توفيق أبو خميس من المعلوم أن الجنس الأدبي هو كيان ثابت بقوانينه ومكوناته النظرية والتطبيقية، حيث يتداول الأدباء نمطاً معيناً في كتابتهم، إلى أن يصبح هذا النمط قاعدة معيارية في التعرف على النصوص والخطابات والأشكال الأدبية، والفصل بينها تنميطاً وتنويعاً وتجنيساً. ويرتكز تصنيف أي جنس أدبي على وجود عدة قواسم مشتركة أو مختلفة بين مجموعة من النصوص، باعتبارها بنيات ثابتة متكررة تأتي بعضها في إثر بعض من جهة، أو بنيات متغيرة ومتحولة في لبنات بنائه من جهة أخرى. وهذا ما يجعل تلك النصوص والخطابات تصنف داخل صيغة قولية أو جنس أو نوع أو نمط أدبي معين. لكن عناصر الاختلاف الثانوية لا تؤثر بشكل من الأشكال على الجنس الأدبي؛ لأن الأساس الأهم في ذلك هو ما يتضمنه من عناصر أساسية ثابتة ورصينة، وكلما انتهكت هذه العناصر في أي جنس أدبي، ظهر على إثرها جنس أدبي آخر يحمل بعض صفات الجنس الأدبي الأم لكنه يحمل وجهاً آخر مختلفاً. فأضحى من الواجب على نخب كُتَّاب (الهايكو) في عالمنا العربي أن تتوحد وتلم شَتَاتُها وتطرح رؤيتها في صورة واحدة وليس في رؤى متعددة يكون لديها ميثاق منفردةً، النخب تسلك طريق الهايكو تعيش في تشظي وكل أخذ له زقاق خاص، في وقت ناهز الستة عقود ولا جديد في الوصول لطرح رؤية تأسيس قاعدة شمولية موحدة منها مجتمعةً فعلى صعيد الهايكو العربي نحن لا نعاني من أزمة في توصيف الهايكو فقط إنما في تشظي الآراء والأفكار، وتدني المستوى الإبداعي بهذا الفن، والسبب الرئيس من تلك الفئة أقْحَمَت نفسها أو أقْحِمَت عنوة وجعلت من نفسها قوى معارضة لوجود مثل هذا السعي والتوجه نحو التأطير، وهذه الفئة لا تريد الاستماع إلا لما يرضيها وما يحقق أهدافها ورغباتها فقط..! لقد شكل فن الهايكو مساحة إغراء واسعة للعديد من الكتاب العرب، لا سيما لقصر مقطعه الشعري الذي أسست أن يكون عليها كتابة هذا الجنس الشعري، مما ساعدهم باستسهال الخوض في كتابته ظناً منهم لكونه يحيد استخدام البلاغة في كتابته أنه يخلو من (أي براعة لغوية) ولا يحتاج إلى أي جهد أسلوبي. وهذا خطأً فادح وشائع يضاف إلى جملة أخطاء يتم ارتكابها. لقد آن الأوان وحان الوقت لنصحح هذا المسار، وأن نعطي الأمر مزيداً من الاهتمام والجدية ومن هنا أجدد دعوتي للعمل على تنسيق عقد اجتماع يضم الحريصين على هذا الفن الراقي من كُتَّاب ونقاد وباحثين عرب في مجال الهايكو على دائرة مستديرة تخرج في نهايته بوضع نهج لهذا الفن بصورته العربية