التراث والأحلام في المجموعة القصصية «قشر البرتقال»
عرار:
موسى إبراهيم أبو رياش
صدرت مجموعة «قشر البرتقال» للقاصة مرام وجيه رحمون عن وزارة الثقافة الأردنية، ضمن منشورات إربد عاصمة الثقافة العربية 2022، في أربع وتسعين صفحة، وجاءت في قسمين: الأول، ثماني قصص مستمدة من الموروث الشعبي، وهي: «عين حمد، الألفية، قشر البرتقال، بوظة، الأمل الدفين، أنيسة، جدتي قمر، فتحي الأخرس». والثاني: ثمان قصص واقعية اجتماعية، وهي: «كعب عال، نعنع خاص، أبيض أبيض، مدخن بالكراميل، دمية بمقياس قط، أرواح سبعة، نحس، عزف منفرد».
تناولت قصص الموروث الشعبي حكايات شعبية متداولة ومتوارثة، حيث نسجت منها الكاتبة قصصًا قصيرة، وقدمتها للقارئ بلغة جميلة، وسرد ممتع. وقد تنوعت موضوعات القصص حيث شملت الإصابة بالعين، والأفاعي المجاورة المقيمة في البيوت القديمة بوجود أهلها، والشعوذة والدجل والسحر، وأسواق إربد قبل عقود وتفاصيلها الجميلة، والحلم بالكنوز المخبوءة وطلاق الفقر، ومكر النساء وحيلهن، والجن، والجدات الأمهات.
كما تنوعت موضوعات القسم الثاني، فشملت أحلام فتاة لن تتحقق، وعجوز تناجي زوجًا لن يعود، وطفلة يغريها اللون الأبيض، وعلاقة حب افتراضية لا تكتمل، وسنوات العمر التي تمر ولا تنتظر أحدًا، والعنوسة، وخطط للزواج تذهب أدراج الرياح.
تتناول قصة «عين حمد» موضوع الإصابة بالعين، وهو أمر يؤمن به معظم الناس، وفي الحديث الصحيح أن «العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين»، وفي الموروث الشعبي ثمة مناطق معرفة أن أهلها يصيبون بالعين، أو أن عائلات بعينها تصيب بالعين، أو شخصًا يصيب بالعين. وفي هذه القصة، اشتهر «حمد اليعقوبي» بقدرته العجيبة بالإصابة بالعين، فتكفي نظرة واحدة منه لقتل شاة، أو مرض فتاة، أو موت طفل، وغيرها مما يتداوله الناس في الأغوار الشمالية.
وتصف القصة أنهم استعانوا به لتفتيت صخرة أعاقت مسير قناة الغور الشرقية وأعجزت الآلات الثقيلة، حتى هموا بتغيير المسار: «وقف حمد مقابل الصخرة، طأطأ رأسه ثم رفعه، أمال به لليمين ثم للشمال، شد ظهره للخلف وكأنه يأخذ إحداثيات الصخرة ويمايزها، ثم وضع يديه في جيبه، أغمض قليلًا، ثم فتح عينه اليمنى ورفع حاجبها وأغمض الشمال ونظر للصخرة وأخذ نفسًا عميقًا عميقًا، ثم كتمه وركز كل قواه ووصل كأنه يستعد للهجوم في ساحة قتال.. لحظات مرت حتى التفت الجميع إلى صوت صدر من الصخرة، شدهت العيون، وفغرت الأفواه، وتشققت الصخرة إلى خمس قطع، وانهارت كأنها أم رأت موت ولدها بأم عينها». فعلى الرغم من أن حمد كان أذى متحركًا، إلا أنه قام بعمل كبير في خدمة مشروع حيوي في المنطقة.
وكان أهالي المنطقة يتجنبون شروره بالرقى الشرعية ومنها قراءة المعوذتين، أو بالملح الصخري المقروء عليه، أو وضع مرآة على باب البيت ليرتد النظر، أو بكسر أعواد الكبريت والتمتمة «بعينك عود.. يالبعيد»، أو بتغطيس المعيون في مياه البحر الميت سبع مرات، وغيرها من الإجراءات المجربة المتوارثة.
في قصة «بوظة» التي تسرد جانبًا من طفولة الكاتبة كما يبدو، عاشت الطفلة وحيدة مع أبيها المكتبي في إربد، بعيدًا عن أمها المريضة في دمشق، وتصف حياة هذه الطفلة ومكوثها مع أبيها في المكتبة المقامة في بيت درج في سوق إربد، وتذكر بعض تفاصيل المكان التي ضاع أغلبها وطوته عاصفة التحديث التي قضت على البساطة والجمال والعراقة ورائحة الأجداد. ومن بعض ما تذكره الطفلة: مكتبة فلسطين، العم كميل وزينة عيد الميلاد، صالون العم حكمت، مرطبات قدري، شارع الهاشمي، المكتبة العربية، مكتبة الجهاد، مكتبة الوحدة العربية، محل السكجي للأقمشة،.....
جريدة الدستور الاردنية
الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 25-11-2022 07:48 مساء
الزوار: 783 التعليقات: 0