مثقفون يدعون إلى تعزيز المعايير الأدبية والجمالية في الجوائز الثقافية العربية
عرار:
عمان – عمر أبو الهيجاء
دعا مثقفون إلى ضرورة أن تكون الجوائز الثقافية العربية صادرة عن هيئات المجتمع المدني من مؤسسات ثقافية وأكاديمية مستقلة، وذلك تعزيزا لنزاهة تلك الجوائز، وضمان عدم خضوعها لاعتبارات سياسية ليس لها علاقة بالإبداع والإنجاز. «الدستور» تواصلت مع كوكبة من المثقفين، وسألتهم عن السبيل الممكنة لتعزيز المعايير الأدبية والجمالية في الجوائز العربية، وتجنب تسييسها، فكانت هذه الرؤى.. الدكتور زهير توفيق: بالسؤال عما تنطوي عليه الجوائز الأدبية والثقافية من معنى ومغزى، خاصة من دول وأنظمة تفتقر للديمقراطية وحرية التعبير؛ تذكرت موقف الفيلسوف الكبير جان بول سارتر، الذي رفض جائزة نوبل الذي استحقها عن جدارة سنة 1964، وفسر موقفه بأنها قبلة الموت، ولا أريد أن أدفن حيا. هذا على مستوى شخصي، أما على مستوى فكري؛ فكيف لفيلسوف الالتزام ونقد المؤسسات القائمة أن يقبل جائزة من تلك المؤسسات! هذا حال سارتر مع نوبل والسويد، بلد الحرية والرفاه والديمقراطية، فكيف هي الحال مع الهيئات والدول والأنظمة التي لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الحرية وحقوق الإنسان؟ أنا مع الجوائز، إذا كانت صادرة عن هيئات المجتمع المدني من مؤسسات ثقافية وأكاديمية (جامعات) مستقلة، ومراكز البحوث والدراسات والبلديات وغيرها، أما الجوائز الرسمية الصادرة عن الدول والحكومات فهي خاضعة حتماً لاعتبارات سياسية ليس لها علاقة بالإبداع والإنجاز. في النهاية أقول: لم يمت الكاتب، ولا الأيديولوجيا، ولا الالتزام بالإنسان والحرية، ولا السرديات الكبرى كما تروّج الحداثة السائلة لتبرير الانسلاخ عن قضايا العصر والإنسان. والكاتب لا يكتب للجوائز والمال. الأديب نايف النوايسة: هناك صيادون للجوائز ولا يهمهم مبدأ ولا نحوه ويعملون ليلا ونهارا للوصول لأي جائزة وبأي ثمن ويُربّطون أنفسهم بعلاقات ملتوية مع الجهات القائمة على هذه الجوائز. أما لجان الجوائز فلهم وجهان، الأول يسير باتجاه الإعلان عن الجائزة والطلب من الجميع التقدم ويضعون معايير ضابطة لهذه الجوائز، ويشير ظاهر الأمر أن الموضوعية هي ديدن هذه اللجان، لكن الوجه الثاني يقوم بضرب هذه الموضوعية حين يتم الاتصال بهذا الكاتب أو ذاك الشاعر تحت تأثير الطابع السياسي أو الحزبي أو الطائفي أو المناطقي أو التنفيعي أو تحت مبدأ(حُك حتى أحك لك). من هنا أرى أن هذه الجوائز من خبرتي واطلاعي يتنافى معظمها مع الموضوعية التي تعتمد خطاً واحداً لا غيره وهو اختيار الأديب لفنه فقط وليس لانتماءاته. الدكتور يوسف ربابعة: الجوائز عادة ما يكون لها معايير يتم على أساسها اختيار الفائز، وليس بالضرورة أن يكون العمل الفائز دائما هو الأفضل، لكنه هو المطابق للمعايير التي تقرها اللجان أو تقرها الجهة المانحة، وهذه المعايير قد تخرج أحيانا عن الأسس الفنية المحضة لصالح انحيازات قد تكون فكرية وقد تكون سياسية وقد تكون شخصية أيضا. ولا يمكن لنا أن ننظر للجوائز العربية بعيدا عن تلك الانحيازات، وهي كثيرة اليوم، وتبدو أكثر اتساعا في العالم العربي الذي يعاني من انقسامات سياسية حادة لا ينجو منها أحد، على مستوى الدول وعلى مستوى الأفراد، فحتى لجان الجوائز لا يمكن تبرئتها من تلك الانحيازات إرضاء للمانحين والممولين. وقد يكون السبب أيضا ليس سياسيا بل فكريا، فهناك ثيمات متجددة وراهنة تؤثر في تقييم العمل الأدبي والفني، وهي التي تحكم في المعايير وتضغط باتجاه تعظيمها وتقويتها على حساب بقية الثيمات الفكرية القديمة، ولعل من المفيد القول إن تلك الثيمات أصبحت جزءا من الموضة التي تجد ضخا إعلاميا كبيرا من أجل نشرها وانتشارها، فهناك أشياء مثل السلام والعلاقات الإنسانية والعلاقات الجنسية تجد مكانها في عالم اليوم، وتجد لها صدى في الأعمال الأدبية وصدى أوسع لدى المحكمين واللجان المشرفة على الجوائز. الجوائز العربية وغير العربية أيضا عرضة للتأثر بما هو غير أدبي ولا مهني في كثير منها، لأن ذلك مرهون بتوجهات فكرية وسياسية تحكم العالم.