|
عرار:
عمان – نضال برقان أكّدت مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة في عددها الثّالث عشر أهمّيّة الاعتزاز باللّغة العربيّة الفصحى والعناية بمكانتها، داعيةً المهتمّين بها إلى الانطلاق من واقعها الملموس في المؤسّسات التّعليميّة والمجتمعيّة؛ بهدف إيجاد حلول تعزز حضور الفصحى في الكتابة والمحادثة. وتناولت المجلّة شهادات كبار العلماء والمستشرقين الذين أشادوا بجمال اللّغة العربيّة وقدرتها التّعبيريّة الاستثنائيّة، مؤكّدين ثراءها البلاغيّ وتنوّع تراكيبها النّحويّة والصوتيّة، حيث تجمع العربية في بنيتها بين التّعبير العميق والجمال الفنيّ بما يناسب مختلف المواقف والظروف. وجاءت افتتاحية العدد تحت عنوان: "هل تنعم مجتمعاتنا يومًا بعربيّة فصيحة سليمة؟"، بقلم الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، أوضح فيها أنّ الدّراسات المعاصرة المتعلّقة باللّغة العربيّة ثلاثة أنواع: دراسات تعبّر عن الفخر والاعتزاز بلغة القرآن، ودراسات تركّز على التّراث اللّغويّ العربيّ من خلال النّقد والتّحقيق، وأخرى تطبّق مفاهيم علم اللّسانيّات المعاصرة على اللّغة العربيّة، حيث يُنصح بالحذر في هذا النّوع الأخير وعدم الانبهار بالدّراسات الغربيّة. وشدّد المستغانمي على ضرورة أن ينطلق المهتمّون باللّغة العربيّة من الواقع اللّغويّ العربيّ الملموس في المؤسّسات التّعليميّة والمجتمعيّة، لإيجاد حلول تُعزّز مكانة الفصحى في الكتابة والمحادثة. كما يجب أن يدركوا وجود خطط تهدف إلى إضعاف اللّغة العربيّة، بوصفها حافظة للقيم والتّراث العربيّ الإسلاميّ، في ظلّ تأثيرات العولمة التي تسعى لتغيير قناعات الأجيال الجديدة عبر وسائل الإعلام المتعدّدة. من هنا، يشير المستغانمي إلى أنّ العناية بالعربيّة الفصيحة وتعزيزها أصبح واجبًا على كل مثقّف يرفض لأمّته الضعف والانحلال. وفي دراسة بعنوان "مراعاة القرآن الكريم المقام الخطابيّ"، أوضح الدكتور نبيل قصّاب باشي أنّ بلاغة القرآن الكريم لا تنحصر في أسلوب دون آخر، ولا تقتصر على البلاغة المجازيّة أو الواقعيّة، بل إنّها ثابتة على مستوى بلاغيّ معجز في كلّ زمان ومكان. مشيرًا إلى أن نظرية النّظْم تؤكّد أنّ كلّ لفظ في القرآن وضع في المكان الأنسب له، بحيث لا يمكن استبداله بغيره دون إضعاف المعنى أو إفساد رونق النصّ. أمّا مقالة "هل اللّغة العربيّة أعظم اللّغات؟"، للدّكتور صالح بلعيد، في جزئها الثاني، فأكّدت مكانة اللّغة العربيّة التي أشاد بها كبار العلماء والمستشرقين غير العرب، حيث رأوا فيها جمالًا استثنائيًّا وقدرة تعبيريّة فريدة؛ إذ رأى إرنست رينان أنّ اللّغة العربيّة ظهرت بشكل مكتمل منذ بدايتها، دون مراحل تطوّر كالطّفولة أو الشيخوخة؛ كما استعرض المقال عددًا من آراء المستشرقين في مكانة العربيّة كلغة لا تضاهيها أيّ لغة من لغات العالم. أمّا مادّة "التّركيب العربيّ... دراسة في حيويّة اللّغة والتّبادلات الوظيفيّة" للباحث جواد عامر، فأوضحت أنّ التّعبير العربيّ يستمدّ قوّته البلاغيّة ليس فقط من تنوّع تركيبه النّحويّ أو من إمكاناته الصّرفيّة المتعدّدة، أو من ثراء مفرداته المعجميّة وتنوّع تشكّله الصّوتيّ. بل نجد قوّته أيضًا في امتلاكه حياة داخليّة واعية توجّه خياراته التّعبيريّة وتحقّقها بنسق جماليّ قادر على التّعبير عن مختلف المواقف والظروف وفقًا لما يتناسب مع طبيعة كلّ مقام. وفي "إطلالة على ظاهرة حكاية الأصوات في باب الهمزة" للدكتور إباء الدّين بومرعي، قدّمت المجلّة تحليلًا لظاهرة حكاية الأصوات في اللّغة العربيّة، وذلك من خلال دراسة عيّنات مختارة من جذور باب الهمزة في المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة. كما انطلقت المجلّة من خلال "المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة" في "رحلة مع الهاتف"، حيث أشارت المادّة إلى أنّ الفعل "هتف" يحمل العديد من الدّلالات في المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة، أبرزها وأكثرها أصالة هي النّداء برفع الصّوت، إلى جانب دلالات أخرى فرعيّة، من أهمّها أنّه الصّوت الذي يسمعه الشّخص ولا يرى صورة صاحبه، وهو ما ينطبق على دلالة الهاتف في بداياته قبل أن يكون مرافقًا للصّورة. وفي اللّغة المعاصرة، تشير المجلّة إلى أنّ أقدم استخدام موثّق لهذه الكلمة بهذا المعنى يعود إلى كامل الغزيّ في كتابه "نهر الذّهب في تاريخ حلب" عام 1341 هـ (1922 م)، يليه محمد كرد علي الذي استخدم مصطلح "الهاتف السّلكيّ" و"الهاتف اللّاسلكيّ" في كتابه "خطط الشّام" عام 1346 هـ (1927 م). كما تناولت مجلّة المعجم عددًا من الموضوعات والدّراسات والأبحاث المتنوعة، حيث سلّطت الضّوء على "التّأسيس العربيّ لمعاجم المعاني" من خلال نموذج "فقه اللّغة وسرّ العربيّة"، وناقشت كتاب "الأدب الإماراتيّ المعاصر.. مقاربات ورؤى انطباعيّة"، إضافة إلى قراءة في كتاب "العربيّات وآدابها أثناء الجاهليّتين الأولى والآخرة". كما تناولت "شخصية ابن رشيق القيروانيّ" وإسهاماته، ودور "الكتابة والخطّ في الثّقافة العربيّة والإسلاميّة". وشملت المجلّة أيضًَا دراسات حول "ابن حجر العسقلانيّ" كعالم لغويّ ونحويّ وشاعر وأديب، وقدّمت "قراءة نقديّة جماليّة في لاميّة السموأل بن عادياء"، بالإضافة إلى وقفة مع "الأعمال الفائزة في جائزة الشّارقة للدّراسات اللّغويّة والمعجميّة"، و"تثوير القرآن الكريم عند البصريّين والكوفيّين"، وغيرها من الموضوعات والقصائد الشّعريّة المتنوّعة الموضوعات. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 14-11-2024 08:33 مساء
الزوار: 38 التعليقات: 0
|