|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
المـــرأة فــي الـــباديـــة الأردنـــيــة دراسة من اعداد الأستاذة : جمان مجلي
مقدمة:يشكل مجتمع البادية الأردنية بخصائصه، ومكوناته كافة جزءا لا يتجزأ من المجتمع الأردني، ويمثل انعكاسا للبيئة الصحراوية بكل ما تحمله من ظروف بيئية ومناخية، عاشقة الصحراء :انطلاقا من أن الإنسان هو وليد بيئته، وبالتالي فان البيئة الصحراوية التي تمثل نمطا وظروفا، وخصائص معينة، صبغت مجتمعات البادية الأردنية بها، فالمجتمع البدوي يستند في تكوينه، وتركيبته إلى البداوة كعنصر مشكل، ومكون لذلك المجتمع، وقد يخلط الكثيرون بين الفلاحين، وبين البدو المستقرين، لذلك اختلف تصنيف البدو عن غيرهم، لاختلاف المعايير، والأسس التي يعتمد عليها في التصنيف. ويعد تصنيف ابن خلدون الذي يعتمد معيار سبل العيش، ونوع الماشية التي يعتمدون عليها بشكل اساسي في حياتهم، ومعيشتهم حيث يقسم البدو الى قسمين : البدو الجمالة، وهم البدو الرحل الذين يتخذون من الإبل وسيلة أساسية في حياتهم، والذين يعبرون عن اعلى درجات البداوة، وعدم الاستقرار، وثانيا: البدو الغنامة، وهم الذين يهتمون برعاية و تربية الاغنام و الماعز، ولديهم الرغبة في الاستقرار اكثر من البدو الجمالة، لذلك يعتبرون نصف رحل، وذلك لعدم تحمل حيواناتهم ما تتحمله الجمال عند البدو الجمالة، حيث ينتقلون حسب وجود المياه و الكلأ في فصلي الشتاء و الخريف، و يعتمدون على الزراعة، و الرعي نمطا للمعيشة، بحيث يعودون لمنازلهم في فترة الحصاد في نهاية فصل الربيع. ويتمتع البدو الجمالة بمنزلة، ومكانة اجتماعية عالية، تعطيهم القوة و السطوة على القبائل الأخرى، استنادا إلى أهمية الجمل ومكانته في المجتمع البدوي. والبداوة، هي خلاف الحضر، والنسب إليها بدوي. حسب ما ذكر ابن منظور في قاموسه لسان العرب، وأكد ذلك الالوسي، الذي فهم البداوة بأنها الإقامة في البادية، بخلاف الحضر. وبينما يرى محي الدين صابر: ان البداوة ـ بمفهومها العام ـ هي نمط الحياة القائم على التنقل الدائم للإنسان في طلب الرزق حول مراكز مؤقتة ، ويتوقف مدى الاستقرار فيها على كمية الموارد المعيشية المتاحة فيها من ناحية ، وعلى كفاية الوسائل الفنية المستعملة في استغلالها من ناحية ثانية، وعلى مدى الأمن الاجتماعي والطبيعي، الذي يمكن أن يتوافر فيها من ناحية ثالثة. يرى حليم بركات" ان البداوة نمط معيشي متميز يقوم في اساسة على تربية المواشي والإبل، والرعي والترحال، بحثا عن الكلأ والماء، ويتلاءم مع البيئة الصحراوية، حيث نشأ هذا النمط في البادية، وتكون تاريخيا نتيجة لتفاعل دائم، و عبر زمن طويل مع هذه البيئة، التي ـ بدورها ـ حددت حجم الجماعات وأصنافها وتوزيعها، وأساليب معيشتها وثقافتها وعاداتها وأعرافها. و تشكل المرأة البدوية عنصرا أساسيا، ومؤثرا في تركيبة المجتمع البدوي، اذ تمثل ما نسبته 48% من إجمالي سكان البادية الأردنية، حسب التقديرات السكانية للعام 2004م. ويمكن تعريفها إجرائيا: بأنها المرأة التي تسكن البادية الأردنية، وتنتمي الى العشائر البدوية الأردنية المقسمة بحسب المادة 3 من نظام رقم (42) لسنة 2001 ( نظام تقسيم الدوائر الانتخابية، والمقاعد المخصصة لكل منها ) . وتستمد المرأة البدوية مكانتها من نسبها واصلها، وقدرتها على الإنجاب، وبخاصة إنجاب الذكور انطلاقا من النظرة البدوية التقليدية، التي ترى ان الأبناء الذكور يمثلون مصدر قوة، وعز وتفاخر للقبيلة. وامتازت المرأة البدوية تاريخيا بدور فاعل، ومكانة مرموقة في المجتمع البدوي، لقيامها بادوار كبيرة من الناحية الاجتماعية، والاقتصادية، حسب معايير المجتمع البدوي ومحدداته. إلا انه في ظل انحسار البداوة كنمط حياة معيشي، وجغرافي، يفتقر لمقومات الحياة الأساسية، نتيجة للمتغيرات والتطورات الاجتماعية، و الاقتصادية و السياسية، والثورات الإعلامية التي اثرت في المجتمع البدوي، والتي تشكل بموجبها واقع جديد للمرأة البدوية، تغيرت فيه الأدوار، والمكانة السابقة للمرأة. عند البدء بالإعداد لهذا البحث استعرضت الكثير من التقارير، والأبحاث والدراسات السابقة علني اجد فيها شيئا يشير الى البادية الاردنية بشكل خاص، فلم اجد بحثا يتناول البادية بشكل تفصيلي، يمكن الاعتماد عليه في التعرف على واقع المراة في البادية الأردنية، ولكني وجدت عددا من الإحصاءات والأرقام، والدراسات التي تتناول المرأة الأردنية بشكل عام، كما وجدت بعض الرسائل الجامعية، وهي جهود مشكورة، ومميزة، وقد يعود ذلك الى كون البادية الاردنية تابعة اداريا لمحافظات مختلفة، فهي مقسمة الى بادية شمالية و وسطى و جنوبية، لأسباب انتخابية فقط، و كذلك يعود الى بعد المسافات، و ضآلة الخدمات فيها، إضافة إلى ما تعانيه البادية من الفقر و البطالة.
الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية والسياسة للمرأة البدوية
الوضع الاقتصادي:
تشارك المرأة البدوية الرجل في ممارسة بعض الاعمال الاقتصادية، التي تسهم في مساعدة الزوج والأسرة على تحمل أعباء الحياة ، فالنشاطات الاقتصادية ونوع العمل وحجمه، الذي تقوم به، والذي يتميز بالصعوبة والمشقة، لا يتناسب مع تكوينها الجسدي، وطبيعة المرأة كأنثى على وجه العموم ، اذ تلعب التنشئة الأسرية دورا مهما في تنميط الدور الاقتصادي حسب النوع الاجتماعي، ودور الأم في الأسرة هو الموجه الرئيسي في تنميط هذا الدور . إن الصورة النمطية لدور المرأة الاقتصادية في منطقة البادية، يمتاز بالتهميش موازنة بدورالرجل، كونها تقوم بأعمال غير مأجورة، واعتبار هذا الدور امتدادا لإعمالها المنزلية . فالعمل المنزلي غير المأجور الذي تقوم به المرأة يشكل ثلث الإنتاج الاقتصادي في العالم، وان ساعات عمل المرأة تزيد على ساعات عمل الرجل بنسبة 30% عندما يحسب العمل الزراعي، والعمل المنزلي إلى جانب العمل المأجور. وقد احتلت المرأة البدوية مكانا مهما فيما يتعلق بالنشاطات الاقتصادية الإنتاجية سواء العمل داخل المنزل أو خارجه ، وتتسم الأعمال التي تقوم بها المرأة البدوية بالتنوع و الموسمية . وتمارس المرأة البدوية أعمالا يومية شاقة، تلبي حاجات منزلها وأسرتها، كرعاية الأطفال، وتحضير الطعام، ونقل الماء وجمع الحطب، وغيرها من الأعمال، والتي تمارسها بصفة مستمرة، ولساعات طويلة ، إضافة إلى ممارسة أعمال موسمية تشكل مصدرا إنتاجيا للأسرة البدوية، التي تتميز باستهلاكها للوقت، ومن ابرز تلك الأعمال منتجات الألبان كاللبن واللبنة والجميد والسمن، والتي بدورها تشكل مصدر دخل للأسرة البدوية، وتقوم المرأة بعملها اساسا . إضافة إلى قيامها بأعمال المنزل والنسيج، الذي يمثل حرفة يدوية تمارسها المرأة البدوية، ويتم توارثها عبر الأجيال، والأعمال التي تمارسها تحتاج لساعات طويلة من العمل، تتسم بالتنوع، وتشكل مصدرا إنتاجيا للأسرة البدوية، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة المرأة الموظفة في البادية تصل الى 27% ، وتمارس 70% من الاعمال المنزلية، و3% منهن يقمن بأعمال أخرى كالخياطة . ان توزيع العمل في المجتمع البدوي، لا يقوم على الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة، حيث تقوم المرأة بالأعمال الصعبة والشاقة التي تتطلب القوة والصلابة الجسدية، والتي تتناسب مع الطبيعة البيولوجية لها، بل يتم تقسيم العمل في المجتمع البدوي على أساس النوع الاجتماعي، فالأعمال السابقة التي تقوم بها المرأة البدوية تنمط من خلال التنشئة الاجتماعية، فإذا كان تنميط ادوار النوع الاجتماعي بشكل عام يتم عن طريق التنشئة الأسرية، ومؤسسات المجتمع المدني كالمدارس، ووسائل الإعلام فان العامل الرئيس في تنميط ادوار النوع الاجتماعي في المجتمع البدوي هو التنشئة الأسرية القائمة على جهود الأم . فدور المرأة البدوية الاقتصادي من خلال قيامها بممارسة الأعمال المختلفة، وخصوصا الإنتاجية يمنحها دورا كبيرا في المشاركة بالقرارات الأسرية والمنزلية، كما يمنحها شعورا بالاستقلالية، والإحساس بالقيمة والعطاء ، فمشاركة المرأة في القرارات الأسرية يأتي من إسهامها في تأمين احتياجات أسرتها ومنزلها، مما يضعها في حالة من الاستقلالية والثقة بالنفس، وعدم الاعتماد على الآخرين .
الوضع الاجتماعي ( المكانة والدور الاجتماعي للمرأة البدوية ) :
تمثل المكانة الاجتماعية جزئية من الثقافة العامة، وتستمد من الوضع في الجماعة، أو المجتمع، وتعتمد على الأشخاص والأدوار في نظر المجتمع، فالنظرة العامة للمرأة البدوية داخل المجتمع البدوي، تتمثل بالنظر إليها كانسان ضعيف بحاجة للحماية الدائمة، على الرغم من تميزها بالقوة الجسدية والعاطفية، والتي تساوي قوة الرجل أحيانا عند الموازنة بطبيعة الأعمال التي تمارسها، إلا أن دورها يبقى مهشما، نتيجة للنظرة الاجتماعية التقليدية تجاهها، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى ان نسبة المراة البدوية المتزوجة تصل الى 87%، وتمثل الأرامل نسبة 13%، الأمر الذي يشير الى ان غالبية النساء في البادية هن من المتزوجات. ولاستمرارية الحياة، ومواجهة متطلبتها تتكامل الادوار بين الرجل، وبين المرأة في المجتمع البدوي وصولا إلى تكامل حياتي معيشي، يضمن استقرار الحياة الأسرية واستمرارها. وتعتمد المكانة، والدور الاجتماعي للمرأة البدوية على المراحل العمرية لها بحيث يتاثران بانتقال المراة من مرحلة، ووضع اجتماعي إلى وضع اجتماعي اخر، فمكانة الزوجة أعلى من مكانة الفتاة الشابة أو الطفلة، ومكانة المرأة التي أنجبت اعلى من المراة التي لم تنجب بعد. وهكذا إلى أن تصل المرأة إلى مرحلة الشيخوخة، التي تمثل تحررا من جميع القيود الاجتماعية التي يفرضها المجتمع البدوي. تتميز المراحل العمرية المختلفة للمرأة البدوية ببعض الحقائق، التي تتبع المرحلة العمرية، فهي لا يحتفل بها عند ولادتها كما يتم الاحتفال بالرجل (الذكر ) عند ولادته، وذلك تبعا للنظرة التقليدية المتمثلة بأهمية المولود ( الذكر ) في زيادة الفروع القبيلة، واستمراريتها وقوتها ومكانتها. ولاحقا في مرحلة المراهقة تكون الفتاة مؤهلة لإدارة شؤون المنزل، ومساعدة والدتها، لتتحمل معها المسؤولية، وتكتسب الخبرة مبكرا، وتتميز مرحلة الزواج للفتاة بخاصية تكاد تكون شبه عامة في المجتمع الأردني، وهي الزواج من الأقارب، فاستشارة الفتاة كانت تختلف حسب مكانة الفتاة كأن تكون ابنة الشيخ أو أخته، أو ابنة رجل ذي مكانة عالية في قبيلته، أما الفتاة الأقل شأنا ففي الغالب لا تتم استشارتها. وتتوافر في البادية إمكانية للتعارف والاختلاط بين النساء والرجال من خلال مواقع الماء والرعي والزراعة، اما فيما يتعلق بهامش الحرية المتاح للمرأة البدوية، فانه يعتمد على القيام بالعمل خارج المنزل مع الرجال، أو التنقل خارج القبيلة مع أقاربها. ويتمثل الدور الاجتماعي الرئيسي للمرأة البدوية في مرحلة الأمومة بالتنشئة الاجتماعية للأبناء بشكل كامل دون مشاركة الأب، حيث تقوم بتربيتهم وإكسابهم العادات، والتقاليد البدوية الأصيلة، التي تجعل منهم ابناء قادرين على الحياة البدوية ضمن البيئة الصحراوية الثابتة ، وعندما تصل المرأة البدوية إلى مرحلة الكبر في السن، تكون قد وصلت إلى أعلى مكانة اجتماعية، وأعلى قدر من الحرية في المجتمع البدوي، حيث تتحرر من ممارسة الاعمال اليومية التي كانت تقوم بها، و تمنحها حرية الجلوس مع الرجال والحديث وإبداء الرأي. و قد ازداد الوعي باهمية تنظيم الاسرة لدى المرأة البدوية انسجاما مع الدخل المادي للاسرة، حيث بلغت نسبة الاسر التي لديها من 2-4 افراد حوالي 35% حسب بعض الدراسات، و الأسر التي لديها 8-10 افراد بلغت 6% مما يشير الى ازدياد وعيها باهمية تنظيم الاسرة. وتمتاز المرأة البدوية بعدد من الخصائص التي تزيد من فرصها في الزواج، ومن أبرزها: القدرة على إدارة شؤون المنزل والأسرة، والصلابة الجسدية والقوة العاطفية، والذكاء، والتحلي بصفات الكرم وحسن الضيافة.
واقع المرأة البدوية : تعيش المرأة البدوية اليوم واقعا جديدا مختلفا من حيث الدور والمكانة والفرص المتاحة نتيجة للتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية والتطورات المختلفة التي أصابت المجتمع البدوي. وذلك بعد انتقالها من واقع صعب، وظروف معيشية، وفرص حياتية محددة في الماضي بمحددات اجتماعية، فرضتها البيئة الصحراوية على المجتمع البدوي عموما.
وتستدعي عملية التنمية الشاملة و المستدامة تكاتف جميع الجهود، لاستغلال الموارد المتاحة على افضل وجه، و تحقيق النمو الاقتصادي و الاجتماعي المنشود، و اشباع حاجات الناس دون تمييز ، لذلك فان زيادة الكفاءة الانتاجية للمواطنين بما فيهم النساء، والمشاركة الفاعلة في عملية التنمية من اهم متطلبات العصر، لان من اهم معايير التنمية قاعدة تقول:" التنمية التي لا تشارك فيها المراة بعيدة المنال" . وسيتم تناول موضوع المراة البدوية من خلال الجوانب التالية:
في البداية من المهم طرح الاسئلة التي تقود الى معرفة الواقع، وما هي الفرص المتاحة للفتيات للتعليم؟ بالاضافة الى أي مستوى تعليمي يمكن ان يصل تعليم البنات. فالمراة البدوية اليوم تملك مؤهلات علمية مختلفة، لتوافر المدارس الحكومية، التي يبلغ عددها 32 مدرسة في البادية الوسطى في المرحلة الثانوية، و16 مدرسة للمرحلة الأساسية، و 17 مدرسة في البادية الجنوبية ما بين مدرسة أساسية، وثانوية، إضافة إلى مدارس الثقافة العسكرية، و6 مراكز لمحو الامية في منطقة البادية الوسطى ايضا، الامر الذي ادى الى التحاق نسبة كبيرة من النساء في البادية بالكليات، والجامعات الاردنية المختلفة، حيث بلغت نسبة النجاح في امتحان الثانوية العامة في منطقة البادية الوسطى مثلا 397 طالبة من اصل 753 طالبة تقدمن للامتحان في منطقة البادية الوسطى لعام 2004. وعلى الرغم من قلة المدارس الثانوية للبنات في بعض مناطق البادية، وبعد المسافة بين مناطق السكن و المدرسة، وخلو مناطق البادية من المدارس الخاصة، و عدم تشكيل منطقة البادية نقطة جذب للكوادر التعليمية، لبعد المسافة عن مراكز المحافظات، و صعوبة الاقامة و الاستقرارفيها، وبخاصة فئة المعلمات الامر الذي انعكس على المخرجات التعليمية سواء في المرحلة الثانوية، او في الكليات و الجامعات فيما بعد. وتشهد منطقة البادية ـ بشكل عام في هذه الايام ـ تطورا ملموسا في المجال التعليمي يتمثل بزيادة عدد المدارس، وتوفير الخدمات التعليمية المناسبة للتطور العصري كادخال الحاسوب الى المدارس، وربطها بشبكة الانترنت، وتوفير المكافآت المادية المناسبة للكوادر التعليمية،لتشجيعها على العمل في مناطق البادية، مما انعكس ايجابا على المستوى التعليمي العام لابناء البادية. وفي لقاء ميداني في البادية الشمالية، وفي الخالدية بالذات مع مجموعة متنوعة من الفتيات تمثل ربات البيوت، و طالبات المدارس، والمعلمات و المعلمات المتقاعدات، تبين ان معظم الفتيات يكملن دراستهن، وان هناك إيمانا قويا بضرورة تعليمهن بغض النظر عن المستوى الاقتصادي للأسرة، والمستوى التعليمي للوالدين، وأشارت بعضهن الى ان الاسر في البادية الشمالية تفضل تعليم البنات، حماية لهن، وأشار بعضهن إلى إن الاستمرار في التعليم هو بديل للفراغ الذي يعانين منه.
تعد الاسئلة التالية ضرورة منهجية، لرصد واقع الخدمات الصحية في منطقة البادية: - ما علاقة مكان السكن بمستوى الوعي الصحي لدى النساء؟ - ما هي علاقة مكان السكن بنسبة وفيات الامهات؟ - ما دور الجمعيات الخيرية والمنظمات النسائية في التوعية الصحية ؟ - هل المرأة مؤمنة صحيا في مناطق البادية؟ - ما هو نوع هذا التأمين؟ - ما تأثير العادات والتقاليد على مستوى الوعي الصحي و الاستفادة من الخدمات المتوافرة؟ - ما علاقة المستوى المادي بالمستوى الصحي للمرأة؟
وتتيح لنا الإجابة عن هذه الأسئلة معرفة ما يلي: - اثر هجرة العائلات من مناطق البادية الى المدن في المستوى الصحي. - واقع صحة الام و الطفل في مناطق البادية. - تحديد الدور الذي يجب ان تقوم به الجمعيات الخيرية، والمنظمات النسائية للتوعية الصحية في مناطق البادية. - تحديد الاحتياجات الارشادية و الوقائية و العلاجية لكل منطقة حسب واقعها. - تأكيد الاتجاهات الصحية وترسيخها. إن واقع الخدمات الصحية اليوم في مناطق البادية الأردنية المختلفة يشير الى توافر الخدمات الصحية والعلاجية من خلال وجود المراكز الصحية والعلاجية ومراكز الأمومة، التي بلغ عددها في منطقة البادية الوسطى مثلا 46 مركزا صحيا ما بين (شامل وأولي وفرعي وأمومة وطفولة، و توافر 34 صيدلية، و4 مختبرات، وقسم للأشعة، و4 عيادات أسنان) وتوافر كوادر طبية عاملة في منطقة البادية الوسطى بلغ عددها (44 طبيبا ما بين عام وخاص واسنان و ممرض و ممرضة، و18 ما بين قابلة وصيدلي وفني مختبر وفني اشعة)، وعلى الرغم من عدم وجود مستشفيات في مجتمعات البادية الا ان قرب المستشفيات الحكومية منها سهل عليها الحصول على الخدمات الصحية المناسبة . كل ذلك اسهم في رفع المستوى الصحي للسكان عموما، وللمرأة خصوصا، واسهم في إيجاد حالة من الوعي الصحي للمراة البدوية، انعكست على حالتها الصحية، وعلى حياة أسرتها، وكيفية العناية بصحة أطفالها، وكل ما يتعلق بالامور الصحية الخاصة بها كالكشف المبكر عن الأمراض المختلفة، وسبل معالجتها، وكيفية الاستفادة من الخدمات الصحية في مجال تنظيم الأسرة، والمباعدة بين المواليد، وانخفاض نسبة الوفيات في منطقة البادية. ومن خلال لقائنا الميداني في البادية الشمالية نشير الى ان المراكز الصحية غير كافية، و لكن برامج التطعيم متوافرة. اما في البادية الجنوبية فالامر يزداد سوءا، لبعد المسافات، والفقر، وزيادة الأطباء للمراكز الصحية ليست يومية، مع وجود بعض الجهود التوعوية التي تقوم بها المنظمات العالمية. و تشير الاحصاءات الى انخفاض نسبة الوفيات بين الاطفال والأمهات، مما يدل على زيادة الوعي الصحي، وان الخدمات الصحية والعلاجية المتوافرة، والتي يسهل الوصول إليها تغطي في الاردن اكثر من 90% من السكان (كما جاء في تقرير التنمية البشرية لعام 2000 برنامج الامم المتحدة للانماء).
المرأة البدوية والمشاركة الاجتماعية: ومن ناحية اخرى أسهم التغير الاجتماعي الذي أصاب مجتمع البادية، والذي اثر بدوره في المرأة البدوية في بلورة، وزيادة مستوى الوعي الاجتماعي لديها بمختلف فئاتها العمرية والاجتماعية، فيما يتعلق بكيفية تعاطيها مع القضايا الاجتماعية التي تخصها كالزواج مثلا فالمرأة البدوية التي تملك الوعي الذي يمنحها حسن وحرية الاختيار للزوج بعيدا عن الأعراف و العادات الاجتماعية الاكثر تشددا في السابق، والتي كانت تمثل قيودا على حرية المرأة في الزواج، إضافة إلى اختلاف النظرة إلى الزواج، وطريقته لدى المرأة البدوية اليوم، مما ادى الى انخفاض مستوى الزواج التقليدي القائم على اختيار الأهل للزوجة مقابل ظهور الزواج غير التقليدي القائم على اختيار الفتاة والشاب لبعضهما بعضا بعيدا عن تأثيرات الأهل المباشرة، و الذي يعد مؤشرا الى تغير النظرة وطريقة الزواج، فالنظرة الى الزواج لدى المرأة البدوية في الماضي كانت تحكمها محددات اجتماعية، تستند إلى مفاهيم وقيم وعادات، وأعراف المجتمع البدوي، إضافة الى كونها نظرة محدودة وجزئية، ليست شمولية قائمة على التشاركية في الحياة، بعيدا عن مفهوم التسلط والاستبداد والدور الجزئي للمرأة البدوية حيث تملك اليوم المعرفة والخبرات العملية، والاطلاع الكافي الذي يمكنها من اتخاذ القرار في بناء حياة أسرية مستقلة . المرأة البدوية و المشاركة السياسية: الوضع السياسي للمرأة البدوية : ان المجتمع الأردني عموما، والبدوي خصوصا يمثل مجتمعا ذكوريا أبويا الأمر الذي أدى إلى تهميش أي دور سياسي للمرأة إضافة إلى نظرة ذلك المجتمع الذكوري للمرأة بالنظرة إليها كانسان ضعيف بحاجة إلى الحماية الدائمة ، فالرجل البدوي يملك قرار المشاركة، والدور السياسي في القبيلة مرهون بسلطته، وبالتالي فان المرأة لا تمارس أي دور سياسي يؤثر في مجرى الأحداث، كما ان الأعراف والعادات البدوية تمثل أحكاما وقرارات مسبقة تمنع المرأة من القيام باي دور سياسي، واقتصارها على ممارسة الأدوار الاجتماعية والاقتصادية بشكل أساسي. مع ان موقع المرأة البدوية في السابق (في بيت الشعر، المحرم) كان يسمح لها بالاطلاع الدائم على كل ما يدور في مجالس الرجال حول امور القبائل و اوضاعها ومشاكلها، و نزاعاتها وعلى كافة المسائل السياسية المتعلقة بها، و الاطلاع الدائم للمرأة البدوية على مجمل الاحداث جعل لها موقفا ورأيا في تلك المسائل يؤخذ به احيانا اذا كانت تتمتع بقوة الشخصية و الجرأة، و الذكاء و الاحترام من الاخرين. ولكن في ظل ازدياد الوعي السياسي، لزيادة فرص التعليم والاطلاع لديها زادت مشاركتها في الحياة السياسية، وتمثل الانتخابات النيابية احدى نماذج المشاركة لديها، حيث اشارت بعض الدراسات الى ان نسبة مشاركة المرأة بلغت 54.6% من المقترعين في دوائر بدو الوسط، وهذا يشير الى اهمية مشاركة المراة في العملية السياسية. كما اشارت دراسة " شذى المجالي" حول الوضع و المكانة الاجتماعية للمراة البدوية الاردنية الى ان نسبة مشاركتهن في الانتخابات لعام 1997 بلغت 100%، و هذا يشير الى ان المراة البدوية تمثل اتجاها ايجابيا نحو الانتخابات و المشاركة السياسية . قانون الانتخاب المؤقت: خصص قانون الانتخاب المؤقت ثلاث كوتات انتخابية للبدو، حيث خصص لهم حسب الدوائر (9) مقاعد: (3) مقاعد لبدو الشمال، ومثلها لكل من بدو الجنوب، وبدو الوسط، ولا يحق لهم ان يرشحوا انفسهم عن اية دائرة او محافظة حتى لو انهم يعيشون فيها منذ الولادة. و انطبق هذا على المرأة البدوية، التي لم يسمح لها ان تترشح للانتخابات النيابية على كوتا النساء، فرفض ترشيح العديدات على اعتبار ان لهن كوتا خاصة بالبدو، والمعروف مدى صعوبة نجاح أي سيدة ضمن ظروف الصوت الواحد، والعادات العشائرية .
المراة البدوية كمرشحة للانتخابات النيابية : بدو الوسط : وصاف الكعابنة، ترشحت عام1997، ونالت 67 صوتا بدو الجنوب: عليا الحجايا، ترشحت عام 2003، ونالت 361 صوتا (1.32) بدو الشمال: فايزة النعيمي، ترشحت عام 2003، ونالت 218، ما نسبته (0.58 %) . وعين جلالة الملك عبدالله الثاني في مجلس الاعيان الذي يتألف من 55 مقعدا الدكتورة علياء ابو تايه من بدو الجنوب عضوا في مجلس الاعيان، ولقد بذلت جهودا كبيرة لدعم المرشحات ككل، وليس لمرشحات البادية فقط، ولكن للاسف لم يحالف الفوز أي سيدة في ظل الصوت الواحد. مشاركة المرأة البدوية في الأحزاب ان مشاركة المرأة البدوية في الاحزاب مشاركة ضئيلة لا تكاد تذكر، ويعود ذلك الى : - الانتماء الثقافي للقيم والمعتقدات. - تبعية المرأة الاقتصادية للرجل. - عمل المرأة المزدوج داخل المنزل و خارجه. - الوضع الاقتصادي المتردي لمجتمع البادية. - أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على الرقابة، و الضبط الاجتماعي، وخصوصية العلاقات الأسرية، و القبلية المبينة على اساس العشائرية. - انخفاض مستوى الوعي السياسي لدى المرأة البدوية. اسهام المرأة البدوية في النشاط الاقتصادي: ان تزايد اعباء الحياة اليومية على المواطن الاردني دعا الأطراف كافة الى المشاركة في تحمل الاعباء الحياتية، وبخاصة المجتمع البدوي الذي يعاني من مشاكل، وظروف اقتصادية و اجتماعية مختلفة، وصعوبة الحياة و تعقيداتها. فالمرأة البدوية ـ باعتبارها الطرف الرئيسي في المجتمع البدوي حيث تشكل نسبة 48% منه ـ تشارك اليوم مشاركة فاعلة في مجتمعها، وتمارس دورا اقتصاديا مهما، لتأمين احتياجاتها الاساسية، و احتياجات اسرتها في ظل انتشار التعليم و المعرفة، و توافر فرص عمل لها في البادية. و في ظل انخفاض مستوى الدخل في البيئة البدوية عموما بحيث يصل من يقل معدل دخله الشهري عن 100 دينار الى 27% ، ومن يتراوح بين 100-150 دينارا تصل نسبتهم الى 16%، حسب احدى الدراسات ، ما يشير الى انخفاض مستوى الدخل للاسرة البدوية عموما. وتسهم المرأة البدوية في زيادة مستوى الدخل للاسرة من خلال العمل، حيث بلغت نسبة العاملات من النساء في البادية كموظفات حسب احدى الدراسات حوالي 27%، وان حوالي 70% من النساء في البادية تقتصر ادوارهن على ممارسة الاعمال المنزلية فقط. فالمراة البدوية في ظل المتغيرات التعليمية و الاجتماعية و الاقتصادية كالاستقرار في مجتمعات سكانية تتوافر فيها الخدمات التعليمية و الصحية و الاجتماعية، و تتوافر فيها وسائل النقل، ومستوى من حرية التنقل كالعمل في المدن الصناعية المؤهلة، اوالوظائف الحكومية المختلفة في التربية و التعليم و الصحة، و الخدمات الاجتماعية المختلفة، اضافة الى قيام المؤسسات التنموية المختلفة بتقديم قروض صغيرة و متوسطة، وفرص للتدريب و التاهيل، لإنشاء المشاريع الاقتصادية المدرة للدخل للمراة البدوية، ولأسرتها بحيث باتت شريكا اقتصاديا للرجل في تأمين متطلبات الحياة وأعبائها، فهي تشكل القلب النابض للعملية التنموية في البادية الاردنية، وتحقق الدور الاقتصادي المطلوب منها تجاه نفسها و اسرتها ومجتمعها. . عوامل التغيير في دور المرأة البدوية ومكانتها : أسهمت العوامل التالية في أحداث نقلة نوعية، وتحول مؤثر في وضعية المرأة البدوية، ودورها في المجتمع:
و ينظر اليه على انه العملية البنائية المتكاملة، التي تتضمن إحداث التغيير في الظروف الطبيعية، و الحضارية القائمة، والتي تهدف إلى تنمية الموارد البشرية والاقتصادية، ورفع المستوى الاجتماعي، وتحقيق التكامل من خلال إدماج المجتمعات البدوية التقليدية بصورة جماعية في الوحدة السياسية والقانونية، والاقتصادية والعسكرية للمجتمع . فالتوطين يحمل معنى الاستقرار، والثبات الجغرافي، والاندماج الاجتماعي، والبنية الاقتصادية والبشرية، إضافة إلى كونه قد يكون تلقائيا يبدأ فرديا، وينتهي جماعيا قبل تكون القرى، وقد يكون مخططا له كخطة تنمية وإدماجه في نواحي الحياة السياسية و الاجتماعية، فالتغير هذا أدى في مجمله إلى تغيير في وضع المرأة البدوية، ودورها، فتوافر المياه والكهرباء خفض أعباء الإعمال التي كانت تمارسها المرأة في السابق، كما ان توافر المؤسسات المختلفة كالمدارس ومراكز الصحة ومراكز التنمية اسهم في إحداث التغيير الشامل بكافة جوانب حياتها، فتحسن مستوى الوعي الصحي لديها، الامر الذي انعكس بدوره على صحتها، وصحة إفراد اسرتها ، إضافة إلى توافر فرص التعليم من خلال انتشار المدارس، وتوافر فرص في الجانب الاقتصادي من خلال مراكز التنمية، وتفاعل المرأة معها، وتوافر فرص الاهتمام في متابعة الأحداث، و التطورات السياسية من خلال مشاهدة النشرات الإخبارية، وقد أشارت بعض الدراسات الى وجود اهتمام عال من المرأة البدوية بالتطورات السياسية تصل نسبتها الى 100%. وتظهر المرأة البدوية اهتماما، ورغبة بالمشاركة في الحكومة، وتتحمس للعمل، والمشاركة بوظائفها بنسبة تصل الى 99% حسب ما جاء في بعض الدراسات . 2- التعليم: يعتبر التعليم من اهم العوامل التي لعبت دورا كبيرا في تغيير دور المرأة البدوية و مكانتها، حيث أسهم التعليم في زيادة الوعي الاجتماعي في المجتمع البدوي من خلال انتشار المدارس في البادية، والجامعات في المناطق القريبة منها، الامر الذي انتج مستوى من الوعي التعليمي الذي تمتد ابعاده الى النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية للمرأة، ما سهل أمامها الطريق نحو المشاركة في ميادين الحياة العامة، و وسع افقها نحو المشاركة الاقتصادية من خلال العمل خارج المنزل، والمشاركة السياسية التي تعد نتاجا لازدياد الوعي لديها، والاهتمام بشؤون المجتمع المحلي، والمشاركة في المؤسسات العامة كالجمعيات الخيرية والتعاونية، والتفاعل مع نشاطاتها المختلفة. ونتيجة للتطور الاجتماعي و الاقتصادي في المجتمع البدوي ازداد التوجه نحو التعليم، مما اتاح الفرصة امام الفتيات لاكمال تعليمهن العالي في الجامعات، والكليات الأمر الذي يظهر اهمية تعليم المراة في التخفيف من اعباء الاسرة المختلفة. وبفضل دخول المرأة البدوية ميدان التعليم أصبحت تملك المعرفة، والقدرة على توظيفها بخدمة ذاتها و أسرتها و مجتمعها، وأصبح لديها الدافع نحو المشاركة المجتمعية. الامر الذي أسهم في تغيير النظرة التقليدية نحوها، فلم تعد تلك المرأة الأمية ذات الإمكانات و الطموحات المحدودة، بل أصبحت تملك القدرة على احداث التغيير الذاتي و الاسري و المجتمعي في المجالات المختلفة.
يرتبط العمل بالتعليم بشكل كبير جدا، ويشكل احد عوامل التغيير الأساسية في وضع المرأة البدوية ومكانتها، حيث يسهم العمل في مساعدتها على الخروج من عزلتها، و شعورها بوجودها، وقدرتها على العطاء والإنتاجية، و تحقيق الذات والاستقلالية، والاعتماد على ذاتها بما تملكه من إرادة، ومستوى تعليمي، فالمرأة البدوية العاملة أسهمت في تغيير الاعتقاد السائد بضرورة بقاء المرأة في المنزل، واقتصار دورها على ممارسة الاعمال المنزلية، و العناية بالاسرة. فالتعليم وازدياد مستوى الوعي، و المعرفة، واكتساب الخبرات الجديدة من الانفتاح على المجتمع، وفتح فرص العمل امامها في مجالات التعليم، و التمريض والخدمات الاجتماعية و الاقتصادية، زاد من اهمية عمل المرأة البدوية، لما لها من تأثير في اسرتها. كما يعد العمل مصد حماية للمرأة البدوية، ولأسرتها، و سلاحا لها لمواجهة الظروف الطارئة، والمتغيرات الاجتماعية المختلفة كوفاة الزوج.
ان التطور الكبير الذي اصاب وسائل الإعلام، والاتصال الجماهيري كالتلفزيون و الصحافة و الانترنت، و الفضائيات المختلفة شكل نقطة تحول جذرية في حياة المجتمعات عموما، والمجتمع البدوي خصوصا. فلقد اصبحت فرص الانفتاح، والتواصل والإطلاع على ثقافة المجتمعات الاخرى سهلة. واثر الوضع الناتج إيجابا أم سلبا في المرأة البدوية ، ومن خلال الاعتماد على نوعية الخطاب الاعلامي ومضمونه، والرسالة الاعلامية الموجهة الى المرأة، يسهم الاعلام بعرض قضايا المرأة وهمومها، و كيفية تعاطيه مع تلك القضايا، والصورة التي يطرحها بشكل يدعم المرأة، ويزيد من وعيها حول القضايا الصحية والدينية والتربوية والثقافية وغيرها. وقد يمارس الاعلام دورا سلبيا عندما يكرس الصورة النمطية للمرأة البدوية كربة اسرة تمارس الاعمال المنزلية فقط. فالمرأة البدوية اليوم تتابع التطورات، و التغيرات التي تحدث في العالم من خلال متابعة نشرات الاخبار و الصحف و الاذاعة، وبالتالي اصبحت تعيش في صورة الاحداث وتطوراتها، و لم تعد منعزلة عن الاخرين، تعيش محصورة في عالمها الصغير. فالاعلام وضعها في دائرة الحدث، والتعامل مع كل ما هو جديد من خلال اتاحة المجال امامها للاطلاع، والتواصل مع الثقافات الاخرى، ومتابعة قضايا المرأة، ومشاكلها و التفاعل معها.
معوقات مشاركة المرأة في الحياة العامة: - بالرغم من أهمية مشاركة المرأة البدوية في ميادين الحياة العامة الا ان هناك صعوبات تحد من مشاركتها، ومن ضمنها ان هناك مفاهيم اجتماعية و ثقافية عملت على تنميط ادوارها الاجتماعية، والذي عمل بشكل، أو بآخر على تقييد حركتها المهنية، أو الجغرافية بوضعية اقل بالموازنة مع الرجل، كالقيم التي تعيب على المرأة الخروج من المنزل، او الخوف من اعتقالها، أو التشهير بسمعتها، مما يجعل المرأة بعيدة عن تلك الاحداث ، اضافة الى صعوبات تتعلق باسأليب التنشئة الاجتماعية القائمة على الرقابة، والضبط الاجتماعي، و خصوصية العلاقات الاسرية و القبلية، وبخاصة في بلدة صغيرة الحجم، ويقل فيها مستوى الوعي بالقضايا السياسية، بحيث يتعامل المجتمع البدوي بحالة من القلق، والحيرة، نتيجة الخوف من موقع المرأة اذا ما نجحت في الانتخابات النيابية، على سبيل المثال اذ ان العشيرة قد لا تستطيع ان تضبط هذه الظاهرة ، بعكس قدرة العشيرة على السيطرة على الرجل من خلال اللقاءات، والاجتماعات، فالبنية العقلية للرجل في المجتمع البدوي هي امتداد للبنية العقلية التقليدية للرجل العربي من حيث نظرته للمرأة، ودورها ورأيه في مشاركتها في مجالات الحياة العامة، والتي تشكلت عبر سلسلة تاريخية متراكمة من التركيبة الاجتماعية للمجتمع، اضافة الى افتقار المرأة البدوية لحيز تبادل الخبرات، والتجارب الحياتية في عقد الجلسات، و الندوات واللقاءات التوعوية، والثقافية سواء في اماكن العمل، او المراكز الصحية، او مراكز التنمية المختلفة كمنطقة اطراف، لابتعادها عن المراكز في المحافظات، و المدن الاخرى. كما ان الأمية، وانخفاض نسبة تعليم الاناث في المرحلة الثانوية لقلة المدارس الثانوية المخصصة للإناث، وبعد المسافة بين السكن و المدرسة يشكل احد المعوقات في مجال وضع المرأة، وبالتالي مشاركتها في الحياة العامة، اذ ان متغير تعليم المرأة مرتبط بمتغير العمل، وما يرتبط به من استقلالية اقتصادية.
اليات التفعيل للنهوض بمستوى مشاركة المرأة البدوية في الحياة العامة:
- رصد موازنة خاصة لتطوير اقاليم البادية، وايجاد الصيغة المناسبة لذلك سواء عن طريق تحويلها الى محافظات، او أي شكل اخر. - ايجاد حلقات وصل بين نظم التعليم، ونظم التدريب، و طلب سوق العمل في القطاعين العام و الخاص. - بما ان القيم تؤدي دورا مهما في الانجازات الاجتماعية، لذلك لابد من ايلاء اهتمام خاص بعدد من القيم التي تدفع بالتنمية الى الامام مثل مراعاة حقوق، واحتياجات المرأة، والشباب والاطفال، وحماية البيئة، ودعم شبكات الامان الاجتماعي لحماية الضعفاء، وعدم التساهل مع البطالة المفرطة، وتقدير المعرفة والتعليم، والمفاهيم التي تؤدي الى الكرامة والرفاه الانساني، مثل تعزيز القيم المتصلة بالعدالة بين الجنسين (كما جاء في تقرير التنمية العربية لسنة 2002). - من المعروف انه ليس هناك قيود قانونية على حق النساء الاردنيات بالتمتع بدخلهن، وممتلكاتهن بشكل مستقل، ولكن المعايير الاجتماعية خصوصا في المناطق الريفية، والبدوية تعوق من قدرة النساء على الحصول على المصادر الاقتصادية، ولقد أشار تقرير اليونيفام 2004 " الى انه من المعروف في الاردن ان يقوم رب الاسرة بتحويل اصوله الحقيقة بشكل قانوني لابنائه الذكور في اثناء حياته، لمنع النساء من استلام حصصهن من الميراث، وفي حال وفاة الاب قبل القيام بمثل هذا النقل القانوني ليس هناك أي قوانين تستطيع منع البنت من استلام حصتها، كما تحسب بمقتضى الشريعة، ومع ذلك قد لا تدرك العديد من النساء في المناطق الريفية مثل هذه الحقوق القانونية، او تعرف كيفية مقاضاة مثل هذه الادعاءات.
- بالرغم من صدور القانون المعدل لقانون الاحوال الشخصية رقم 82 لسنة 2001، والذي اشترط في اهلية الزواج ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين، و ان يكون كل منهما قد اتم الثامنة عشر من عمره (سنة شمسية) الا انه يجوز للقاضي ان يأذن بزواج من لم يتم منهما هذه السن اذا كان قد اكمل الخامسة عشر من عمره، وكان في مثل هذا الزواج مصلحة يحددها قاضي القضاة لهذه الغاية. الا ان الاستثناء الذي اقره المشرع ساعد على استمرار هذه الظاهرة، وتخفيض حدة اثار ظاهرتي زواج الاقارب والزواج المبكر، والذي يمكن ان تسهم فيه برامج مدروسة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام للتعريف بالانماط والسلوكيات الصحية، وغير الصحية.
- التوسع في برامج التعليم، لتشجيع القيم الاجتماعية التي ترفض التمييز بين الجنسين من قبل منظمات المجتمع المدني، والحكومة.
- مراجعة البنود التميزية، وابطالها لضمان وصول النساء المتساوي الى العدالة من قبل البرلمان الاردني، و منظمات المجتمع المحلي .
- بالنسبة للمراة البدوية بالذات يجب التوجه الى الرجال، و المجتمع البدوي بكامله في برامج، وحوارات تتحدث عن دور المراة، واهميته في المشاركة في عمليات التطوير، والتحديث.
المراجع
- تقرير التنمية الانسانية العربية لعام، 2002. - المنظمات النسائية الاردنية والتنمية المستدامة. مركز الاردن الجديد للدراسات – اعداد وليد حماد، 1999. - تقريراوضاع المرأة الاردنية – صندوق الامم المتحدة الانمائي للمراة اليونيفام – المكتب الاقليمي للدول العربية، 2004 - دراسات في الانتخابات النيابية الاردنية 1997 مركز الاردن الجديد للدراسات - المجتمع المدني و الحكم في الاردن – الجزء الثاني - دراسات حالة حول اداء منظمات المجتمع المدني في الاردن، مركز الاردن الجديد للدراسات، 2004. - حقوق المرأة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا المواطنة والعدالة – مؤسسة فريدم هاوس، طبعة خاصة-2005. - انتخابات 2007 نحو قانون انتخاب عصري، توثيق فعاليات المؤتمر الذي عقد في عمان يومي 20-21 تشرين الثاني، 2004، مركز القدس للدراسات السياسية ، الاردن، 2005. المـــرأة فــي الـــباديـــة الأردنـــيــة دراسة من اعداد الأستاذة : جمان مجلي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 16-08-2014 11:44 صباحا الزوار: 4162
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
احتفاءٌ أكاديميّ بالأستاذة الدّكتورة منى ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 21-10-2022 |
ترقية الدّكتورة منى محيلان إلى رتبة ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 30-09-2022 |
الباحثة هدى وشاح تتأمل «الصورة الشعرية ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 05-04-2022 |
باحثتان جزائريتان تناقشان «التعدد اللغوي ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الإثنين 13-12-2021 |
باحثتان تدرسان قصص سناء الشعلان في جامعة ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 25-07-2021 |
الباحثة جمانة صوان تعاين «البناء الفني ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 28-05-2021 |
ترجمة قصص سناء الشعلان إلى اللّغة ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 15-04-2021 |
باحثة جزائرية تتأمل البعد الجمالي ... | دراسات وابحاث | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 07-04-2021 |
الكتابة النسويّة و سلطة الجسد اعداد : ... | دراسات وابحاث | اسرة التحرير | 0 | السبت 21-10-2017 |
الباحثة الفلسطينية إيمان مصاروة تفوز ... | دراسات وابحاث | اسرة التحرير | 0 | الجمعة 08-04-2016 |
حيميه البحر الابيض افضبل انواع الحميات ... | دراسات وابحاث | ابتسام حياصات | 0 | السبت 23-03-2013 |