عمر أبو الهيجاء نظمت «مغناة إربد» والملتقى الحضاري الثقافي وائتلاف نادي الفنانين في إربد مساء أول أمس، في النادي أمسية حوارية شعرية موسيقية شارك فيها الشاعران: آمال القاسم، ناصر قواسمي بمصاحبة الفنان الموسيقي نزار العيسى، حيث امتزجت الموسيقى وإيقاع الكلمة؛ ما أعطى جو الأمسية بعدا فنيا وجماليا استحوذ على تفاعل الحضور، أدار مفرداتها الشاعر محمد صالح عمارين بلغة شعرية حازت على الإعجاب وسط حضور كبير من المثقفين والفنانين والمهتمين. القراءة الأولى الشاعر القواسمي فقرأ مجموعة من نصوصه مستحضرا حالات الشاعر وذاتها الشاعرة وعرجا على طقوسه العشقية الشفافة. ومما قرأ نختار: «ماذا علينا/ مِن الماءِ/ إن يصعد الماء أوْ يَهبِط/ ماذا علينا/ مِن الرّيحِ/ إن تجيء الرّيح/ أوْ تمضّي/ ونحنُ/ في ثوْبِ الحياةِ/ خيْطٌ مِن السُّؤالِ تَمطِّطَ/ حتّى بدا لِلنّاظِر/ شمسًا تُتيحُ النّبض لِلنّبضِ/ شتّان بيْن المرءِ/ وقلبِهِ/ كأيِّ أيٍّ في الماءِ تأبَّطَ/ واهتدى الِقمرٍ/ ضَلَّ ظِلَّهُ/ فنَزلَ يشربُ مِن الأرضِ/ ظمآنُ/ يا وردِ الفراغِ/ في ثنايا الرّوْحِ تَحنِّطَ / واَصطفى النّجم/ كيْ يؤانس/ ضِدّانِ/ واِنقلبا على الضدِّ / والحُزن في الرّوْحِ توَسِّطَ». وواصل قواسمي قراءته راسما خلجات روحه وصولا إلى فكرته الغير قابلة للحدوث. من نص آخر له نقتطف: «لقد أرسلت/ قَالُوا أَنَّ السَّمَاء بَعيدَة/ بَعيدَةٌ حَدَّ الدَّهْشَةِ وَالإِعجَاز/ وَأَنَّ الوُصُولَ إِلَيهَا أَمَر بالِغ الصُّعُوبَةِ/ كَالحَيَاةِ/ كَالجِهَاتِ/ كَالغَوصِ فِي بَحْرٍ مِنَ التَّمَائِمِ وَالألغاز/ وَأَنَّ الذَّهَابَ إِلَيهَا فِكرَة غَير قَابِلَةٍ لِلتَّنْفِيذِ والتَأوِيل/ قَالُوا أَنَّ السَّمَاءَ فَكرَة/ تَنْفَجِرُ بِرَأْسِ صَاحِبِهَا إِذَا لَمْ يُحْسِن فَهمهَا/ تَحْتَاجُ لِلكَثِيرِ مِنَ النَّظَرِ/ مِنَ التَّجَارِبِ وَمِن الْمَجَازِ». وقرأت الشاعرة آمال القاسم حوارية شاركها فيها الفنان الموسيقي بالغناء بصوته الشجي كان لوقع هذه الحوارية بعدها الفني والإيقاعي؛ ما أشعر المتلقي بالتناغم ما بين الشعر والموسيقى، قصائد القاسم على درجة عالية من البناء الفني المحكم وفلسفة القول الشعري العالي. ومما قرأت القاسم «يابنَ الرّوحِ.. في الرّوح» التي نحت منحى صوفيا تفول فيها: «كنتُ على شَفيرِ شموسِك أمزّقُ منافيك/ وأكتوي بالتماعَةِ عينيك المشبوبتين بكيمياءِ الاِحتراق/ أطهو ورقي وأرُشُّ الدَّقائِقَ الْمَمْلوحَةَ فوقَ انتظارٍ يلهجُ بقداستِكَ/ وعلى مسافةٍ منك، كنتُ أتلاشى فيكَ/ أرصُدُ بحارَكَ الهائجةَ المائجةَ الّتي استباحَتْ قِطعاني/ وذوّبتْ وُرودي/ وصبّتْ شطآنكَ في كأسي/ حتّى بتُّ قربانًا لأناكَ/ تصلِبُ سيزيفَي على صخرِك/ تأوي إلى قلبي فتقدحُ أصلابَك في طراوتي» ومن نص آخر حمل عنوان «علِّمْني منطِقَ شفتيك» نختار منه حيث تقول: «أيُّها الْفارسُ/ يا مِعْراجَ أغْنِيَتي/ ترجّلَ مِنْ ذُبُولِي/ وَتَسَلّلْ إلَيَّ فكرةً/ تمزّقُ نُحولي .. تَنْقُرُ ظُنوني/ فتنزفُكَ غيمًا فَوقَ لُحوني/ يَا مَرَافِئ الرُّوحِ في روحِي/ يا طلائع السّنابِك/ أَنَسِيْتَ موعدَكَ معَ أحْلامي/ هل نسيَ عطرُكَ الصّوفِيُّ..؟». واختتمت الأمسية الشعرية الحوارية بوصلة من الطرب الأصيل قدمها الفنان نوار العيسى حيث غنى لأم كلثوم وفريد الأطرش والقدود الحلبية الجميلة وكما لمارسيل خليفة وللفنان إلهام المدفعي «ما لي شغل بالسوق» للشاعر مظفر النواب الذي رحل مؤخرا، وختم جولته بأغنية أعادت الحضور لأيام الزمن الجميل والطفولة.