عرار:

عمان – صدر عن وزارة الثقافة الأردنية العدد “408” من مجلة “أفكار” التي يرأس تحريرها د. غسان عبدالخالق، وتشتمل على مجموعة من الموضوعات والدراسات والإبداعات الجديدة التي شارك في كتابتها نخبة من الكتاب من الأردن وخارجه.
كتب أستاذ علم الاجتماع الدكتور مجد الدين خمش، “تعددية التيارات الثقافية-السياسية في المجتمع الأردني والعربي المعاصر”، ويقول: “إن الدارس المتأني للتطورات الاجتماعية والفكرية المعاصرة في الأردن والوطن العربي يستطيع ملاحظة عدد متنوع من التيارات الثقافية – السياسية، والفئات الثقافيّة المنضوية تحت لوائها، والتي تمتلك رؤىً نظرية، ومواقف سياسية خاصة بها، وتفسيرات للواقع والحياة والمستقبل بما يتناسب مع مصالحها، وتطلعات الجماعات والقضايا التي تمثلها”.
وهي رؤىً متنافسة على الساحة الثقافية والسياسية بالرغم من التداخل الكبير بين مرجعياتها النظرية، مما يغني المشهد الثقافي ويزيده جاذبية، خصوصًا أن هذه التيارات الثقافية-السياسية تستمد جزءا كبيرًا من حيويتها من التعددية السكانية من شتى المنابت والأصول التي تميز المجتمع الأردني والعربي؛ فهي مصدر غنى وإثراء للنسيج الوطني وللإنجاز الحضاري للدولة الوطنية العربية، ورافدًا للإبداع الأدبي والفني والعلمي بشكل عام. كما أنها تدعم الحوار الإيجابي الهادف للوصول إلى توافقات مجتمعية حول التشريعات السياسية، وسياسات الإصلاح والتطوير، ومواجهة التحديات المجتمعية، وغيرها.
ويضيف خمش بعيدا عن التصنيفات المألوفة فإن المشهد الثقافي-السياسي أكثر تعقيدا من ذلك بكثير. فقد أدت التطورات الاقتصادية والسياسية والمهنية والفكرية المتسارعة إلى بروز تيارات ثقافية سياسية، وفئات ثقافية جديدة متعددة بتداخل بعضها مع التصنيفات الثقافية القديمة ولكنها تتمايز عنها. ويمكن توضيح الخريطة الثقافية-السياسية العربية المعاصرة وجورها في صياغة الواقع وتطويره المستقبلي بمما يأتي: الثقافة السلطة السياسية، وهي تنتج الواقع الموضوعي بدعم من المؤسسات الرسمية، والتشريعات، والقوانين الضابطة للسلوك، وتقدم المعلومات والتفسيرات التي تتحول إلى بنى وحقائق قانونية واجتماعية ضاغطة وملزمة.
وأما الثقافة الأدبية-اللغوية والفنية، فهي تتمثل بشكل خاص بالرواية والشعر والفنون وتنتج الواقع الافتراضي وجمالياته. وثقافة العلوم الاجتماعية، وهي تنتج الواقع الموضوعي والاجتماعي التوافقي بما فيه من المعرفة والحقائق الاجتماعية والاقتصادية، من خلال المناهج الإحصائية والمسوح الاجتماعية، واستطلاعات الرأي.
وثقافة العلوم الطبيعية والطبية، وهي تقدم المعرفة والحقائق الطبية والمادية وتنشر الممارسات العلمية الصحيحة في مجالات محددة مثل: الطب، الصيدلة الهندسة، التقنيات الإلكترونية، تقنيات الذكاء الاصطناعي. والثقافة الدينية-السياسية، تقدم المعارف والمهارات، والتفسيرات الدينية حول العبادات وأمور الحياة والموت والحياة الأخرى، وهي تستند إلى مرجعيات دينية، أو إلى تفسيرات دينية فقهية تتضمن اجتهادات ورؤى للواقع والمستقبل. أما الثقافة السيبراتية التقنية، فهي التي تقدم المعارف والمهارات الإلكترونية والتقنية، وتنشر المنصات والتطبيقات الإلكترونية التي تطورها، وخطوات استخدامها والاستفادة منها.
وتضمن العدد ملفا حول “الشركس؛ في التاريخ والأدب والفن”، من إعداد ومتابعة الفنانة التشكيلية آمال جلوقة، قدمت للملف عضو هيئة تحرير مجلة أفكار الروائية سميحة خريس بمفتتح بعنوان “ولدت شركسيا”، حيث قالت: “اختارت مجلة أفكار أن تكون منبرا للثقافة بمفهوميها الإنساني والعروبي، وكنت أفكر بأن جزءا أصيلا صنع الثقافة الأردنية في عصر الدولة الحديثة، وهو أساس قام عليه اجتماع الناس ومحبتهم، كما يقول البنيان على لبنة قوية راسخة، ذلك هو مجتمع الشركس”.
وتابعت خريس: أجمعنا على احترامهم وتقديرهم لفرط ما يتحلون به من إنسانية رفيعة وقيم نبيلة أرقب اندماجهم الأصيل بالمجتمع، وعطاءهم الذي لا ينضب وانتماءهم الصادق الأمين، ثم أشاهد اعتزازهم بملحمة الصمود التي قادتهم إلى الهجرة المبكرة إلى بلادنا، لا طمعا بأرض ومال، ولكن في سبيل حماية عقيدتهم وطلبا للأمان الذي تنعم به بلادي، ونقلوا الكثير من الجمال أينما حلوا وارتحلوا، شاركونا أفراحنا ومآسينا، وتماهوا مع المجتمع حتى صاروا من نسيجه، وفي الوقت نفسه حافظوا على فرادتهم وخصائصهم العالية، وصفاتهم التي لا تختلف عن من يعرفهم؛ فهم الشجعان الصادقون الأوفياء.
وأضافت خريس: هذا هو مجتمع الشركس في الأردن الذي عرفناه جزءا أصيلا منا لا يمكن بأي حال من الأحوال تصنيفهم فئة مغايرة، فقد باتوا مواطنين متعالقين مع قضايانا وهمومنا متأثرين بما نشهده من تقلبات وأحوال، مشاركين أساسيين في كل مصير يلم بالبلاد، وهم في الوقت ذاته مشبعون بقيم العطاء والنبالة التي نشأوا عليها، قادرون على استعادة الفرح عبر حفاظهم على فنونهم وفلكلورهم البهي؛ لهذا كان الملف عن الشركس وقفة استعادة لتاريخهم وتضحياتهم ومعاناتهم، كما كان إطلالة على مساهماتهم الإبداعية والثقافية في الثقافة العربية.
وفي باب دراسات ومقالات، كتب د. ربحي مصطفى عليان” النشر كصناعة ثقافية”.
وتناول د. أشرف حزين “محاورات أفلاطون من منظور د. سلمان البدور”.
وكتب الشاعر محمد سمحان حول “عرار وفلسطين”.
وتتبع الكاتب نضال القاسم “الإخراج القصصي ولعبة التشكيل السردي؛ رؤية فنية في قصص (يدفنون النهر) لنهلة الجمزاوي”. وكتب د. أحمد الشقيرات “حبيب الزيودي شاعرا”.
وقدم د. أسامة أبو الغنم “قراءة إبستمولوجية في تماثيل الأردن القديم”.
وكتب الباحث زكريا الزاير “فطرة الشعر ودهشة التلقي عند الشاعر الأردني مهند ساري”. وتتبع الكاتب علي شنينات “أثر جائحة “كورونا” في الكتابة الإبداعية”. وكتب د. عبدالله جرادات مقالة “الشتاء في الأمثال الأردنية”.
كما تناول د. إيهاب زاهر “دور المسجد الأقصى في الحياة الثقافية والفكرية في القدس في القرن الثامن عشر الميلادي”.
وكتب الروائي مجدي دعيبس “عبقرية المكان في لوحات الفنان التشكيلي أحمد الخطيب”. وحلل د. رياض السكران “الفرضيات المفتوحة في جماليات تشكيل رؤية المخرج المسرحي حكيم حرب”.
أما الباحث وليد سليمان فقدم مقالة حول “حسن أبو علي الغائب الحاضر في قاع المدينة”.
وكتبت الباحثة فضية المقابلة حول “المنسف في الثقافة الشعبية الأردنية”، وكتب الشاعر عمر شبانة مقالة “عزالدين المناصرة؛ استحضار شاعر”.
أما في باب “إبداع” هناك قصائد: لـمحمود الشلبي “سأعبر جسر أمنيتي”، قيس قوقزة “مجازات عالية”، محمد جمال عمرو “أغنية لوادي السير”، عبدالحكيم أبو جاموس “إربد درة التاج”، ونقرأ في القصة لمفلح العدوان: “رحلة ( ملياجروس) إلى أثينا”، إبراهيم غرايبة: “سفر دير فينان”، رشاد رداد: “الحافلة”.
وحول أهم الإصدارات والمستجدات على الساحتين المحلية والعالمية كتب محمد سلام جميعان