|
عرار:
حسين خالد الفقير نتّفق جميعًا على روعة الشعر النبطي وعذوبته، فهو شكل فنّي جميل وتقليد موقّر، وهو مستودع الذاكرة الشعبية، وخزّان الثّقافة والتاريخ، وقد لفت أنظار العديد من الدارسين العرب والأجانب. في كتابه «شاعر الأردن: الشعر السياسي لمحمد فناطل الحجايا»، يقدم الباحث الأمريكي (ويليام تامبلين) تجربة شعرية جميلة دامت لعقدين كاملين من الشعر السياسي للشاعر الحجايا؛ وهو شاعر أردني معروف وشخصية بدوية بارزة، يعبر صوته عن خط من خطوط الشعر النبطي الجميل بما يختزل من فكر سياسي شعبي. تزخر ترجمة تامبلين بالحواشي والصور والمقابلات، وسيرة ذاتية للشاعر، تحاول وضع الرجل وقصائده في السياق الاجتماعي والسياسي المناسب. وعلى العموم، يُلاحظ أن الدراسات الأدبية المعاصرة أهملت هذا النوع من الشعر، وقللت من قيمته وجماليته، واستمر هذا التجاهل لفترة طويلة. ومن خلال تقديم دراسة دقيقة لحياة الشاعر محمد فناطل الحجايا وشعره، يسلط تامبلين الضوء على هذا النوع من الشعر، ويوضح التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه صوت الشاعر على الناس في العالم أجمع. في قصيدة «إلّا تذوقوا شهدها»، تخيل الحجايا أن أوباما، وبعد ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، سيترشح لمجلس النواب الأردني لتمثيل دائرة بدو الجنوب في الأردن، التي خُصص لها ثلاثة مقاعد في عام 2016. أجريت الانتخابات في 20 أيلول 2016، وأعلن أوباما ترشّحه قبل شهرين من موعد الاقتراع، وكجزء من برنامجه الانتخابي، وعد بشطب الديون، وتخفيض أسعار النفط والمواد الغذائية، وتشجيع التنمية الاقتصادية والزراعية، وأطلق حملة لمكافحة الفساد والإرهاب. يفتتح الشاعر القصيدة بأوباما يقدّم نفسه، ويستعرض أصوله، ويفاخر بقوّته: (أسمر ولوني لونكم يالبداوين/ والقلب أبيض والنوايا بعدها/ أبوي مسلم محترم واسمه حسين/ من كينيا هاجر لدوله قصدها/ أمريكيا دار الفرص للذكيين/ اللي بها كل العدالة وجدها/ وأقصى طموحه كان يلقى عمل زين/ هروب من بؤس الحياة ونكدها/ وفيها تزوج من خيار المزايين/ بنت الرجال اللي كبيرٍ سعدها/ جابت حصان اليوم يحكم ملايين/ يحكم أمريكا والتوابع بعدها/ جابت له أوباما خزام المعادين/ يدوس في روس الحوافر أسدها). وقد ترجمها تامبلين على النحو مميز. الكتاب الذي صدر عن دار Brill عام 2018، يحتوي على قصائد أخرى للشاعر الحجايا مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، ورغم نجاح تامبلين في نقل أفكار القصائد بأمانة، إلا أن للشعر النبطي رونقًا خاصًّا، ونكهة فريدة، وشفيرة يصعب فك رموزها. وفي ظل التطوّر الهائل للتكنولوجيا، والتّنوّع الكبير في أوعية المعرفة، واتساع الفجوة بين الإنسان المعاصر وبين تراثه وتاريخه، تظهر الحاجة لدراسة هذا النوع من الشعر وتوثيقه وتدوينه باعتباره شكلًا من أشكال التراث غير المادّي الذي يسهم في الحفاظ على الهوية الخاصّة بالشعوب، ويوفّر مصدرًا غنيًّا متاحًا من مصادر دراسة التاريخ والأنثروبولوجيا والفولكلور. أما مقارنة الشعر النبطي بالشعر الفصيح فهي إشكاليّة تتعدّى حدود هذا المقال. جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 08-11-2024 07:50 مساء
الزوار: 57 التعليقات: 0
|