|
عرار:
يضم ديوان «زهرنامة» للشاعر راشد عيسى باقة من القصائد بأُسْلُوبٍ شعري يتدفق كالسلسبيل وهذا ما عهدناه في إبداع صاحبه الذي يُلهب الأحاسيس والمشاعر. يُسافر بنا الشاعر إلى عوالم التأمل والفكر عبر استعارات واسعة الدلالة.. مشرعة على مكامن الدموع والجراح والأوجاع لنحترق في محاريب الحُب الدافق في صور تستفز عاطفة المتلقي.. ففي قصائده لا يكفي أن نقرأ... بل علينا أن نتقمص الحروف ونشعر بها وتنغيمها بلغة الجسد والروح. وله قُدرة فائقة إذ يجعل الحاضرين في حالة انشداد واندهاش وتناغم مع الأحداث من سماعهِ ، لم نُرِد لهُ أن ينتهي. لقدرته العجيبة على جعل المُتلقي يتفاعل ويندمج مع الأحداث بطريقة تُذيب الروح من عذوبة ما يسمع ويفصله عن الواقع... يسافر بنا الشاعر إلى عوالم التأمل والفكر عبر البوح المرهف ذي الشجون المضمخ بلوعة الشوق ورفيف القلب. فالعشق لدى شاعرنا جسد القصيدة ودمها، (رجوى)/ عشتار الشاعر راشد عيسى، التي شبهها بطفلة الغيم، عشقه الطافح بألوان قزح، لتعرفها ما علينا إلا ان نعود الى جدار اشعاره وهو يُعاود رسم اسمها منتظرا نسيم عطرها مابين حبات المطر .ففي ذات حلم يناديها، ويتلوها قصيدة: إلى عينيكِ يا رجوايَ أسري بشهقة طائرٍ غَرِدٍ محبِّ تناداه الحنينُ فطارَ مني وقد بلغ الفضاء لكي يُلبـي ويطوي بالجناحينِ المنافي ويبسُطُ في يديكِ سماءَ حُبّي لكَمْ (مكيجت) يا رجوايَ حُزني وَ(سـشورت) الغيومَ وما تُخَبّي فلا تَسْتَيئِسي من قمحِ أرضي ولا تـستنكري تاريخَ عشبي لئنْ ضيعتِ قلبكِ ذاتَ سَهْوٍ تَرَيْنَ سريرهُ في بيته قـلبي». إنها أنات.. وتأوهات.. وتيه بين كثبان الكلمات وموسيقاها العذبة.. هذه موجة من الأشواق.. حين لاح طيف الحبيبة في الآفاق فتدفق الحرف منتشيا رقراق. كلمات ترسم رقة الندى حين يمتزج بعطر الحواس لم نألف رائحته من قبل، تنتشل الأنوثة من قعر الحرمان وتهدهدها. ما أجمل أن يتماهي الحرف مع الوجدان وتحيل أخطاء المحبوبةِ إلى أيقونة جمال حيث يقول.. «ما أجمل الأخطاءَ كيف تُصيبُ سأحبُّها وأحبُّها وأحبُّها وأعيشُها وأُكِنُّها وأذوبُ إن كان حُبي للقبيحةِ غلطةً كم في الجمال مكائدٌ وعيوبُ» وكأن الشاعر يكتب القصيدة غريقًا في عيني أنثي ولا يرتوي من الغرق لأنها كل الحياة ورحيق عطرها تُعلمنا الحب.. وكأنه منارة تهتدي بها قلوب العاشقين. الحب في أشعاره هو الثيمة الرئيسية والإحساس المرهف والقلب المتقد بالحب والروح المحلقة بسماء الحب. لغتهُ واضحة وصادقة وطاهرة، فالذات العاشقة شفافة لدية تلتقط كل صغيرة وكبيرة، ولا ترهقهُ فكرة الانتظار على عتبات العمر.. فهو شاعر يحترم الشعر ولهذا يكتب بتفاؤل وعشق ممتد إلى مالا نهاية.. وكما يقول في غلاف كتابه «حين نُحِبّ نعطي العقل إجازتهُ مفتوحة أو نرميه من الشباكِ لأقرب حاويةٍ من ملهى النسيان وإذا احتجُ قليلاَ .. نعطيه المصروف اليومي كولدٍ ارعن نتوقى شرَّهْ تم نوبّخُهُ،ونُقشّرُ عنهُ صلاحيتَهُ ونحاذرُ خيرهُ وإذا اعتذر فلنْ نقبل أبدا عذرهْ نتركُهُ مُنكسِفا مرْذولاً أسيانْ ونرفرفُ فوق مياه النور لنشربْ». كلماتٌ مغلفة بعاطفة الاشتعال حد الرمق الأخير وحتى عناوين قصائده صافية وعميقة كعنوان ديوانه (زهرنامة) تشع حياة وعشقا.. وتختزن فيها كل الأحاسيس والمشاعر الإنسانية. المصدر: جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 21-04-2021 11:56 مساء
الزوار: 603 التعليقات: 0
|