وسعيد بن عتيج الهاملي، وفتاة العرب، وصالح بن عزيز المنصوري. الكتاب من القطع المتوسط يدرس على امتداد 207 صفحات أربعة قضايا نقدية في إطار منهج وصفي استقرائي يتتبع جذور تلك القضايا في إبداع الشعراء الأربعة المذكورين. وقد اختار الباحث عن قصد التباعد الزمني بين هؤلاء الشعراء لدراسة مدى تواصل تلك القضايا أو انقطاعها في الشعر النبطي بالإمارات.
القضية الأولى التي تصدرت الكتاب هي "مطالع القصائد"، ويجيب الكتاب عن أسباب التشابه اللغوي والمضموني في المطالع  خلال مرحلة ما ثم اختفاء أو تواصل ذلك التشابه في مراحل زمنية أخرى. ويثير ظاهرة التكرار الأسلوبي والمعنوي بين الشعراء ويقترح عللا لذلك.

أما القضية الثانية فهي "الظواهر اللفظية"، لماذا يسيطر تشابه الصياغات اللغوية في بناء القصيدة النبطية القديمة؟ وما سرّ استمرار ذلك التشابه المتكرر لدى الشاعر المفرد ولدى شعراء آخرين؟ وإلى أي مدى يمكن اعتبار ذلك تناصًّا أو سرقات أدبية أو مجالا لغويا طبيعيا يهيمن على ذاكرة الشعراء في فترة أو فترات متعاقبة. وما علاقة كل ذلك بشبه العزلة التي عاشها المجتمع القبلي في الإمارات قبل قيام الدولة؟   
أما القضية الثالثة  فدرس فيها الباحث يحياوي وصف المرأة المحبوبة في الشعر النبطي لدى الشعراء المذكورين، وانتهى إلى أنهم يصفون امرأة واحدة، انطلاقا من أوصاف مكرورة ومتداولة في الشعر النبطي القديم، أي أن الشاعر إذا أراد الغزل استرجع بذاكرته ما يقول الفحول في هذا الجانب، ولا يغامر بوصف محبوبته كما يراها هو وليس كما تم تصويرها في متن الشعر النبطي. 
ينتهي الكتاب بدراسة تحمل عنوان "من الدار تراب القبيلة إلى الدار تراب الدولة" وتبحث في التطور الذي حدث في مفهوم "الدار" من خلال دواوين الشعراء الأربعة، قبل قيام الدولة وبعد ذلك. وقد نبّه الباحث إلى تطور الوعي السياسي الوطني لدى الشاعرين فتاة العرب وصالح بن عزيز المنصوري على وجه الخصوص. كما نبّه من خلال الشواهد الشعرية إلى خروج الشاعرين السابق ذكرهما ـ في مقاطع من قصائد ـ من دائرة القبيلة وانشغالاتها العريقة إلى دائرة التنمية في الدولة ثم إلى دائرة أوسع هي التأثر بما يحدث في الوطن العربي من قضايا سياسية، وهي المرة الأولى التي يتناول فيها الشاعر النبطي الإماراتي هموم أمته بصورة واعية ومتواصلة تأثرا بوسائل الإعلام وبشعوره بأنه جزء لا يتجزأ من وطنه العربي الكبير، وتلك واحدة من ثمرات التنمية الثقافية والاجتماعية في الدولة. 
ويرى يحياوي أن ما يطرحه من أفكار في ثنايا هذا الكتاب  هو اقتراحات يتمنى أن يتم إثراؤها من قِبل الباحثين والقراء المميّزين، لأن الكتابة في العلوم الإنسانية  تشترط التواضع والحوار والاستماع بهدوء إلى وجهة نظر الآخرين.  وجدير بالذكر أن هذا الكتاب الجديد يأتي بعد سلسلة من الإصدارات التي قدّمها يحياوي إلى الساحة الثقافية المحلية وكلها تتعلق بالتراث الثقافي الإماراتي.