|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
حصريا لعاشقة الصحراء :الفضاء التشكيلي عند الشاعرة مفيدة بن علي / تونس بقلم الناقد حيدر الأديب
عاشقة
الصحراء :
الفضاء التشكيلي عند الشاعرة مفيدة بن علي / تونس
بقلم الناقد حيدر الأديب
لن نذهب في المغزى والمعنى والبنية الفنية للصورة الشعرية وحدود التأويل منذ الطفولة المنسية وحتى الخصر المعبود الي ضل عنه اغلب الذين لا يفهمون بل سنمكث في جواره نرسمه كيف تشكل وندعي ابتسامة اننا ناهزنا سوط القهر في حسد لغته فالوقت هنا يتشكل في بقايا امراة تزهر في جماليات الفقد ولكنهم يتدافعون نحو المساحة الخضراء المحروسة بجبال الوجع الشاهقة والمكتوبة بينبوع النزف الحزين في مسافات الفصول
انها شعرية ذات وشعرية لغة ذات هي الزهرة ملونة بوجع اللغة المضروبة بسوط المجازات التي تربت في شلال عينين مشطوب العشق الا من وهم الذين يقولون
واذن (هل اتاك حديث الخصر المعبود) بل هو طفولة في غياهب انوثة كل النساء ولكن اغلبهم قالوا ويقولون كوهم دافق يخرج من بين الزهرة والجرح الراعف
كرة أخرى ألقى السؤال (هل اتاك حديث الخصر المعبود)
تعال أقص عليك فرحه!!!
قالوا ..
كطفلةٍ منسيةٍ
في غياهبِ المدنِ
أضعتِ الخطى ..
ما بالُكِ ؟
يقولون ..
ألم تعلمي بعدُ أنّكِ
زهرةُ الوجعِ
أينعتْ بتلاتُها ..
و أنكِ مع كلّ غسَقٍ
من أنينِ السّماءِ
و من ذاتِ الجرحِ الرّاعفِ
تولدينْ ؟
ألم تعلمي بعدُ ..
- يقولون -
أنّكِ آلهةُ الحزنِ
شاهقةٌ جبالُ الوجعِ
على ضفافِكِ ؟
تحتَ قدميكِ يتفجّرُ ..
ينبوعُ نزفٍ حزينٍ
و تزهرُ على أديمِ قلبكِ
فصولُ الشقاءْ ..
و يقولون ..
ألم تشعري بعدُ
أنّكِ ..
قِبلةُ النُسّاكِ و العاشقينْ ؟
و أنكِ ..
آلهةُ الهوَى ..
بي
ن نظرة و نظرة
تحجُّ إليكِ العيونْ
يجيئونك ..
من كلّ صوبٍ
و من كلِّ فجٍّ .. عظيمْ
ألم تعرفي بعدُ ؟
- يقولون -
أنّكِ آلهةُ العشقِ المزعومْ
و أنّهم لشلّالِ اللّيلِ
في عينيكِ ..
عاشقونْ..
على الشّهوةِ العجفاءْ
في فصولِ الشّبقِ
يتدافعونْ ..
يطوفونْ ..
يعبدونَ خصرًا ..
راعفٌ جرحُهُ
ويختصرونَ فيكِ ..
كلَّ النّساءْ
متى يدركونْ ..
أنّكِ بقايَا إمرأةٍ
تئنُّ تحتَ سياطِ القهرِ ..
تُحتضرُ..
ألا إنّ للقهرِ..
مثلَ الموتِ سكراتْ
و لكنّ أغلبَهم ..
لا يفهمونْ
القراءة
جاء في العنوان (قراءة في الفضاء التشكيلي) لنر أولا وقبل الشروع في التأويل كيف تشكل النص؟
في مقام الجواب يشترك النص في دوال عامة تمثل شعريته وينفرد بدوال خاصة تحدد هويته وبنيته وتكمن شعرية اي نص في تشكيل فضاء اللغة الشعرية في مفاتيحها الثلاثة (الحالة والموقف والرؤيا) وتتفرع عوامل التحفيز الشعري عبر هذه المفاتيح فالاستشعار الوجداني والوجودي لتجربة الباطن من جهة (الحالة) والتعبير عن رؤية العالم والتاريخ والأخر والاشياء من جهة (الموقف) واستشراف المغيب والآتي والمغامرة في المجاهيل بالانزياح عن لغة القاموس الى لغة التخييل والايحاء من جهة (الرؤيا)
والحالة هنا (الضياع والاستلاب والاغتراب والوجع والخسارات والغفلة عن ماهية الذات في توازي يقولون وأقول) والموقف قد كفتنا الشاعرة جوهره: -
متى يدركونْ ..
أنّكِ بقايَا إمرأةٍ
تئنُّ تحتَ سياطِ القهرِ ..
تُحتضرُ..
ألا إنّ للقهرِ..
مثلَ الموتِ سكراتْ
و لكنّ أغلبَهم ..
لا يفهمونْ
ومن جهة الرؤيا في خلق معجم انزياحي ليتمكن السياق من المشي فيه بمجازات تؤكد مساحات الحالة والموقف يمكن رصد المشاهد التالية
1- كطفلةٍ منسيةٍ
في غياهبِ المدنِ
2- الجبال شاهقة على الضفاف / تحت القدمين يمكث النزف الحزين / على اديم القلب يزهر الشقاء
اذن نحن في متوالية خطية تتوزع بشعرية مكانية (تتوجع / يتفجر/ يزهر)
3- بين نظرة و نظرة
تحجُّ إليكِ العيونْ
4- و أنّهم لشلّالِ اللّيلِ
في عينيكِ ..
5- يعبدونَ خصرًا ..
راعفٌ جرحُهُ
ويختصرونَ فيكِ ..
كلَّ النّساءْ
هذا هو الفضاء التشكيلي العام المبني على اللغة والان لنتحرى الفضاء التشكيلي الخاص بالنص وخارطة بنياته الدلالية وعلاماته
1- التكرار
يلعب التكرار دورا خطيرا بحسب موقعه الوجودي في بنية الجملة الشعرية باعتبارها عالما كاملا متغاير العلائق لما يماثلها في أصل الواقع ولهذا فانه أي التكرار خاضع (للقوانين الخفية التي تتحكم في العبارة)
وأيضا خاضع لشرائط التجربة الشعرية فهو يتعدى الوظيفة النحوية في مؤداه التوكيدي بل يتجاوزه الى دلالي ايقاعي في النص الشعري والى كشف وجودي في النص الصوفي والى تجلي في النص القراني
فلو مثلنا بالنص القرأني مثلا لوجدناه على مستوى السورة في الرحمن والناس على مستوى العبارة والمفردة وكل منها تفتح افقا في التجلي وعلى مستوى العبارة في سورة يوسف ( اني رايت أحدا عشرا كوكبا / رايتهم لي ساجدين ) فالرؤية الأولى ناظرة الى بنية العدد والعصبة والمنزلة بقرينى كوكب والكوكب منزل متعالي فما بالك بأحد عشر منزلا مختلفا والرؤية الثانية ناظرة الى سجود وتبعية هذه الكواكب في مشهد هو الثاني من نوعه فهناك ملائكة تسجد لادم وهنا كواكب تسجد ليوسف فتكرار مشهد ( رايت مختلف لكونه يفتح افق تراتبي في المشهد الكوني والذاتي )
وعلى هذا فان نص مفيدة بن علي مبني على تكرار هرمي بنيته افقية وعمودية والبنية الافقية (قالوا / يقولون / ويقولون) تتكرر يقولون لبيان مشهد حالي رسمته التجربة الشعرية وتحيل بفعل حرف الواو لأستمرارية القول ويقولون ...... ولا يخفى ما للأيقاع والموسيقى الذي احدثه التكرار وصيغ الفعل ماضيا ومكررا مضارعا ومعطوفا
والتكرار هنا هو إعادة القالب بفكرة جديدة يجب النظر اليها على انها (تقنية معقدة تحتاج الى تأمل طويل يضمن رصد حركتها وتحليلها) فهو تكرار على مستوى اللغة يفتح تكرار على مستوى الذات نفسيا وشعوريا وكل يقولون هنا هي وعي شعري ولغوي وفني موظف بعناية لأشكال دلالية تتعدد فيها المعاني وفق فراغات ايزر وفجوات المعنى والتوتر
والبنية العمودية للتكرار لم تأتي بذات العبارة بل لبست بكل عمق لونا تعبيريا لأنها تتجه لعمق الذات لا اللغة (الم تعلمي بعد / الم تشعري / الم تعرفي)
2- التكثيف والترميز
التكثيف هو نقل الكم المفرداتي الى النوع التركيبي لدخول مساحة الأيحاء من ضمن ذات التجربة فشعرية قصيدة النثر تتأسس منطبقة تماما مع شرائط التجربة النفسية والشعرية بل تكاد تكون شرائطها فهي وكما يشير الدكتور محمد صابر عبيد انها لا تعتمد على قياسات جاهزة خارجية
ومن مظاهر التكثيف الدلالي الرائع
1- كطفلةٍ منسيةٍ
في غياهبِ المدنِ
أضعتِ الخطى
2- بين نظرة و نظرة
تحجُّ إليكِ العيونْ
3- أنّهم لشلّالِ اللّيلِ
في عينيكِ ..
4- عاشقونْ..
على الشّهوةِ العجفاءْ
في فصولِ الشّبقِ
5- يعبدونَ خصرًا ..
راعفٌ جرحُهُ
ويختصرونَ فيكِ ..
كلَّ النّساءْ
3- المغايرة والتحول
نلاحظ ان الشعر هنا يتحول بسرعة فائقة بين (انا – أنى - أنك – هم (..... هذه النقط هي التثغير) يقولون – الأشياء - اغلبهم - ) ان هذا التعابر هو وعي خصب بشعرية التحول وهي تتنقل في متجاورات
الذات (زهرة وجعي – اديم قلبي – تحتضر - ضفافي) - ومتجاورات الاخر (يجيئون – عاشقون بشهوة عجفاء – يتدافعون – يطوفون – يعبدون – لا يدركون – لا يفهمون)
الكاتب:
إدارة النشر والتحرير بتاريخ: الثلاثاء 26-05-2020 07:38 مساء الزوار: 854
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
ميزان النقد في رأي المجتهد بقلم نجم ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 04-10-2024 |
«شذرات نقدية».. إصدار جديد للكاتبة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 09-04-2024 |
أدب المقاومة الفلسطينيّة عند سناء ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 19-01-2024 |
دراسة التحليلية لقصيدة أمي للشاعرة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 16-05-2023 |
«أنــــا مــريــــم» ثنائية الحب ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 20-11-2022 |
لمحة عن كتاب ديوان الشاعرة باسمة غنيم ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 10-11-2022 |
سيدة الوجع.. الشاعرة التونسية الشريفة ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 18-12-2021 |
«تراتيل الطين».. جديد الشاعرة المغربية ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 10-09-2021 |
الشاعرة مها العتوم تـشـرب مـن النـبــع ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 11-10-2020 |
“للعزيز نساء” يدعو المتلقي للبحث ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 05-09-2020 |
قراءة بقلم د.وليد جاسم الزبيدي ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 12-07-2020 |
الأقصوصة في الأدب التونسي بقلم النّاقدة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الخميس 11-06-2020 |
دراسة نقدية للناقد حيدر الأديب في نص ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 07-06-2020 |
قراءة في مرجعيات الفضاء التشكيلي لقصة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الأحد 24-05-2020 |
قراءة في قصة ( مستشارة الرئيس ) للكاتبة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الجمعة 22-05-2020 |