|
عرار:
الجزء الاول : الكاف والطلعة الصحراء المغربية الكنتاوي لبكم - المغرب دراستنا تموقع نفسها في إطار إشتغالات وكالة أنباء الشعر العربي على الشعر أخبارا ودراسة،على إعتبار أنه جزء من الأدب العربي والعالمي،علما بأن هذا الحقل الأدبي أصبح منذ سنين محور حلقات النقاش والدراسة وتحكمه رؤى جوهرية مفادها بالخصوص أن الدارس للتراث الشعبي يستطيع أن يكتشف ويكشف خلال رحلته عن مواطن أفكار وقيم ومعان تراكمت عليها قرون من الإهمال والتهميش فاختفت عن إدراكنا وضمائرنا. إن مايميز هذا الأدب الشعبي ويكسبه خصوصيته المتفردة،هو كونه يرتبط ارتباطا قويا بمخزون الذاكرة الشعبية التي عانت كثيرا،فمتن الشعر الحساني كجزء من التراث الشعبي المغربي له خطوط حساسية فنية وجمالية وفكرية تتفاعل ضمن زمكان البيئة الصحراوية جنوب المغرب. فالمتن الشعري الحساني، كبنية لغوية(كلامية) يعتبر نصا متكاملا منسجما داخل ثقافة معينة من وجهة نظر المنتمين لهذه الثقافة، باعتبار الشعر الحساني ينفرد بخاصية جوهرية ذات أبعاد وجذور تاريخية وحضارية لازمته منذ نشأته الأولى، إنها الطبيعة الشفوية الصرفة، وعلى هذا الأساس فإن التواصل كإطار مقامي تأثيري بين الشاعر كمرسل والمتلقي يرتكز بالخصوص على حاسة السمع لدى المتلقي، إنه شعر ذو طبيعة إنشادية تلازمها قراءة سمعية، لذلك هناك حضور مكثف للإيقاع وبالتالي الوقع والتأثير المجسد موسيقيا للألفاظ. إن وظيفة الشعر كرسالة تقتضي جمالية القراءة وتذوق سمعي دقيق، ومن ثمة فرغم السمة الشفوية التي تسم المتن الشعري، فإنه محكوم بمجموعة قواعد وضوابط نظمية كان الشعراء ولازالوا يحترمونها خلال عملياتهم الإبداعية هكذا فالشاعر الحساني ينظم قصيدته في بناء هيكل شعري يهتم بتشكيل آلياته ومكوناته بتماسك وإحكام وقد لازمت هذا المتن رعاية خاصة تجسدت في ردود افعلا الشعراء أو المهتمين بهذا الشعر، حيث نجد أن الشاعر لا يتردد في الدفاع عن المكونات الجوهرية لجسد النص الحساني التي بدونها لا تتحقق هوية وحياة الشعر الحساني وسنورد هنا أمثلة تمثل المواقف السابقة: 1- حد سكت عن بدع لموزون ماه شين يغير لي شين - لي كاف ماه موزون و لموزون الا مزين - لي فصل مايكحل ولي بيض ذاك شين انطلاقا من البيات الشعرية السابقة نخلص إلى القول بأن الفاعلية الشعرية الحسانية كانت تخلق وتتحرك داخل فضاء تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد التشكيلية التي ترسم للشاعر خطوطا لا ينبغي له الإنحراق عنها، هذا النظام محكوك بقواعد بحيث ينظم على أوزان تواضع عليها الشعراء،فقراءة نص شعري حساني هي ارتقاء على مستوى آخر للتوظيف اللغوي والتلاعب بالألفاظ والاستعمال التلميحي والإيحائي للكلام في مستوى جمالي،وكذلك الاتصال بكلام له شكله الخاص،إنه كلام موزون ومختزل،ومحكوم بقوانين ودينامية إبداعية متميزة وسنشير في هذا التقديم على أهم الملامح الشكلية للشعر الحساني،مع الوقوف على كل ملمح على حدة ومايميزه عن باقي الملامح الأخرى،سواء تعلق الأمر بالتسمية أو الخصائص الشكلية ووظيفته في جسد المتن الشعري الحساني فأول ملمح هو الكاف وهو عبارة عن قطعة شعرية مختزلة تتشكل من بيتين، أي أربعة أشطار متناظرة فيما بينها، ولكل شطر اسمه الخاص، فالشطر الأول يسمى" المكيم" والشطر الثاني ب تفلويت" فالأول يماثله في الشعر العربي الفصيح الصدر والثاني العجز..أما من الناحية الإيقاعية فنجد أن الشطرين الأول والثاني من الكاف ينتهيان بنفس الحرف، أي يتفقان في القافية، وكذلك الحال بالنسبة للشطرين الثالث والرابع تكون لهما نفس النهاية والوقف على مستوى القافية وحرف الروي. كما ان الكاف فالمتن الشعري الحساني له استقلاليته الخاصة، بحيث ينظم في انفراد خارج القصيدة، وبمعزل تام عنها، كما يتم كذلك نظمه في إطارها أي قد يكون في بدايتها أو يتوسطها أو يكون متموضعا في نهايتها،إذن فالكاف وحدة قائمة بذاتها من حيث النظام والدلالة،معنى ذلك أن الوقفة التي يختتم بها الكاف هي في الواقع وقفة ثلاثية،فلكي تتحقق الوقفة الوزنية يتطلب الأمر إيراد القافية وحرف الروي،سواء تعلق الأمر بالشطرين الأولين المتتابعين(الأول والثالث) أو الشطرين الثانيين (الثاني والرابع) ، ولكي تتحق الوقفة التركيبية والنظمية ينبغي أن يشكل الكاف تتاليا كاملا ومظبوطا من حيث توالي الألفاظ وكذلك على مستوى الحركات والسواكن،ثم لكي تتحق الوقفة الدلالية ينبغي أن يكون معنى الكاف تاما بتمامه،وبالتالي تتحق الغاية المرجوة منه وتكتمل فائدته ويمكننا أن نلاحظ ذلك عن قرب من خلال النماذج التالية: 1- كالت لي ولفي ماشتكيت يامس كلمات الكايلة - وتفوت الدنيا مانسيت ذوك لكلمات الكايلة الشاعر هنا يقول : قالت لي حبيبتي كلمات ولم اشتك،كلمات بالأمس في القيلولة،وتمضي الدنيا مانسيت تلك الكلمات التي تفوهت بها - مانرجع بي شامتك سود تتلامح طامس الشاعر هنا يقول: يخاطب محبوبته ويرخص نفسه لها ، لأنه لم يهجها من قبل ولم يقل لها كلمة رخيصة و يظهر تغزله بتلك الشامة السوداء المتوهجة التي يستنير بها ونورد هنا نموذجا للكاف المسات: - يلي مثلك فالغيد تاج روحي منك مزدوف من امغن كافيك وا جلاج الدايم الشوف امغن يوف واجلاج يوف والشوف توف الشاعر هنا يقول : أيتها المحبوبة أنت تاج النساء،وروحي ممزقة ومصدومة من الشوق و يكفيني منك اللوعة والنظر ، لكن كل ذلك سينتهي إلى زوال عندما تمتلئ عيناي بنظراتك كما أن هناك نوعا آخر من الكيفان يعرف باسم "أكيلال وهو كذلك يتالف من بيتين من الشعر لكنه يختلف عن الكاف السابق من حيث الوزن،كما أنه ينفرد بميزة أنه ينظم في بحر واحد وهو- سنتعرض في الفصل القادم من الدراسة على بحور الشعر الحساني- وسيمته الموسيقية تتجلى في إبراز المد في الحرف ماقبل الأخير من كل شط، وبالتالي ينبغي توضيح هذا المد ليختص"أكيلال بإيقاع لبير: - كولو لمنينه إلا جات علي ذ لعصراي - نوجعها ول ماتلات يوجعها حد وراي الشاعر هنا يقول : قولوا لمحبوبتي التي اسمها منينه إذا جاءتني وقت العصر سأؤلمها بالحب حتى لن تعرف ألما من شخص أخر بعدي. كما أن "أكيلال" كوحدة شعرية يمكن ان ينظم مستقلا، وقد يكون مرتبطا بقصيدة كاملة من نفس الوزن غلا أنه يكون واردا بالأساس في مطلعها،خلافا للكاف الذي قد يأتي في بداية النص أو يتوسطه أو يكون في نهايته ، على اعتبار أن للشعر حرية في موقعة الكاف في المكان الذي ترتضيه ذائقته وشروطه الإبداعية بعد حديثنا عن " الكاف" وأهم أنواعه وتمظهراته، ننتقل الآن إلى الحديث عن القسم الثاني او المكون الثاني المشكل لجسد النص الشعري الحساني، هذا المكون الذي يطلق عليه اسم" الطلعة" والتي تعني في الفضاء الصحراوي القصيدة الحسانية، ف "الطلعة" في صورتها الشكلية تتألف من أبيات شعرية تنقسم إلى شطرين أي أنها تتشكل من مجموعة من الكيفان – جمع "كاف"، وهي بالتالي قصيدة تتشكل من ثلاثة أبيات وهو الحد الأدنى وتزيد أبياتها عادة عن الثلاثة، وفي نظمها يتقيد الشاعر في شطري البيت الأول والشطر الأول من البيت الثاني بنفس القافية، وتسمى هذه الأشظار الثلاثة ب "حمر الطلعة" هكذا إذن تتشكل بداية الطلعة، أما التدرج الذي تتبعه الأبيات الأخرى بعد هذين البيتين فيكون على الشكل التالي: يتفق الشطر الخامس مع الثلاثة الأولى" حمر الطلعة" في القافية،ويتفق الشطر السادس مع الشطر الرابع في قافية،ثم تتوالى الأبيات الخرى على هذا النهج حتى نهاية " الطلعة" بمعنى أنها ملتزمة بنفس البحر ونفس الوزن. يقول الشاعر الشيخ محمد المامون: - يامريم باش كتلتيني عدت لي نوما سباتا والا من ماء يسقيني وجهك عذبا فراتا عيني عن غيرك مشروم ووذني عن غيرك مكلوم وكتلتيني الين اليوم عظاما عدت رفاتا غير نجيك نشارع يوم يصدر الناس أشتاتا يقول الشاعرهنا : أن مريم حجبت عنه النساء الأخريات إذ لم تعد ذاته ترغب إلا غي سماع صوتها ، فهو متيم بها و الهزال دليله كأن جسده عظام فرات، لكنه في البيت الأخير يصرح بأنه إن لم تتواصل معه وهو حي ففي يوم القيامة سيسارع إليها ويحصل على حبها ويبقى أن نشير إلى أن الشاعر يلجأ إلى تغيير الطلعة لغاية أساسية وتتجلى بالخصوص في تغيير الغرض الشعري أو تغيير النفس، وهذا التغيير هو عبارة عن مؤشر أو علامة يشعر بها الشاعر القارئ/المستمع على أنه إنتقل من تيمة إلى تيمة أخرى ومن وزن إلى آخر يقول الشاعر عبد الله ولد الحسن: بسمك بادي نمدح يلي اسمك هو لعل لمتين رسولك ذاك لمتعلي ابلسان كايل فلحين امين اللهم صلي على سيد المرسلين يلي حكمك بد نكسر وعلى كامل لعداه ظهر يللاه لعالي لكبر تجعلني فعل عليين غدا يوم المحشر مع ساير المسلمين يقول الشاعر هنا: باسم الله أبدأ مدحي، رسول الله الناطق بلسان الحق عليه الصلاة والسلام والذي أظهر حق رسالة الإسلام على كل أعداء الدين، ثم ينتقل إلى رجاء الله أن يسكنه عليين يوم المحشر مع سائر المسلمين المصدر وكالة الشعر العربي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 17-02-2017 01:49 مساء
الزوار: 1202 التعليقات: 0
|