|
عرار:
نظم فرع رابطة الكتاب الأردنيين مساء أول، أمسية شعرية للشاعرين: نسيبة علاونة وعدنان العمري، وأدار الأمسية الشاعر عبد الرحيم جداية، وسط حضور من المثقفين والمهتمين. واستهلت القراءة الأولى الشاعرة نسيبة علاونة وقرأت مجموعة من قصائده القصيرة المكثفة والمعبرة عن شؤون المرأة وطقوسها وحالاتها، بلغة ناضجة لا تخلو من الفلسفة، فلسفة القول الشعري، والتعبير عن مكنونات النفس الشاعرة، شاعرة تمتلك رؤى جديدة في صياغة قصائدة النثرية، وإن كان طابع الحزن قد طغى على أجواء القصائد إلا أن بارقة الأمل تغفل اجواء اللحظة المعاشة عند الكتابة، فنراها تتشكل كسنبلة تشي بالعطاء ودلالتها موجودة في الموروث الديني، وكما اشتبكت الشاعرة مع الهم الإنساني، ووقفت على ما يجري في الوطن العربي من دمار وخراب وفكرة الموت. تقول قصيدة «السنبلة»: «سنبلة/ زرَعَني أبي في حقلِ/ الصّبّارِ/ لأعتادَ وَخزَ الحياةِ/ سَقَتني أُمِّي الدَّمعَ/ وهي تَنزِعُ عنّي كُلَّ وَخزَةٍ/ فصِرتُ ابنةً بارّةً/ بالشَّوكِ والمِلحِ/ وأدركتُ بعدَ كُلّ هذا الذّبحِ/ سرَّ براعَتِي في الانسِجامِ/ مع السّكِّينِ/ فكلَّما أُشهِرَت/ نحوَ عُنُقِي رأيتُها مِنجَلًا/ ففاضَ في عُروقِيَ الماءُ/ نَبَتت بدلَ رأسي في أعلايَ/ سُنبُلة. وتمضي العلاونة في قراءتها التي لا تخلو من السرد الشعري الشفاف، تأخذنا إلى غرقها لا البكاء، مصورة بمخيلتها الخصبة كيف يكون في المدن الترابية حزن النساء عارا، مقطع شعري مكثف صاغته بأسلوب فني يواكب تطور القصيدة النثرية، فنرى قفلات نصوصها صادمة ومدهشة في نفس الوقت. تقول:»أيَّتُها الصَّديقاتُ/ أنا لا أبكي/ أنا فقط أُحاوِلُ أن أُغرِقَ/ ملامحي الحزينةَ/ لِتطفو على سطح وجهي/ ابتسامَةٌ/ فلا تَسأَلنني ما بي/ فَحُزنُ النِّساءِ في مدينتِي اليومَ/ عارٌ». وفي قصيدة أخرى نقتطف منها:»لاشيءَ حتّى الآنَ/ يخدِشُِ حياءَ الإنسانيّةِ!/ أنا شخصيًّا/ أعترفُ/ كلّ الفارّينَ من القصفِ/ كانُوا إخوتي/ الصِّغار/ وأمّي رأيتُها/ تنتزِعُ لحمَها العالقَ بالسِّياجِ/ بسرعةٍ وتُكمِلُ الفِرار/ وأبي الواقِفُ في آخرِ طابورِ الخُبزِ/ بكفّينِ فاحِمَتينِ/ على ساقٍ واحدةٍ/ لم يعلم بعدُ أنَّ الجِياعَ كُلُّهم/ صارُوا مَوتى/ يا أبتِ لاتحزَن/ كنُ مثلَنا». القراءة الثانية كانت للشاعر العمري الذي قرأ أكثر من قصيدة عاين الهم الإنساني بلغة معبرة عما يختلج بالقلب. شاعر يمتلك لغة صافية تنم عن شاعر له مستقبل في عالم القصيدة، وإن ضغى أيضا الحزن على مجمل قصائده إلا أن الشاعر يأخذ المتلقي إلى فضاءات الحبيبة وفكرة المجيء الثاني إليها، شاعر يزعجه البكاؤون، فيقول في مطولته الشعرية :»يزعجني البكاؤون/ الداخلون ملء المآتم من أبواب هذا العام/ قلتُ لوجهي بالأمس/ ما جدواك/ وأنت تأخذ صبغة الموتى/ وما الذي يغريك/ في البكاء لهذا الحد الفج». ويمضي في تجلياته الشعرية فيقول: «وحدثت حبيبتي/ عن فكرة المجيء الثاني/ أخبرتها أني في حياة سابقة/ كنت حبْلاً مجدولاً/ أتدلى كمشنقةٍ/ لم أصلح للموت/ ولم أصلح للتأرجح/ ولم يساعد جَدْلي بنسق رتيب/ أن أفك رقبة واحدة على أقل تقدير/ أخبرتها أني أستحدثني بعض العسكر/ كحبل غسيل مرخي على آخري/ لا أنكر أنها أعجبتني هذه المهنة/ أتاحت لي أن أسترق الشم من ملابسهم/ رائحة الحبيات والعائلة».ى يقول في النص الشعري المدهش:»حدثتها عني/ وأنا مصلوب بذهولي/ تحت شباكها/ لا شئَ يشرح لي صلبيّ/ ولا شيء يشغلني/ إلا أن أعبر بوابة الحزن/ وأتركني على أيما رصيف وأمضي/ لاشيء يشغلني/ من هذا العالم الحامض». الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 10-03-2017 11:53 مساء
الزوار: 729 التعليقات: 0
|