وذكروا، في حفل تكريمه في المركز المجتمعي المسكوني الذي أداره الإعلامي شاكر حداد برعاية مدير المكتبة الوطنية محمد العبادي،.. إنّ من حقّ الرواد علينا الحفاوة بهم وإدارك مجايلتهم لكل مراحل البناء والعطاء التي عاشها الأردن، وهو جزء من ردّ الدين للمشيني الذي كان مديراً للإذاعة الأردنية 1985، وكتب عنه عدد من كبار الأدباء والشعراء وتناولوا أدبه بالدراسة، وحصل على مجموعة من الأوسمة الملكية الرفيعة.
وعدّوا من كتبه: صبا من الأردن في 12 جزءاً، يا حياة المجد عودي، بطاقة حب إلى فلسطين الخالدة، والإخوانيات، ومن مسرحياته (بطل من أوراس)، و(أميرة جرش)، و(عودة قراقوش)، و(مع العبقريات)، و(شموس لا تغيب)، و(موعد في القدس)، علاوةً على أنه صاحب أول نشيد للإذاعة كُتب إثر إعلان قرار تقسيم فلسطين.
ورصدوا للشاعر أكثر من ألفي برنامج إذاعي ومئتي اسكتش وأوبيريت وأهزوجة وألف حلقة من البرنامج الإذاعي(صبا من الأندلس)، عدا خمسين مسلسلاً إذاعياً تناولت الوطن والثورة العربية الكبرى وركزت على القيم الإنسانية وأخلاق النبلاء.
وقالوا إنّ كثيراً من أغانينا الوطنية وأهازيجنا المميزة كتب كلماتها المشيني، وغناها كبار المطربين، ذاكرين (فدوى لعيونك يا أردن) التي غنتها سميرة توفيق، و(أنا الأردن)، (وأردن شو ما بدك منا)، و(ربع الكفاف الحمر)، و(حيوا الأردن أردنا)، وقد غنى له توفيق النمري ونجاح سلام وهيام يونس وكثيرون.
وبيّنوا أن الشاعر الذي حاز أوسمة الاستقلال في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي وعام 2006 يستحق أن يكرم على مستوى الدولة لما قدّمه من عطاء.
واستمع الشعراء لقصائد مسجلة للمشيني، منها (أنا شاعر الأردن) التي قال فيها: (أنا شاعر الأردن من غنى له//أسمى ملاحمه على مزماره//غنيت للأردن عذب قصائدي//زينتها بالسحر من نواره//وفخرت في صحرائه ورماله//وشدوت في أرباضه وقفاره// مجد العروبة صيغ في أردننا//بمعارك اليرموك في ذي قاره// سأظل أشدو باسمه المحبوب ما/ فتنت زهور الروض في أياره).
واستذكروا قصيدة (أوقف الركب وسلم وانثرِ// في ربى الأردن عقد الجوهر)، وقصيدة (إن تسل عني فإني عربيُّ// من بني غسان أنمى عربيُّ// وجدودي طاولت راياتهم//ذورة الجوزاء والدهر فتيُّ)، وقصيدة (يا موتُ قاسٍ أنت..لا تختار إلا الأحسنا//ما كان من قبل الشذى..دمه يراق بحوضنا)، وقصيدته في السلط يوم تكريمه عام 2007( وقافيةٍ فذّةٍ حرّةٍ// من الشعر ما قلت أمثالها//شرودٍ تلمّع في الخافقين// إذا ذكرت قيل من قالها// فيا سلط عفوك ماذا أقول// بمن طرز المجد سربالها؟!).
وذكروا قصيدة الراحل الشاعر جميل علوش في مدحه المشيني:(يا أبا إبراهيم، أهلاً وسهلا//أنت غالٍ عندي؛ ومن منك أغلى؟!//لك في ذمتي ديونٌ سأقضيها// وبعض الديون كالطود ثقلا//أنت نوهت بي وجزت بذكري// مطلع الشمس مكثراً أو مقلا//أنت في كل مجلسٍ تذكر اسمي// زادك الله في المجالس فضلا).
وبعد أن استذكروا أنشطة المشيني المصورة وعادوا بالذكرى إلى سيرته العطرة، في الفيلم الوثائقي الذي أعده إبراهيم السواعير، قرأ الشاعر محمود عبده فريحات قصيدة مطولة، قال فيها: (اللهَ.. والأشعار تروي حكمةً// لا خير في شعرٍ بلا المشيني//كلّ القوافي دون شعرك أخدجت//وخداجها جذعٌ..بدون غصونِ//أنا بالقوافي قد ثملتُ..وإنني// أنا من يقولُ بحسنهنّ ارقوني//تكريمه تكريم شعر الأولين..جرير والخنساء دون ظنونِ// فلتشهدوا أني أتيت مبايعاً// يإمارة الأشعار للمشيني).
وقدّم الموثق الباحث عمر العرموطي(موسوعة عمان)، التي ألفها، للشاعر المشيني بوصفه شاعراً تغنى بعمان وكل المحافظات، وقال إن المشيني قامة سامقة وهو موضع اعتزاز كل شاعر وكاتب وأديب، في وطنيته وانتمائه وعشقه لوطنه العربي الكبير، وفلسطين التي كتب بها أجود الأشعار. واستذكر العرموطي صاحب صالون الأدب والثقافة تكريم الصالون للمشيني وإهداءه عباءة الشعر تقديراً ووفاءً لهذا الشاعر الكبير.
بدوره تحدث راعي المركز المسكوني سامر عازر متمنياً الشفاء للمشيني، صاحب البصمات، الملهم الذي يرى الشعر إحساساً في المقام الأول، وأعرب عازر عن تقديره للمشيني عطائه وإنسانيته ورقة شعوره وإبداعه في المسرح والترجمة والرواية والشعر، وقد أحب الوحدة الوطنية وتغنى بربوع الأردن وألقى بين يدي الهاشميين. وقال إنه يعجبه في سليمان اطلاعه وحسن أخلاقه ومعرفته وثقافته وإخلاصه للغته العربية ودفاعه عنها. وقال عازر إنّ المركز المسكوني حفر كلمات المشيني التي قالها في الأسبوع العالمي للوئام بين الاديان على جدارية كبيرة في المركز الذي احتضن نشاطاً في هذا الموضوع.
الشاعر سعيدي يعقوب ألقى قصيدة قال فيها: (تُحنى أمامك هامة الكلمات//خجلاً وتشكو عيّها أبياتي//يا صاحب الشعر المحلّق في الذرى// إن شئتُ مدحك قصّرت خطواتي//هذي رحابٌ إن وقفتُ بها كبت//شفتي وجفّت للجلال لهاتي//ماذا أقول أمام أكبر شاعرٍ// أولى بمثلي الميلُ للإنصات!).
الإعلامي صاحب التجربة شاكر حداد تحدث طويلاً عن لغة المشيني ومقدرته الإعلامية وعطائه الكبير في الإذاعة الأردنية، وذكر الرعيل الأول من الإعلاميين الأردنيين واحداً واحداً، والبرامج التي كان قدمها المشيني وقرأ من أشعاره وقال إنّه قامة تستحق الحفاوة، وارتجل:..هو بعضٌ من رد الجميل لمن كان أستاذاً من الأجيال الرائدة في إعلام الوطن، بل هو في طليعة من بنوا أساسات الكلمة المتزنة التي تخاطب العقل والقلب، أمثال عرار وكوكبة الشعراء الأردنيين والعرب.
راعي الحفل العبادي تحدث عن الإذاعة الأردنية منارة وطنية وصوتاً حقيقياً، ذاكراً أن المشيني قدّم كل هذا العطاء وزامل أصدقاءه من الرعيل الأول في الإذاعة، وقال إنّ المشيني قدم لاتحاد الكتاب خدماتٍ جليلة في التحضير ومتابعة وتنفيذ النشاط الأسبوعي بما عُرف عنه من احتراف ومرونة وسعة أفق.
وكان شارك في المداخلات الإعلامي محمد حمادنة عن المشيني، مستذكراً أيّامه مع الإذاعة، وكاشف حمادنة بأنّ على الإعلام الأردني أن يلتفت إلى القامات الأدبية ويسعى إلى تكريمها بالكتابة عنها، معرباً عن تقديره لـ(الرأي) في حفاوتها بالكتاب الرواد والمبدعين.
الكاتب الدكتور عبدالفتاح البستاني قال إنّ الشاعر المشيني بكلّ ما قدّمه ويقدمه يستحق التكريم والكتابة عنه واستعادة مذكراته، متمنياً له الشفاء، وقال إنّ نادي الفيحاء الذي يكرم القامات الأردنية والعربية المبدعة، كان كرّم المشيني واحتفى بعطائه، وذكر البستاني تكريم النادي لناصر الدين الأسد، مقدّراً موسوعية المشيني في أجناس الأدب والكتابة والإعلام.
المشيني، الذي منعته ظروفه الصحيّة من حضور حفل التكريم، أوفد المهندس ياسر شعبان، لينقل شكره وتقديره واحترامه ووعده بالعطاء الذي لا ينتهي. وقال شعبان إنّ المشيني يفتخر بكم جميعاً ويقدّر لكم مودتكم وإخلاصكم، وإنّه الشاعر الذي لم يخذل الوطن ولن يخذله وسيبقى يدافع عنه، مضيفاً أن المشيني حين يستعيد شريط ذكرياته لا يجد إلا المخلصين الأدباء البلغاء سدنة اللغة والشركاء في حفظها، وهو بحسب المشيني خيرٌ قدّره الله لهذا البلد في عطائه وعطاء قيادته والدم الأردني الأصيل الذي بُذل في فلسطين. وأعرب المشيني عن تقديره للمركز المسكوني وللشعراء المشاركين والإعلاميين وحضور الأمسية اطمئنانهم عليه وسؤالهم عنه، وقال إنّ الوطن ما يزال يستحق منا الكثير.