قراءة في كتاب «الأردن يعلو فوق كل صراع» لمحمود الشيبي
عرار:
محمد المشايخ
يشارك المؤرخ محمود الشيبي، أقرانه من مؤرخي المملكة: سليمان موسى، د. هند أبو الشعر، محمد عدنان البخيت، محمد خريسات، بكر خازر المجالي، سليمان البدور، وغيرهم، في إبراز التاريخ المشرق للمملكة، وتبيان قدرتها على تجاوز محيطها الملتهب بالحروب والأزمات والمؤامرات، بهمة وفضل ملوكها الهاشميين، الذين كان لهم الفضل في استدامة الأمن والأمان والسلام في ربوعها، وفي الوقت نفسه، كان لهم الفضل في احتضان اللاجئين والنازحين والمعذبين في الأرض من أرجاء المعمورة، ليتقاسم أبناء الأردن، مع أشقائهم في الإسلام والعروبة والإنسانية، ما تربـّوا عليه من كرم وجود، وحُسن الاستقبال والتعايش والتسامح. محمود إرشيد محمد سمرين الشيبي، المولود في عمان عام1947، والحاصل على شهادة الليسانس في التاريخ من كلية الآداب في جامعة دمشق، وابن قبيلة العجارمة، التي تعود أصولها إلى قبيلة قريش، لم ينشر في كتابه الموسوعة (الأردن فوق كل صراع) إلا الحقائق التاريخية، بوجهيها الأبيض والأسود، لم يدفعه حبه لوطنه واستبساله في الدفاع عنه بالكلمة والبندقية، إلى اللجوء إلى الخيال، أو إلى الأساطير، فبدت الحقيقة جلية، بدليل، إيراده وانتقاده الحاد والشديد لذلك الكم الهائل من الأكاذيب التي ألصقت بالمملكة (قيادة وحكومة وشعبا)، وقيامه بتفنيدها وفقا لحقائق التاريخ والجغرافيا، بكل صدق وموضوعية. مدير المؤسسة الأردنية للإنتاج الإعلامي، والرئيس السابق لاتحاد المنتجين الأردنيين للإعلام، المفكر محمود الشيبي، والذي اصدر سابقا كتابين هما: على طريق المجد، قبائل وعشائر البلقاء وقبائل وعشائر أردنية أخرى، والعضو في رابطة الكتاب الأردنيين، أصدر بمناسبة مئوية الدولة الأردنية، كتابه(الأردن يعلو فوق كل صراع)، ليؤرخ للبيئة الداخلية والخارجية، المحلية والعربية والعالمية، التي كان يتحرك ملوك بني هاشم بها ، وكيف كانوا يخرجون (من كل المؤامرات التدميرية التي كانت تواجههم) سالمين هم وبلدهم منها. وفي أثناء تأريخه، لم ينس الموضوعية، فهو يصف ويستذكر دون أن يتدخل، ولكنه لم يكن يستطيع الصبر عندما يحاول الخونة والغدارون التآمر على قدر البلد، فيفزع لوطنه بكل ما يملك من جرأة، ويذكر لهم ما تحفظه ذاكرته الموسوعية من تفاصيل وحقائق صائبة ودقيقة، تدحض أكاذيبهم. كتب الموسوعي محمود الشيبي في كتابه المهم، تاريخ الأردن منذ أقدم العصور، بلغة عربية فـُصحى، ضمن السهل الممتنع، واستعرض الحقب التي عاش فيها، والفترات الزمنية التي سبقته بآلاف السنين، وكان دائما، منحازا للقضايا القومية بعامة، والقصية الفلسطينية بخاصة، مبدعا في الرد على الخونة والمتآمرين والمزاودين، وكانت الحقيقة همه دائما، لذا فإنه لم يعوج رقبة التاريخ لإرضاء أي فئة أو أي تيار سياسي، وكان مبدعا في إبراز غدر الأجانب، وفي إبراز قدرة الهاشميين على تحصيل حقوق وطنهم ولو بالقوة، وكان مبدعا أيضا في تقليب وجهات النظر، وفي إيراد كل البراهين التي توصل للحقيقة، مثلما كان مبدعا في التوثيق لكل نبضة من نبضات التاريخ التي مر على ذكرها. وفي الختام، أدعو وزارة التربية والتعليم، لإعداد ملخص لهذا الكتاب، لتدريسه في المناهج الأردنية، ليكون مقررا على طلبتها، كما أدعو الملكية الأردنية، لوضع ذلك المـُـلخص في شـَبـَـكِ مقاعدها ليطالعه ركابها، كما أتمنى على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، بث هذا الكتاب عبر الإعلام الأردني المقروء والمسموع والمـُشاهد، كيف لا؟ وكل ما في هذا الكتاب يؤكد أن (ألأردن فوق كل صراع). ولأن حقائق التاريخ تتدحرج يوميا، مسجلة الكثير من الأحداث المستجدة، فإنني أدعو أستاذي التنويري محمود الشيبي، لبدء تأليف جزء ثالث من كتابه، فنحن متعطشون لكل كلمة يكتبها منطلقا من اعتزازه وفخره بالأردن الحبيب، ولا أنسى دعوة وزارة الثقافة للعمل على ترجمة هذا الكتاب لعدد من اللغات العالمية، ومنح مؤلفه الجائزة التي تليق بقامته العالية، وبكبريائه الوطني.