قراءة مختصرة في رواية بعنوان النفيسة للكاتب م. عمرو سواح بقلم الكاتبة زهراء كشان
عرار:
قراءة مختصرة في رواية بعنوان النفيسة للكاتب المصري
المهندس عمرو سواح بقلم الكاتبة زهراء كشان الجزائر
الرواية تجربة واقعية تتضمن نصائح ثمينة تفيد القارئ في مسار حياته ،من خلال النص الروائي يبدو جليا أن الكاتب مثقف ثقافة قرآنية سمحت له بالاستشهاد بآيات من الذكر الحكيم و أحاديث نبوية من الحين إلى الآخر ، والكاتب عمرو سالم سواح شخصية عربية ذات تربية إسلامية مشبعة بالقيم الدينية ، عرض وقائع الرواية و أحداثها سواء في البيت أو المستشفى بمنهجية سلسة تجعل القارئ يعيش معه لحظة بلحظة ، و سرد الأحداث بأسلوب هادئ نستلهم منها عديد القيم المستوحاة من الدين الإسلامي الحنيف: تكسبنا الخبرة - تقربنا من الله- تذكرنا بضوابط وجوب طاعة الوالدين كما تبرز ممرات واسعة في مختلف السلوكات : فضائل الاستغفار- فضل قراءة القرآن- الثقة بالله- الصلاة على النبي- زيارة المريض- الاهتمام بالوالدين عند الكبر- الصبر عند الإصابة بالمرض- إعطاء الصدقة بنية الشفاء، تعاضد أفراد الأسرة و تضامن الجيران معهم .
الرواية مغمورة بأحاسيس الكاتب المرهفة تجاه والدته تعبر عن جهود مكثفة بذلها لإنقاذها من المرض متخذا في ذلك مسارات متعددة ،معاناة أمه التي صارت معاناته الذاتية ووقوفه المستمر إلى جانبها و محاولة التخفيف عنها بكل الطرق ، يريد منها ابتسامة تثلج صدره و تدخل إلى قلبه السرور رغم تأثره بمرضها فهو يستأنس بحلاوة الإيمان بالله يطمئن نفسه من خلال رسالة إلى مريض في قوله المرض كفارة ، في معترك الحياة و الانشغال بأمور أدت إلى التباعد الإنساني يصف البر بالوالدين على أنه أحب الأعمال إلى الله و أفضلها و يذكر القارئ بالتقرب من والديه لأن في البر بالوالدين متعة و فائدة ، عندما يتأثر القارئ بعواطف الكاتب تجاه أمه فهذا التأثر دعوة للتقرب من الأبوين فالإنسان منشغل بأمور الحياة متناسيا دور الأم و الأب في مرحلته العمرية السابقة و لا يشعر بعبق وجودهما إلا إذا فقد أحدهما
اعتمد الكاتب في تحليل النزعة الإنسانية على العقيدة و على السلوك الإسلامي بفضل جهود فكرية و فلسفية في مزج بين أوجه التشابه و الاختلاف بين الواقع و الخيال على مستوى المفهوم الاصطلاحي متأثرا بسيرورة المجتمع بمذاهبه الاجتماعية و الثقافية و الأخلاقية و على مستوى المبادئ ، أما عن الخصائص الفنية ووسائل التعبير الأدبية اعتمد الطريقة الأفقية في سرد الأحداث للموازنة وتبنى الطريقة العمودية في طرح أفكار ثانوية ليحقق الوحدة العضوية للنص الروائي،في مخيلة الكاتب بين الواقع و الخيال جسر ضيق هذا الجسر الذي يتمثل في بناء فكري عميق يتأجج بمشاعر الألفة و التضامن و الصمود و تحدي المرض و انجذابه العاطفي لوالدته و السعي في سبيل الله ببر الوالدين ، و نسيج خياله يمتد إلى رغبته الشديدة في شفاء أمه و عودتها لممارسة حياة الأمومة الطبيعية تجاهه، كما نلاحظ أن الخيال الفني قد أسهم في كثير من المواقف في دفع الكاتب إلى التصرف في أحداث الواقع من أجل الحفاظ على الخصائص الفنية الضرورية للعمل الروائي
التفاف أفراد الأسرة حول المريضة و حتى الجيران اتجاهات فكرية وظفها الكاتب بعرض منهجي و أفكار متناسقة خضعت للتسلسل بلغة جميلة تألق في أسلوبه معجما و لغة و هذا في رأيي يجعله أديبا بقيمة ايجابية مضافة للساحة الأدبية و الثقافة العربية .