|
عرار:
يمتاز ديوان الشاعر بديع رباح الصادر في عمان عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع بعنوان»عندما يغني القلب» باتكائه على الموروث بأبعاده المختلفة، واعتماده على الوصف والتصوير أكثر من لجوئه إلى السرد، كما أن العاطفة الدينية والوطنية فيه أقوى من عاطفة الحب، الأمر الذي يعني أن قصائده، كانت الأقدر على إيصال حمولته الفكرية، ورسالته الوطنية لقرائه ومستمعيه، وما انحيازه لعمّان والقدس، وللسلام وللمقاومة في آن، إلا دليل على انفتاحه على الإنسانية، وقدرته على كتابة القصائد الكونية. بديع رباح، شاعر الوضوح دونما مباشرة، وشاعر البساطة والسلاسة دونما تعقيد أو ترميز مغلق أو ضبابية، لا يكتب إلا السهل الممتنع،ورغم طول نـَفـَسِه الشعري، إلا أنه كان حريصا على الإيجاز، والابتعاد عن الإطناب، لا يهمه طول القصيدة ولا عدد أبياتها، بقدر ما كان معنيا بإيصال رسالته لقرائه بأقل عدد ممكن من الكلمات والأبيات، ومن هنا، نجح في تحقيق وحدة البيت ووحدة القصيدة في آن. بعض الشعراء يحافظون على قوّة صدر البيت الشعري، ويمتلئ العجز بكلمات زائدة مختومة بالقافية، أما بديع رباح، فقد مـَتـّع قصائده بقوة الصدر والعجز معا، فكان بابها يفتح بضفتيه الجميلتين معا،حتى المفارقة لديه، كانت تنحرف عن مسارها لدى غيره من الشعراء،ولا تعبر عن المعاني أو الألفاظ المتضادة، ولكنها توصل تلك المغايرة، عبر ألفاظ ومعان أخرى. وبديع رباح في هذا الديوان لا يُكرر نفسه، ولا يتأثر بغيره، لكل قصيدة موضوع مختلف عن مواضيع القصائد الأخرى، غير أن تعدد المضامين، لم يُعف الديوان من أن يوصف بأنه يُحقق الوحدة في التنوّع. يبحث بديع رباح في هذا الديوان عن جماليات القصيدة العربية، وحين ينجح في إعداد خلطة شعرية، تمزج بين الزمان والمكان،بين الموسيقى والخيال، بين الألفاظ والجمل والتراكيب، بين العاطفة والقدرة على التأثر والتأثير، وبين الموضوع الوطني أو الغزلي أو الروحي، يـُفاجئ قراءه بما جادت به قريحته. بين الشعر والغناء، تخضـّبت القصيدة، واستفادت من البلاغة، لدرجة استنطقت فيها علوم البيان والبديع والعروض واللغة والنحو. حلـّقت روح الشاعر في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحين عادت لمستقرها في قلبه، انتصرت لمبادئه وأفكاره ومواقفه الوطنية الصادقة، وأشادت بالمواصفات الايجابية التي أضفاها على كل إنسان عرفه، وعرف فيه نكران الذات والإخلاص للوطن وللقضية وللهم العام، وسواء كان هذا الشخص من الشهداء، أو من الذين ينتظرون الشهادة، وسواء كان من الراحلين أو من الأحياء، فإن له دورا في تجميل قصائد الديوان. ولأن شاعرنا ممن يبحثون على الخلود لقصائدهم، ويتمنون دوام أثرها، فإنه بين قصيدة وأخرى، يُعرب عن أمله، في إبداع الأجمل والأفضل والأكمل، ويُصرّح بالإيماء، أن الإنسان الذي يكتب عنه:ذكرا كان أو أنثى؛ والموضوع الذي يتناوله: ماديا كان أو معنويا؛ يمتلك مقومات في مناطق بـِكـْر يتمنى أن تطأها مـَلـَكات شعره، وأن تـُعبّر عنها قريحته وموهبته. المصدر : جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 01-07-2017 09:32 مساء
الزوار: 1138 التعليقات: 0
|