نضال برقان يخاطب الكاتب العُماني أحمد عبد الله البحراني قارئ روايته «موتائيل» بأسلوب سردي يقوم على الجمع بين الخيال والواقع، ويقدّم خلال ذلك رؤية وجودية تواجه مفهوم الموت، محاولة الاقتراب منه ما أمكنها ذلك. وجاءت الرواية الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 158 صفحة من القطع المتوسط. وأراد الكاتب أن يُدخل قارئها في أجوائها منذ البداية، فخاطبه قبل أن يشرع في سرد الحكاية قائلا: «هل الواقع هو ما تراه أعيننا، أم أن ما يجري في الكون مختلفٌ تماما، وكثيرٌ جدّاً ربما، على معالجات عقولنا القاصرة، لما يصلها من حواسنا المحدودة؟ هل يتقاسم الزمان والمكان معنا، من يتدخل في أفكارنا وقراراتنا ورغباتنا ومصائرنا، أم أننا من يصنع أقدارنا؟ هل حصتنا من كل شيء ثابتة؟ أم أن هناك ما لم نطّلع عليه بعد، يجعل من المسألة عرضاً وطلباً، بشروط ربما سنعرفها؟ ثم؛ هل نحن كما نُريد، أم كما يُراد لنا أن نكون؟». واعتنت الرواية بوصف المكان الذي تدور فيه أحداثها؛ وهو شارع الحبيب بورقيبة في تونس العاصمة. وظهر هذا المكان عامراً بالبشر والحكايات، وتنقَّل البطل من شقته المطلة على الشارع إلى فضاء مدني ظهرت فيه معالم العاصمة واضحة، يقول في أحد المقاطع: «توجَّهَ إلى محطة الحافلات ولم يطل فيها انتظاره. في الحافلة، عرفه بعض طلبة جامعة 9 أفريل، فوقف فاسحاً له الكرسي. شكره بإيماءة سريعة وجلس مكانه. نزل من الحافلة قريبا من الجامعة التي تقف أمامها بعض أشجار الظل. كان يمشي في عجل على الرغم من أنه لم يكن متأخراً لكن بسبب طبيعته النظامية جداً، كان منزعجا من توقيت حضوره هذا اليوم. وهو في طريقه إلى الجامعة مرَّ بشجرة تحتها كرسي خشبي ولم ينتبه إلى عدد من الطيور كانت واقفة على الكرسي إلا حين تطايرت في وقت واحد أثناء مروره بمحاذاتها». ووسط هذا الفضاء الفسيح المليء بالبشر وحركتهم، عاش البطل حكايته التي كانت تأخذه من عالمه الواقعي إلى عالم آخر متخيل، فيخاطبه صوت موتائيل قائلا: «هذه آخر لحظة لك في هذه الحياةِ وستموتُ الآن. أَحَسَّ بثقلٍ شديدٍ جعله يتصبَّب عَرَقًا، ثمَّ تساءلَ عن سبب تجمُّد كلِّ شيءٍ أمامَه. أجابَه بأنَّ كلَّ شيء على طبيعته. «لماذا إذن كلُّ شيء أمامي في حالة سُكون وجُمود؟»، وبحركةٍ من إحدى أيادي موتائيل الَّتي لا تُعَد ُّولا تُحصى، وكأَّنه يُزيح ستارة، انزاح جزءٌ من تلك الصُّورة الَّتي أمامَه، فبانَتْ له الحياة طبيعيَّةً جدًّا خلفَ تلك الصُّورة. الشَّمسُ قد غربَتْ، واللَّيلُ بدأ ظلامُه يعمُّ الوجود». وعلى هذا النسق التبادلي تجري معظم أحداث الرواية. ومن الجدير ذكره أن هذا الإصدار هو الأول في رصيد الكاتب العُماني أحمد عبدالله البحراني.