|
عرار: الشارقة - عرار: يواصل مهرجان الشارقة للشعر العربي فعالياته، حيث شهدت رابع أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي مساء أمس في قصر الثقافة، تنوعاً شعرياً لافتاً من حيث الأجناس الشعرية التي قرأت، وعمر التجارب المشاركة، والفضاءات التي اشتغل عليها الشعراء، حيث استضافت الأمسية كلّاً من الشاعر الإماراتي شهاب غانم، والسعودي نايف الرشدان، والأردني خالد أبو حمدية، والعراقي عبد الرزاق الربيعي، والفلسطيني محمد لافي. وقدم الأمسية الشاعر عبد الله أبو بكر، متوقفاً عند العنوان الذي طرحته الدورة الجارية للمهرجان: "ضرورة الشعر في الوقت الراهن"، بقوله: "يبدو أن الشعر هو الخلاص في هذا الزمن الذي يشهد كل هذه الفوضى والخراب الذي يحيط بنا، فربما يسأل البعض ما حاجتنا للشعر، فيفتح بنا التساؤل طريقاً إلى ما قاله الشاعر رسول حمزاتوف: "أيها الشعر أنا لولاك يتيم"، وكأنه يجيب على ذلك التساؤل بأن حاجتنا للشعر تماماً مثل حاجتنا للأب أو للعائلة". واستهل قراءات الأمسية الشاعر شهاب غانم الذي يعد واحداً من الأصوات المكرسة في المشهد الشعري الإماراتي، من خلال ما قدمه من ترجمات من وإلى العربية، حيث قرأ مجموعة مختارة من قصائده التي تتنوع بين العمودية والتفعيلة، وتكشف تجربته في كتابة الأناشيد الدينية، والقصائد التي يتلمس فيها مشهديات حياته ويحولها إلى شعر، فقرأ من قصيدة بعنوان: "نور على نور" التي أنشدها الفنان سامي يوسف: ألا بذكرك قلبي يطمئن وهل بغير ذكرك قلب المرء يرتاحُ فأنت مبدع هذا الكون أجمعه وأنت خالق من جاءوا ومن راحوا وأولٌ أنت قَبل القَبل من أزل بالكاف والنون يا رباه فتاحُ وألقى قصيدة كتبها في حفيدته الصغيرة "هنوف"، كاشفاً بذلك عن مساحة من تجربته الشعرية التي يحول فيها اليومي إلى شعري، ويعيد توظيف الموروث الحكائي الشفهي في سياقات جمالية، إضافة إلى استناده على اللهجة الدارجة ومزجها في متن القصيدة الفصيحة، فقرأ قصيدة حملت عنوان "بخبوخ"، وهي كلمة يقولها الساحر في بعض البلدان العربية في لعبة إخفاء الأشياء. وقدم الشاعر نايف الرشدان عدداً من القصائد التي تمثل تجربته في كتابة القصيدة العمودية، وتوظف الموروث التاريخي والديني في نسج أبياته الشعرية، إذ يشتغل الرشدان في قصيدته على جملة من المحمولات المكرسة في الثقافة العربية والإسلامية ويشرك القارئ في رسم صوره الشعرية وفتح دلالاتها.وانتقى الشاعر خالد أبو حمدية نخبة من قصائده التي تكشف شواغله، إذ انعكس الراهن العربي وما يجري من اقتتال ونزاع وصراع على قصائده، طارحاً ذلك في قوالب شعرية لها إشاراتها التاريخية، ومستفيداً من الأساطير والحكايات في توصيف الواقع اليوم، إضافة إلى بحثه العميق في الحب بوصفه مساحة شاسعةً لشعرنة الواقع ورصد تحولاته في القصيدة، فقال في قصيدة بعنوان "نطفة الشعر": ما ظل صاحب صبوة ومناجِ فتسللي من عتمة الأدراج من صفر أوراقي وملح جذورها فحدود عفتها بغير سياج يا لهفة الطفل الطريد بداخلي ما بين مغلول اليدين وراج ما زاف بارق خافقي بليلها وشروق مرهف ثغرها الوهاج أودعتها ثمراً وطيب ملامح نضجت قبيل موسم الإنضاج وأهدى قصيدته "قابيل شامية" إلى الشام، مشخصاً ما يجري فيها من حرب، ومتوقفاً عند الأطفال، والأبرياء الذي قتلوا خلال الأعوام الماضية، فاتحاً بذلك نافذة على كل ما في الشام من جغرافيا، ومعالم، وحكايات، وأشجار، وبيوت، لتكون تكوينات تؤثث قصيدته. وبدا الشاعر عبد الرزاق الربيعي في مزاج شعري مغاير لما قرأ، حيث جاءت قصائده مكتوبة بلغة حديثة، وفيها جرأة على توظيف المفردات والتعابير، مكرساً كل ما يمكن أن يمر بيومه ليكون علامة في فضاء القصيدة، فقرأ من قصيدة بعنوان "زهايمر": عرفت أخيراً بأنّي هرمت وصرت، كباقي المسنين، أنسى الملفّات في سطح مكتب فوضاي أنسى الوجوه الجريدة في الباص وقت التسابيح رقمي الوظيفيّ الهاتف الخلوي سحنة ليلي.. أنسى القصيدة تحت الشموس تجفّ وعند الغروب تسيح الحروف المغطاة بالبرق وقدم حالة المشهد العراقي بما فيها من تنازع وقتل عبر ثنائية الحب والحرب، فزاوج بين المرأة والوطن في قصيدة حملت عنوان "ابتهالات"، خارجاً بذلك من التوظيف المباشر، والفضاء اللغوي المرتبط بالحرب بما يشتمل عليه من مفردات، كالبنادق، والرصاص، والركام، والدخان، والقنابل، والقتلى، وغيرها من المفردات.واختتم الأمسية الشاعر محمد لافي بمختارات من قصائده التي نوّع فيها بين القديمة والجديدة، والقصيرة والطويلة، فقرأ قصائد تشير إلى خصوصيته الشعرية التي تجعل منه واحداً من التجارب اللافتة في المشهد الشعري العربي، إذ اختار أن يعلن عن مواقفه في قصائده، ويكتب سيرته، ويرسم هواجسه في مشهديات تستند إلى المفارقة، والدهشة اللغوية، والشعرية، فألقى قصيدة بعنوان "بيان"، يخاطب فيها ابنه "فرات"، ويؤكد فيها موقفه مما يجري في الشأن الفلسطيني، منها: والذي فطر الكائنات لا علاقة لي يا فرات بضياع الخطى، وانكسار المسار وموت الدليل لا علاقة لي بالنزول ولا بالرحيل فأنا من "غزية" إن شرّقت وأنا من "غزية" إن غرّبت وأنا من"غزية" إن قاومت وأنا من "غزية" إن ساومت لا علاقة لي بقرار الجهوم ولا بقرار الفرار لا علاقة لي بالحصار وانحاز إلى القصيدة القصيرة، ليبني شعره بكثافة عالية تواري أكثر مما تبدي، وتشير أكثر مما تقول، مستنداً على اليومي، ومستفيداً من فضاء قصيدة النثر في كتابته، فقرأ عدداً من القصائد التي تكشف هذا الاشتغال في تجربته، منها "استدراك": في الممر القصير، وعمري السحابة سأسجل: ثمة خلق كثيرون مروا على راحتيّ، ولم يظهروا.. في الكتابة ومن قصيدة بعنوان "ورقة"، قال: كلما أوغلت في الغياب الشوارع والليل عسكر أسأل الرجل المتحدّر من حانة في فراغ المدينة كيف ترش على الموت سكّر المصدر وكالة الشعر العربي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 10-01-2015 09:59 مساء
الزوار: 4170 التعليقات: 0
|