|
عرار: عرار:فى بادرة أسعدت المشهد الثقافى المصرى بكل ما فيه من مؤسسات فكرية وعلمية ، وبكل ما يزخر به من كتاب وشعراء وأدباء وفنانين ، جاءت توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ؛ باستضافة جمهورية مصر العربية كضيف شرف فى معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته 31 ، وفى الحقيقة أن الفرحة بهذه الاستضافة الكريمة لم تقف عند حد المثقفين المصريين فقط بل عمت الشعب المصرى بأكمله ، ليقينه أن دورة المعرض هذه ستكون عيدا للمنتج الثقافى المصرى ، وتظاهرة ثقافية مصرية بامتياز يؤمها عددا كبيرا من رموز الكلمة ، والكتاب والمفكرين ورجال الفن والاعلام.. ويجدر بنا فى هذا المقام أن نتحدث عن مصر بصفتها الضيف ، وعن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ومعرض الشارقة الدولى للكتاب بصفتهما المضيف ، ونبدأ بالسؤال : لماذا كانت مصر هى الضيف ؟ ويمكن اختصار الاجابة فى عدة محاور أهمها ما يلى : - أولا : أن لمصر دور تاريخى فى احتضان جميع الأديان السماوية ، منذ مصرايم حفيد نوح عليه السلام والتى تسمت باسمه ، مرورا بالنبى أدريس عليه السلام ، حتى جاءها إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام، وجاءها يوسف الصديق ومن بعده الأسباط اليهود الأثنى عشر، ومع مطلع الرسالات السماوية كانت مصر طرفاً دائماً فى قصة التوحيد بفصولها الثلاثة ، حيث ولد على أرضها موسى عليه السلام نبى اليهودية، ثم جاءتها العائلة المقدسة وقت أن كان عمر السيد المسيح (عامان)، وقد مرت العائلة بثلاثة مواقع فى شمال سيناء وثمانية عشر موقعاً فى وادى النيل ودلتاه، وزارت وادى النطرون فى الصحراء الغربية، وجبل الطير فى الصحراء الشرقية، وعبرت المجرى الرئيسى لنهر النيل أربع مرات. بعد ذلك دخل مصر "مرقص الرسول" عام 43م، وأسس أول مدرسة لاهوتية مسيحية بالإسكندرية. وهى التى زكاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته لما قال لأصحابه موصيًا إياهم: "ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرًا، فإن لكم فيهم ذمةً ورحمًا" (رواه مسلم ) وهى التى من نسائها تزوج رسول الله السيدة مارية القبطية ، وتزوَّج شاعره حسان بن ثابت من أختها سيرين ، وذكر ابن إياس المؤرخ أنه قد زارها من الأنبياء والصديقين والصديقات ما يزيد على الثلاثين منهم (إدريس- إبراهيم- إسماعيل- يعقوب- يوسف- الأسباط- موسى- هارون- داود- سليمان- عيسى) عليهم الصلاة والسلام، ومن الصديقين (لقمان الحكيم- ذو القرنين- يوشع بن نون- مؤمن آل فرعون)، ومن الصديقات (السيدة مريم ابنة عمران عليها السلام- أم نبي الله موسى عليه السلام- امرأة فرعون- ماشطة بنت فرعون ) وجاء على لسان عمرو بن العاص قوله: "ولاية مصر ولاية جامعة تعدل الخلافة"، وقال فيها أبو موسى الأشعري: "أهل مصر هم الجند ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته"، وقال فيها عبد الله بن عمرو بن العاص: "أهل مصر أكرم الأعاجم كلها، وأسمحهم يدًا، وأفضلهم عنصرًا، وأقربهم رحمًا للعرب عامةً ولقريش خاصة"، وذكر ابن خلدون: "مصر حاضرة الدنيا، وبستان العالم، وإيوان الخلافة، وكرسي الملك، مَن لم يزرها لم يعرف عزة الإسلام"، وقال المقريزي في كتاب الخطط: "مصر خزائن الأرض كلها فمن أرادها بسوء قصمه الله". ثانيا : ان مصر منذ ان تحدثت اللغة العربية بعد ما يقرب من 200 عام بعد الفتح العربى الاسلامى لها ، وحتى اليوم ، وهى تضطلع بدور فاعل ومؤثر فى تكوين الوجدان العربى ، وصياغة وتشكيل الهوية العربية لكل أبناء لغة الضاد ، حيث قدمت الى العالم العربى أساطين المؤرخين امثال ابن عبد الحكم أول من ألف فى التاريخ الاسلامى لمصر بعد الفتح ، وابن تغرى بردى ، والسخاوى ، وشيخ المؤرخين المقريزى ، والسيوطى ، وابن زولاق ، والقلقشندى ، وابن حجر العسقلانى، وابن يوسف الكندى ، والنويرى ، وابن اياس ، وعبد الرحمن الجبرتى ، وغيرهم الكثير ممن كانت كتاباتهم بمثابة الخزنة لكنوز التراث الدينى والفكرى والثقافى والانسانى للأمة العربية ، حتى قيل أن من لم يقرأ لهؤلاء المؤرخين العظام فقد فاته الكثير الذى لا عوض له ولا مثيل. ثالثا : كانت مصر منذ أن تأسست كدولة على يد الملك مينا عام 3200 قبل الميلاد ، بوتقة للحضارات والثقافات المختلفة بداية من الفرعونية والبطلمية والرومانية والقبطية حتى العربية والإسلامية . وقد اصطلح العلماء الأمناء على أن مصر مرت عبر تاريخها الطويل بثلاث حضارات أساسية شكلت صلب وقوام هويتها وهى : حضارة مصر الفرعونية التى امتدت نحو خمسين قرنا ، ثم مرحلة الحضارة القبطية الممتزجة بالمداخل اليونانية والرومانية، واخيرا حضارتنا الاسلامية العربية الشامخة منذ الفتح العربى لمصر وحتى اليوم . رابعا : قدمت مصر عمالقة الأدب العربى الى امتها العربية ، فمع انتشار الإسلام ازدهر الأدب الإسلامي ، وبلغ أوج ازدهاره في القرن الثامن الهجري – 14م مع نشوء مدرسة الموسوعات المصرية مثل مؤلف النويري ( نهاية الارب فى فنون العرب ) ، وفي العصر الفاطمي أزدهرت الحركة الأدبية ، وساعد على ذلك اهتمام الفاطميين بأمر المكتبات والكتب . وقد اهتم الفاطميين بالشعر والخطابة ومن أكثر شعرائهم شهرة " إبن هانئ الأندلسي .. وفي العصر المملوكي نشأت مدرسة مصرية اختصت بتأليف الموسوعات في شتى النواحي الأدبية والسياسية. وإزدهر النثر الفني والشعر ، كذلك المناظرات الأدبية والشعرية المختلفة ، و أشهر الأدباء في العصر المملوكي الأديب " ابن عبد الظاهر.. أما في العصر الحديث فقد ازدهر الأدب القصصي من رواية وقصة قصيرة بشكل كبير ، وامتلأت ساحة الأدب بالعديد من الأدباء والمفكرين الذين نالوا شهرة عالمية واسعة ، فمن الشعراء قدمت مصر أمير الشعراء أحمد شوقى . محمود سامي البارودي وشاعر الكوخ محمود حسن اسماعيل و وشاعر الجندول على محمود و شاعر النيل حافظ ابراهيم وشاعر الشباب احمد رامى وشاعر الأطلال إبراهيم ناجي. أحمد زكي أبو شادي، أحمد سويلم، أحمد محرم، أمل دنقل، صالح جودت، صلاح عبد الصبور، طاهر أبو فاشا، عبد الحميد الديب، عبد الرحمن الخميسي، عبد الرحمن الشرقاوي، عبد الرحمن شكري، عبد الرحمن صدقي، عبده بدوي، عزيز أباظة، علي أحمد باكثير، علي الجارم، علي الجندي، علية الجعار، العوضي الوكيل فاروق جويدة، فاروق شوشة، فتحي سعيد، كامل الشناوي، محمد إبراهيم أبو سنة، محمد التهامي، محمد عبد المعطي الهمشري، محمد عفيفي مطر، محمود غنيم، نجيب سرور، أحمد بخيت. ومن الأدباء و الكتاب قدمت مصر ابراهيم عبد القادر المازنى و احمد لطفى السيد، احمد امين ،إحسان عبد القدوس ،توفيق الحكيم، جمال الغيطاني، رفاعه الطهطاوي، إبراهيم أصلان، سلامة موسى، سهير القلماوي، صنع الله إبراهيم، طه حسين، عباس محمود العقاد، عبد الحميد جودة السحار، عبد الرحمن الشرقاوي، عائشة عبد الرحمن، محمد حسين هيكل، محمد عبد المنعم الصاوي، محمد عبد الحليم عبد الله، محمد فريد أبو حديد، مصطفى لطفي المنفلوطي، مصطفى صادق الرافعي، محمود تيمور، نجيب محفوظ، يحيى حقي، يوسف إدريس، يوسف السباعي، جلال أمين، جمال حمدان، فتحي غانم، لويس عوض، محمد حسنين هيكل و نعمات أحمد فؤاد و سعيد الكفراوى، محمد المخزنجى ويوسف القعيد. خامسا : ان مصر لها دور أساسى وهام فى النهوض بالموسيقى العربية ، بداية من محاولات لتقديم موسيقى محلية الطابع قادها عبده الحامولى ومحمد عثمان حتى نهاية القرن. و مع مستهل القرن العشرين بدأت كتابة الموسيقى ، و ظهر المسرح الغنائى برعاية الشيخ سلامة حجازى الذى كان يقدم المسرح العالمى معربا ويطعمه بالقصائد العربية، و بمقدم سيد درويش تغير كل شيئ فى الموسيقى وقد أحدث الشيخ سيد تطورا حقيقيا وسريعا فانتقل إلى موضوعات جديدة وأشكال جديدة تميزت بقربها الشديد من الموسيقى الشعبية المحلية مع اتباع أساليب حديثة فى التأليف الموسيقى .. وقد تبع سيد درويش موسيقيون تميزوا بالموهية العالية مثل القصبجى وزكريا أحمد ورياض السنباطى. كما ظهرت مجموعة من الملحنين الجدد مثل محمود الشريف ، فريد الأطرش ، كمال الطويل ، محمد الموجى ، محمد فوزى ، بليغ حمدى ، سيد مكاوى . ولمعت العديد من الأسماء في مجال الموسيقى ومن أبرزهم عمار الشريعى ، عمر خيرت في أواسط القرن العشرين شهدت الموسيقى ازدهارا كبيرا فى مصر بالذات وأنشئ معهد للموسيقى الأكاديمية الغربية هو "الكونسرفاتوار " ساهم فى تدعيم الحركة الموسيقية بالعازفين المهرة وقائدى الأوركسترا وصاحب انتشار التعليم العام نشاط تعليم الموسيقى فى المدارس مما أدى إلى ارتفاع حدود التذوق الموسيقى لدى فئات كبيرة من الشعب.. فمصر وشعبها لا ينسيان أبداً وقوفه الى جانبها في الشدائد، وإسهاماته الجليلة في تقديم كافة أنواع الدعم الثقافي والمادي لها عبر سنوات طويلة” .وتحفظ له الجميل والمعروف لايمانه الصادق والعميق بأن قوة مصر تصنع قوة العرب وضعفها يعني ضعف العرب. ولا تنسى مصر مبادرة سموه بتحمله تكاليف إنشاء صرح جديد للمجمع العلمي المصري على مساحة 4 آلاف متر بمدينة 6 أكتوبر إثر إحتراق المجمع الأصلى بوسط القاهرة العام الماضى ، وتحمل سموه تكلفة بناء المجمع بالكامل التى تقدر مبدئيا بخمسين مليون جنيه مصري قابلة للزيادة. وسوف يبنى المجمع على نحو يضاهى أشهر المجامع العلمية فى العالم مما يتيح له تقديم خدماته بصورة مميزة ومغايرة تماما للأساليب التقليدية المعروفة، حيث حرص سموه على الاشراف بنفسه على الرسومات الهندسية الخاصة بتصميم مبانى وأروقة وقاعات المبنى الجديد والتي أعدها أحد بيوت الهندسة العالمية ويتوفر فيه أحدث أشكال البحث العلمي الحديثة والمعاصرة ليكون بذلك بوابة علمية واسعة الآفاق أمام العلماء والباحثين والأكاديميين من جميع أنحاء العالم. و لم تقف مبادرة سموه فقط عند هذا الحد بل إن سموه سيقوم بإهداء المجمع والمنتظر افتتاحه فى السابع والعشرين من ديسمبر القادم آلاف الكتب النفيسة من مكتبته الخاصة بمنزله والتى تضم الكثير من الكتب والمخطوطات الأصلية التي طالها الحريق العام الماضى ومنها كتاب "وصف مصر" والمجلة الدورية التي ظهرت عام 1860 والطبعات الفرنسية لبعض الكتب وخرائط الأمير يوسف كمال النادرة والتى لا يوجد لها مثيل إلا في العاصمة الأسبانية مدريد. ونذكر ايضا قيام صاحب السمو بالتكفل ببناء المبنى الجديد لدار الوثائق القومية بعين الصيرة، وذلك بمبلغ وقدره مائة مليون جنيه، ولم تتحمل الدولة المصرية مليما واحدا لإقامته . وعلى نفس الصعيد تعتبر مكرمة صاحب السمو حاكم الشارقة بانشاء وتجهيز مكتبة ومركز معلومات كلية الزراعة التى تعد الاولى من نوعها فى المحتوى المعرفى والعلمى انجازا علميا تعليميا عربيا غير مسبوق من حيث الحجم والامكانيات والتجهيزات يخدم البحث العلمى ويسهم فى دعم كافة مجالات العلوم الزراعية فى العالم العربى. ويضم المبنى المطل على شارع جامعة القاهرة من الشرق وميدان الجيزة نحو 50 الف عنوان ومرجع بخلاف رسائل الدكتوراه والماجستير والرسائل التبادلية والدوريات كما جهزت المكتبة بشبكة متكاملة لعدد 132 حاسبا آليا للاغراض المختلفة اضافة الى قاعة الوسائل المتعددة والمكتبة الالكترونية. كما أسس سموه مبنى مركز الاستنساخ الحيوانى بكلية الزراعة جامعة القاهرة والذى يعد اول مركز استنساخ حيوانى فى الوطن العربى. ويشكل المركز العلمى الجديد مركز اشعاع علمى لاعداد كوادر عربية تنهض بالانتاج الحيوانى يسهم فى معادلة الاستهلاك اليومى للفرد العربى من البروتين الحيوانى بالمستويات العالمية. وعن المضيف ايضا يأتى معرض الشارقة الدولى للكتاب ، فمنذ أن تأسس في عام 1982 بمرسوم أميري كريم أصدره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، و هو يكتسب مزيدا من الثقة والسمعة العالمية فى مجال صناعة معارض الكتب الدولية ، ويرتقى عاما بعد عام درجات التميز والنجاح ، ويجدد سنويا من فعالياته وأنشطته ، ويضيف اليها اضافات كمية ونوعية ؛ جعلته يختصر الكثير من مراحل التفوق بامتياز ، ليكتسب اليوم سمعة عالمية واسعة ، ويحظى بصورة ذهنية رفيعة فى كافة الأوساط العلمية الاقليمية والدولية ، حتى صار واحدا من أهم وأكبرالمعارض الدولية للكتاب في منطقة الشرق الأوسط ، ومنصة اماراتية عربية عالية المقام ، ورفيعة الشأن فى مجالات الفكر والثقافة والنشر ، اضافة الى عضويته في العديد من المنظمات الدولية مثل مجلس الكتب الأفرو آسيوية و رابطة الناشرين العرب ، وحصوله على اعتراف جمعية الناشرين الدولية. فكل الشكر لسموه ولكافة العاملين بدائرة الثقافة والاعلام بالشارقة ، ولكل المسئولين بمعرض الشارقة للكتاب على ما يبذلونه من جهد لاخراج المعرض فى صورته التى دائما تبهر عالم الكتاب والمثقفين فى كافة انحاء عالمنا العربى. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 16-11-2012 03:08 مساء
الزوار: 1660 التعليقات: 0
|