن يأخذنا الحديث بعيدا أنني قد قمت بالحجر الذّاتي و العاطفيّ و الاجتماعيّ منذ مدّة ،بين الصداقة والحبّ مثل حدّ السّيف أو الشّعرة لذلك أختار أصدقائي بدقّة متناهية ، لذلك لم ترهقني إجراءات الحظر الصّحّي ، أبدا بل هي ساعدتني كثيرا و جعلتني أتمّ أعمالا عالقة منذ زمن : ظلّ اللّه ــ هي ألان في اللّحظات الأخيرة و الفضل يعود للحجر الصّحّي ما تركته منذ عام شارفت على إنهائه في شهرين ، روايتي الخامسة التي تحوّل أكثر من نصف أحداثها إلى القبض على أدقّ تفاصيل التّفاصيل للكورونا أو السيدة ك على قول الناقد البشير الجلجلي ، هي ليست تفاصيل صحّيّة و لا طبّيّة و لكنها الامساك بلحظات مميّزة و فارقة و معالجتها بطريقة ساخرة / باكية أو هكذا بدا لي ، طبعا أترك كلّ التفاصيل للقارئ و الناقد الذي سيكتشف أيضا ماضي فتون السياسي و بعض ما عاشته مع الاخوان المسلمين حاضرا و ماضيا و هذا طبعا من فضائل الكورونا عليّ و لن أنسى طبعا " الشّطار" و لا " لقيطة اسطامبول " و لا محمد شكري و لا أليف و التّرك و لا المغاربة و لا جبرا ابراهيم جبرا و لا " إغراء المسيح الأخير " ... فهل يعتبر ما عشته و أعيشه حجرا أم هو رحلة كتابة و قراءة و مراجعة لما قرأته بعيني الناقدة و المحايدة و جدتني فعلا ألهث بين النّصوص و أمسك بهذا لأرمي به بسرعة و أمسك بالاخر حتى أجد ظالتي ، ما قرأته بعين العشرين لم أجد فيه لذّة عين الخمسين ، فعلا ما كنت أعتبره قدوتي في الرواية نفضت منه عقلي و ما كنت أظنه رائدا وجدته مبتدئا ، هناك من سيتهمني بالغرور و الغلوّ و المبالغة في الحكم على ما قرأته و له ذلك طبعا و من حقّه ، لكنني مساعدّة للدّفاع عما أعتقدة حتى اللاحدّ... الحجر الصّحيّ و ما ادراك ما هو ، أنا أعشق المدينة العربي و أنا أقطن أمام قصر خيرالدين باشا ، ذاك المتحف الذي تزيّنه اللوحات و توشي جدرانه كالقبل ، أقف في نافذتي و أرنو لنوافذه المشرعة على الصمت و أنصت له يضجّ بالألوان فأشرّع عينيّ على الاتي و أتمنى أن أمسك بفوضاه بين كفّيّ فيتسرب الأحمر و الأسود و البني و يسيل البياض الشفيف حتى يصل إلى قدميّ فأطير فاردة يديّ محلّقة فوق فقاقيع ملونة بالأمل و الحبّ . كلّما استبدّ بي الشوق لزرقة الأبواب و عبق البخور هربت للقصبة ليلا صحبة ابني ، الضّوء الأصفر يحملني متوضّئة بالنور حدّ " مقام سيدي بن عروس" و يعرج بي على جامع الزّيتونة ، أركض وسط الأزقّة الحلزونيّة و أيوب يحاول مسايرتي في هبلي و جنوني ، أمسك بزرقة الأبواب متلصصة على لهفتي فأهرب إلى شقوق الجدران و أختبئ من لصوص الوطن والحبّ و الحرّيّة ... أجري و أجري و أجري و لا أتوقف حتى أصل إلى " بير الأحجار" أستند إلى الزّيتونة المركونة للحزن هناك وسط الساحة و أهمس لها : جيتك هاربة بهمومي ، نلقى همّك مالو مثيل ، يا أمّ القلب المسوّس ، الخايخ و الصدر العليلْ".و أعود للبيت و أنا أتمنى للإنسانية ، كل الانسانية السلامة من السيدة ك التي منحتنا الفرصة كي نتصالح مع ذواتنا و أن ندوزن حياتنا على وقع المحبة من جديد .
الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الجمعة 08-05-2020 12:23 صباحا الزوار: 585
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
في الزمن العجيب... بقلم الأستاذة هيام ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | إدارة النشر والتحرير | 0 | الخميس 31-08-2023 |
بقلم الشاعرة والاديبة امال الضويمر مقالة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 24-08-2023 |
في رحاب القرآن الكريم بقلم الأستاذة : ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 19-04-2023 |
المرآه والمشاركة المزدوجة بيرق الحب ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 20-09-2022 |
قطفةُ محبة قائظة طازجة ... بقلم الشاعرة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 20-08-2022 |
بقلم هيام فؤاد ضمرة مقالة بعنوان أحلام ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 01-03-2022 |
بقلم الكاتبة والشاعرة آمال الضويمر مقالة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 26-11-2021 |
حقوق الزوجات ... وماذا بعد ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 13-06-2021 |
بقلم الكاتبة والاديبة العراقية زاهدة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 21-04-2021 |
بقلم الكاتبة والاديبة العراقية زاهدة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 03-03-2021 |
بطاقة تهنئة الى مؤسسة عرار بمناسبة حلول ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 26-12-2020 |
بقلم الكاتبة كارين العاشق مقالة بعنوان ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الإثنين 14-09-2020 |
قراءة سيميائية في "فيوض ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 11-09-2020 |
اطفال الانترنت .. عالم تباعدت فيه الهوة ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 02-08-2020 |
بقلم الشاعرة والقاصة التونسية هدى كريد ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 02-04-2020 |