علي القيسي

صدر حديثا كتاب «على حين نبضة» للكاتبة ميسون الباز، يتضمن نصوصا أدبية، صيغت بأسلوب الخواطر بلغة راقية، وعبارات جميلة، تعبر عن كم إنساني باذخ، ومشاعر مرهفة تعكسها المعاني المغلفة بالألفاظ المعبرة.

«على حين نبضة» هو عنوان الكتاب، وهو العتبة الأولى لدخول عالم الكتاب المفعم بالمسائل الحياتية، فالعنوان يدلل على الحياة والإنسان الفرد الذي ينبض قلبه بالفرح والأمل والحياة في شهيقها وزفيرها، فالنبض والنبضة تختص بالقلب وضغط الدم وصحة الإنسان، وهي أهم ما في الحياة من ناحية فيزيولوجية مادية، والكاتبة اختارت هذا العنوان الحساس الحيوي والمرهف، للمقاربة بين إنسانيتها ورقتها وأطباعها وأخلاقها النبيلة، وما تواجهه في حياتها من تحديات وصعوبات لا تنسجم مع سلوكياتها المبنية على الفضيلة والصدق والاستقامة.

فصفحات الكتاب تحمل عناوين بارزة كلها تتعلق بالحياة والمجتمع والناس بشكل عام، فهي تتحدث عن الغربة وقساوتها على الإنسان خاصة الغربة داخل الشخص، والغربة عن الوطن والأهل، وبالتالي الغربة بعد الرحيل والغياب، تقول الكاتبة؛ (نعيش غربتنا منذ لحظة الوجود الأولى على أرض الشقاء، ومنذ أول صرخة بكاء).

صفحات المؤلف تطفح بالمقالات والنصوص الكثيرة التي تتعلق بالإنسان ومن حوله وتلك المواقف الاجتماعية والعائلة والجيران والأهل والأصدقاء والأفراح والأتراح، والعلاقات بين أفراد المجتمع.

هناك الحديث عن الأم، والعيد، والأمل، والطفولة، والانتظار، والخذلان وغير ذلك من العناوين الجادة التي شكلت كتابا أدبيا نبيلا.

في قراءتي لهذا الإصدار النابض بالعبارات والمعاني الأدبية وجدت أن الكاتبة على درجة كبيرة من الإبداع، ومتمكنة من التعبير الدقيق للمعاني، وتمتلك لغة ثرية، وعواطفها صادقة، لا تصنع ولا ابتذال، وهناك بين السطور توظيف للتراث الديني في بعض الكلمات والعبارات.

وثمة الأسلوب في النصوص يسير بهدوء وثبات، ويشجع المتلقي على القراءة حتى النهاية، فالأسلوب جميل، أما الفكرة في هذه العناوين فقد لاحظت أن الكاتبة تطرح الفكرة صغيرة ثم تقوم بتكبيرها بالألفاظ والبناء عليها وتجعلها مستقلة بذاتها فلا تشرك معها أفكار ومسارب أخرى وهذا ليس أمرا غريبا، ولكن تطعيم الفكرة الواحدة وجعلها تشتبك مع متضادات ومفارقات أخرى يزيد من قوة العبارات والمقالات والخواطر بشكل عام.