|
عرار:
إبراهيم محمَّد أبو حمَّاد تنماز نظرية المعرفة الشعرية لدى الكاتب باختبار جهازه المفاهيمي النقدي، وحدسه الشعري، وتجربته الذاتية، وتجربة الشاعر، وتاريخه الشعري الذاتي، بالنقد الإجرائي التطبيقي على المدونة الشعرية محل الدراسة، ويسعى الكاتب أن تكون كتبه تعليمية في الإبداع (صناعة الشعر)، ولذا فإنه يقف على مسافة شعرية منصفة من النقد القديم والحديث، والنقد العالمي، لخلق إرادة معرفية عربية، قادرة على الولوج للمرجعيات المعرفية الشعرية، في ظل التثاقف الشعري. ولذا ينفتح الناقد على نظريات المعرفة الشعرية؛ من النظرية المعرفية الشعرية العرفانية، الماثلة في الشعر الصوفي، والتجريب الشعري باعتباره مدرسة عقلانية ترنو للإفهام والتفسير والتعبير، فالشاعر والناقد مُجرب فنيا وروحيا ولغويا، وعليه فإن الحواس لا تكشف المعنى الشعري، نظرا للغموض في المعنى الذي يمنح الشعر ذاتيته، ولأن الناقد واسع الاطلاع على مناهج ونظريات نقدية، وقادر على هضمها لتقديمها للقارئ المثقف، مما يولد ممارسة نقدية إجرائية، تُكون الناقد الحاذق، وتُمكنه من مزاولة النقد الأدبي بكل أريحية. إن المعنى الشعري بمفاهيمية الكاتب دائم الترحال والتجوال ومتغير، وهو يستلزم الصبر والأناة في رحلة البحث المعنى، وللنص الشعري «افخاخ» متسربلة في المرجعيات المعرفية؛ من رمزية، وأسطورية، وتاريخية، مما يستلزم الحفر في اللعبة الدلالية والانزياحات الشعرية، إلا أن هذه المفاهيم تنتقل من العام إلى خصوصيتها للشاعر، بما يدعو الناقد لتقديم مسكوكة مصطلحية في «افخاخ النص» «موضعة الذات» «تذويت الأسطورة» «تذويت التاريخ» «تذويت التناص» «تذويت الأسطورة» «تذويت الناقد» و»تذويت الرمز». ولما كان الشاعر ينصب «الافخاخ»، بحيث يتسربل المعنى ويلوذ بالفرار في «اصقاع النص، « فالشعر ضرب من المكر»، لغز واحجية مما يقتضي التفكير في تعبئة الفراغات، التي تولدها المدونة الشعرية. وبالبناء عليه فالذات لا تنفك عن الموضوع، كما أن الشكل الشعري لا ينفصل عن موضوعه «الموضعة»، والحداثة تُشكل رؤيا، تعبر عن قفزة خاصة خارج المفهومات السائدة، وتتواصل بين التراث والمعاصرة على الرغم من ظاهرية القطيعة، إذن فهي «انصهار شعري»، وخروج من «الانغلاق الكهفي» ومن وحدة المعنى إلى تعدد المعانى، وهذا يجعل من الناقد متصالح مع ذاته، إذ لا يمكن الانعتاق أو التحرر من ذواتنا، وبهذا فإن سيمياء العنوان لمصنفه، ينبع من ذاتية الناقد، وتجربته الشعرية والنقدية، وممارسته القادرة على إكمال الدائرة المعرفية بانفتاح ووعي، إذ إن أفخر الشعر ما كان يماطل في المعنى، فتاة تتدلل، وتتمنع، وتغوي الناقد، الذي يعاملها بذكاء، مما يُمكنه من تسلُم المعاني من المتخيل الشعري، ولذا؛ فتجربة الناقد الذاتية، هي الكفيلة بسبر أغوار المنجز الشعري المعاصر. وعليه؛ فإن الناقد يكشف عن الأصوات المهمشة، والتي لها الحق النافذ بمراجعتها مثل: المعري، وابن رشد، وأبو حيان التوحيدي، مما يحاول بذلك تفكيك علاقة السلطة بالمعرفة، متأثرا بحفريات ميشيل فوكو، وبذلك فإن النقد؛ احتفال معرفي لمدونة الشعر محل النقد، فالقصيدة نظام إشاري دال، وعناصر محايثة لشعرية اللفظ والمعنى، في مستويات متباينة من العلاقات والدلالات، مثل تذويتات الرمز والأسطورة والتاريخ في الشعرية التي تتضمن في جوهرها «الإيحاء الشعري» وافخاخه، فالذات هي القصيدة التي يتدثر بها الشاعر للإيحاء بالموضوع، مما يخلق» الموضعة الشعرية» وبذلك فالشعر يفسر بالشعر ذاته، بالتناص الذاتي والغيري في المدونة الشعرية، لأن التناصية كما الرمز والأسطورة تؤول الإشارات أو العلامات الشعرية، التي تُشكل حقل دلالي خاص بالشاعر والناقد، والبحث في الأزمنة والأمكنة والنحو الشعري الاشاري في القصيدة، مما يشكل مستويات متعددة في بنية اللغة الشعرية. ويولي الكاتب شغفا في «الجغرافيا الشعرية» ولذا فمن حيث الشعراء اختار اختبار الانصهار الشعري في قصيدة حيدر محمود «ورقة من الدفتر العماني! كان مستحيلا!! وفي «يتوهج كنعان» لعزالدين مناصرة اختبار تذويت الأسطورة أو أسطرة الواقع، وكذلك في جدارية محمود درويش، ولدى أدونيس اختبار تذويت التاريخ في ديوان « الكتاب أمس المكان الآن». وبذلك فإن هذه السهيمة في المعرفة الشعرية العربية، تبين وبشكل تفاعلي قدرة الناقد العربي على إدارة النقد العربي، وبأن يتغيا الناقد العربي في رحلة المعنى، القدرة على تجاوز أفخاخ النص الشعري بتفكيك المرجعيات المعرفية للمدونة الشعرية، بتذويتها لبلوغ المستوى العميق للنص الشعري. * فضاءات للنشر والتوزيع 2014. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 31-03-2022 09:37 مساء
الزوار: 1280 التعليقات: 0
|