الناقد محمد رمضان الجبور من الكتب الصادرة حديثا بدعم من وزارة الثقافة، ديوان «ما بين حبين»، للشاعرة نادية مسك، عن دار يافا العلمية، ويقع في 212 صفحة من القطع المتوسط، وقد قدّم للديوان كل من الشاعر سعيد يعقوب، والأديب والشاعر محمد خالد النبالي. قسمت الشاعرة نادية مسك ديوانها إلى ثلاثة فصول، عنونت الفصل الأول (وطني) والفصل الثاني (وجدانيات) والفصل الثالث (همسات). يؤرق الشاعرة نادية مسك في الفصل الأول من ديوانها (حب الوطن)، الوطن الذي هاجرت منه قصراً، والوطن الذي يسكن فيها، فتنوعت قصائد هذا الفصل في ديوانها، فهي مرة تتغنى وتشدو لفلسطين، ومرة أخرى يفيض قلم إلهامها في حب الأردن وعمان، ويظلّ قلبها يتنقل ما بين حبين، فيرى المتصفح لديوانها ما ذهبنا إليه من تلك العناوين، ربوع الأردن، الخليل عين الشمس، فلسطين، عمان، اللد.. اختارت الشاعرة أن تبدأ ديوانها بالقصائد العمودية الكلاسيكية، فقد عاد التوهج لهذا اللون من الشعر في السنوات الأخيرة من هذا القرن الذي نعيش فيه، بعد أن ابتعد الكثير من الشعراء عن الخوض في القصيدة العمودية إلى قصيدة التفعيلة وغيرها. فالشاعرة نادية مسك من الشاعرات اللواتي يتمسكن بالقصيدة العمودية ويعزفن على أوتارها. تطرح الشاعرة في الفصل الأول من ديوانها مجموعة من القضايا التي تتعلق بالوطن الكبير الذي يضم فلسطين والأردن، ففي قصيدة بعنوان (غاز الصهاينة) ص63 ترفض الشاعرة صفقة الغاز وتعتبر أن كل شيء في فلسطين هو لأهلها ومن حقهم، وليس للصهاينة أي حقٍ فيه، فهي من خلال أبيات القصيدة تُظهر الحقد والكره لهؤلاء الذي أصبحوا يتصرفون بثروات أرض فلسطين. في كلّ شحنة غازٍ / لمنزلي شهداءُ/ الحقّ لا بد يوماً / يناله الأتقياءُ / الغاز حقي وملكي / وما بذاك مِراء ُ / وكلُّ شيء بأرضي / لي أيها الأشقياء/ أنتم لصوصٌ ويوماً / سيُطرد الدخلاء ويعلو صوت الشاعرة وهي تنادي المدينة الخالدة (عمّان)، فهي أم المدائن، تُصبغ عليها الشاعرة صفات الجواهر، فهي الياقوت والمرجان، تمدح أهلها بالشجاعة، تصف الشاعرة عمّان بالجميل من الكلام، فهي مدينة الحضارات، مدينة الفن والعمارة، ببيوتها بآثارها : وفي الفصل الثاني من ديوانها تبوح الشاعرة بوجدانياتها، تهمس بعواطفها الجياشة، فليس الشعر إلا ما تجود به النفس من عواطف وأفكار، تلتقط الشاعرة ما تناثر منها وتنظمها من جديد. تبدأ وجدانياتها بقصيدة بعنوان (مسك الدهور) وفي هذه القصيدة تتناول الشاعرة الحروف التي يتكون منها أسم الشاعرة (نادية مسك) وينال كل حرف من حروف اسم الشاعرة بيتاً من القصيدة: ص105 -النون – سحرٌ من عيون الحور / والعشق فيها دوحة المسحور -والدال – ودٌ يشتهيها عاشقٌ / منسوجةٌ من نرجس وحرير - والميم – مفتاح الجمال بثغرها / يزهو بأمر الحب في التعبير هذه أمثلة على بعض الحروف من اسم الشاعرة. في الوجدانيات تُحلق الشاعرة مع الرومانسية والخيال، تهمس في أذن الطبيعة عن الحب والأمل والألم، ففي هذا الفصل نرى أن الشاعرة قد كتبت الكثير من القصائد منها : (المغادرة، انكسار، آدم وحواء، عروس البحر، تساؤلات).....وغيرها من القصائد التي تخاطب فيها الحبيب، والقلب، والجوارح، وأخرى تناجي بها الله سبحانه وتعالى لرفع الوباء الذي فتك بأرواح الكثيرين (الكورونا) فتختار عنواناً لقصيدتها (ما لنا غيرك): فيا ربّ أدركنا برحمتك التي/ بها يُكشف الخطبُ الذي هو واقعُ/ أصبنا بداءٍ ليس يُرفع شره / سواك وهل إلاك للشر رافعُ/ إلهي تجاوزنا الحدود بظلمنا / ولكن عفو الله للناس واسعُ/ فكم من فقيد من كورنا وموجعٍ/ عليه بنا ثارت وهاجت مواجعُ ص122 وتختم ديوانها بهمسات في الفصل الثالث من الديوان، همسات قصيرة جدا همستها الشاعرة بالشعر تارة، وبالنثر الجميل المعبر تارة أخرى، بلغة قوية مليئة بالإشارات والمعاني الجميلة، همسات اعتمدت الشاعرة فيها التكثيف حتى غدت قطعاً موسيقية جميلة، نبارك للشاعرة نادية مسك ديوانها ونرجو لها المزيد من الألق.