|
عرار:
لم يخيب شعراء الأردن ظن الجمهور الكبير الذي حضر في قصر الثقافة ليستمع إلى الشعر، فقد استضاف ملتقى الشارقة للشعر العربي الذي نظمه بيت الشعر بدائرة الثقافة بالشارقة " شعراء من الأردن " وذلك مساء أول من أمس بقصر الثقافة في الشارقة بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة، وحشد كبير من متذوقي الشعر والإعلاميين وشارك فيها كل من الشعراء الدكتورة مها العتوم وصلاح أبو لاوي وعبدالكريم أبو الشيح وقيس الطه قوقزة وقدمها الشاعر أحمد الأخرس. افتتحت الأمسية الشاعرة مها العتوم التي رسمت مشاهد الكلام ما بين مجاز المخاوف وحقيقة الغياب .. لِتُدير دفة الحرف نحو عيون الحب في لغة اتسمت بالحداثة والدهشة، فقرأت من قصيدتها شغف : ليست حياتي حقيقيّةً لأدير مخاوفَها مثل مقْود سيارتي منذُ عشر حوادث أنجو لأكثرَ من سببٍ ليس من بينها حكمتي لن أموتَ من الحبِّ ما دمتُ طرتُ بسيارتي فوق جسر المشاة وعشتُ أحدِّقُ - كالجسر - مزهوّة في عيون غيابي وليست حياتي مجازيّةً كالقصائد حتى أبدّلَ بعض الكلام ببعض: حروبٌ حقيقيةٌ سوف أحذفُ أكثرَها ومشاهد عشق تسرّ الكلام سأكثِر منها وثمة شارعنا الجانبي الذي نتبادل فيه المجاز سأبقي عليه وأكتب عنه كتابي لعل حياتي افتراضية كحسابي ... وعما قليل سأمضي بكبسة زرّ وسوف يتمّ اختراق حسابي ومن قصيدتها ( بين الثلاثين والأربعين ) كانت العتوم تطير تارةً نحو ضوء الكناية وتارةً تمحو اللا كلام من دفاتر السنين .. ليمر الخوف بلا لغة : الفرق بين الثلاثين والأربعينْ محوتُ دفاترَ عشر سنينٍ لخطّي الرديء عليها وما زال خطي رديئا وما زلتُ أمحو وأكتبُ كالآخرينْ الحياة الكتابة والمحو والموت فضح الكناية والصحو واللا كلام المبينْ لذلك مُرّي من الأربعينَ بلا لغة واعبري في المجاز كأنك لا تعبرين وطيري كأن الحياة جناحاك والضوء بين الحياة وبينك حتى تري بسقوطك في الضوء حكمة قلب الفراشة بين الضلال وبين اليقين ثم أطل الشاعر صلاح أبو لاوي ليبذر الأغاني في نبض الليالي المجدبة، ويتتبع ضجيج الحياة والقرى النائمة، ويعدو بحرفه الأنيق في ظلال الحقول ليروي جوع المطر .. فقرأ من قصيدته ( ثلاث أغنيات لأشجار الزنزانة ) : في الليالي اللئيمةْ الليالي التي طال فيها عواء الجريمةْ الليالي التي لا ضفاف لها الليالي التي لم تعدْ كركرات الرّها عزفها الليالي التي لم يزرْها القمرْ الليالي التي هجرتها أغاني السمرْ الليالي الجديبةِ ثمة من يبذرون الحقول لنا في انتظار المطرْ مَنْ على أمَلٍ يكسرون الظلال لننجو فتعلق أجسادهم في الظلالِ وثمة من يتبعون الصباحَ فتقطن أرواحهم في الخيالِ وثمة وردٌ صهيلٌ يقود الحقولَ إلى حلبات الرجالِ وثمة مَنْ بالنيابة عنا يجوعون حتى فناء الزنازينِ لا يشربون سوى ملحِ أجسادهمْ بالنيابة عنا يقيمون في كل زنزانةٍ وطناً للكرامةْ ويشيدون أبراجهم للسماء علامةْ يا إلهي ألم تنتهي المعجزاتْ كيف صار الأسير نبياً ومن جوعه تنبتُ المكرماتْ وفي إهداء للشاعر الفلسطيني محمد لافي قرأ أبو لاوي قصيدته ( قافية ) ليؤكد بين نبضات القافية ملامح الفخر والاعتزاز بسيرة الشهداء حراس الماء والقمح في أرواحنا المتعبة : لا أعدُّ لقافيتي أيَّ شكلٍ جديدٍ فمعنايَ أسمى من القافيةْ إنني ولَدُ الأمسِ لا والدُ الهاويةْ سيرتي الشهداءُ ولافي أبي أكل الذئبُ إخوتهُ فاصطفاني لأحمل من بعده الساريةْ وأنا حارسُ الماءِ والقمحِ واللغةِ العاليةْ وأنا النخلة الباقيةْ فخذوا عن لسانيَ لا يزرعُ الوردَ منْ يَرْدمُ الساقيةْ تلاه الشاعر عبدالكريم أبو الشيح الذي جاء يخبئُ في قصيده مجرات الغمام ليحرر الطين من وحشته في إسقاطات جميلة وفي تجلٍّ مع العزف وأناقة في التعامل مع الحرف وتناص مع قصة يوسف ليقرأ من قصيدته ( أنا لا أعرف العزف .. لكن ) : أنا لستُ يوسفَ لستُ جميلاً ولستُ أرى كوكباً واحداً في المنامْ على عتبتي ساجداً يبشـِّرُ بي عند بئر الكلامْ.. أنا لا أرى في منامي سوايْ أخبئني في قميصي وأمشي وتمشي المجرّةُ خلفي وقد خبأت في السلالْ شموساً نجوماً وأقمارها المشتهاةَ وزوجيْ حمامْ ، ولكنـّهُ ليس لي أخوةٌ من أبي كي يكيدوا إذا ما رأوني أعانق عريَ المجرةِ في خلوةٍ أو رأوها تدلكني بالغمامْ... أنا لستُ يوسفَ... لستُ جميلاً وما جاءني كوكبٌ واحدٌ في المنامْ وما كادَ لي أخوةٌ في الخفاءْ لقد سرتُ وحدي إلى البئر طوعاً أهيئ أوتار صوتي أحرّرها من فيزياء المكانْ ومن وحشة الطينِ .....مني ومن رغبة في البكاءْ. ومن قصيدته ( في هديل المساء المبلل ) نثر ابو الشيح ضوء المسافة على نبض الورق فقرأ : في هديل المساء المبللِ بالشوق والهسهسات وبعض القلقْ قالت العاشقةْ : كالنجوم ستنثرني في فضاء الورقْ كي أضيءَ المسافة ما بين حرفٍ ترقرقَ في مقلتيك وما كان فيك احترقْ أو كحفنة عطرٍ ستزرعني يا رفيقي على شرفةٍ في خوابي الشفقْ كي أظلَّ دليلكَ حيث ارتحلتَ وحيث حللتَ ألملمُ كالنحل ما قد تبعثر منك على نقطة المفترقْ أو أكون التي تحتسيك مساءً لتنبتَ في راحتيها صباحاً سلـّةً من حبقْ أو أكون التي ترتديها غواية عمر ترقرق في مقلتيها ومن مقلتيها تنبثقْ واختتم الليلة الأردنية الشاعر قيس قوقزة الذي راح يراود الظل عن ظمئه ويشدّ قوس الحياة رغم احتراق الوقت، وهو المعجون بقلق القصيدة الذي منحه الدهشة، فقرأ من قصيدته ( في سقوط الظل ) : الطـَّلقـــــــــةُ الأولـــــى ... تـَـــــــــدورُ بِحَدْسِــــــهِ والطـَّــلقةُ الأخرى ... تـَــــمُــــــــــرُّ برأسِــــــــــــــــــــهِ وإذا استدارَ إلى الوراءِ ... لــــــــــــــــربَّـــمــــــا خرجَتْ إليهِ رصاصةٌ مِـــنْ نفسِــــــــــــــــــــــهِ وإذا انعكاسُ المــــــــــــــــــــــــاءِ راوَدَ كـــــــــــأســَـــــــهُ ظــَمــِــــئَ الخـَـــيالُ مــَعَ ابتسامــَــةِ كأسِــــهِ وَ كــــــأنَّ هـــــَــــــــــــذي الأرض في دورانـِهــــــــــــــــا دارتْ ... وَ عــادتْ كي تسيـــرَ بعكسِهِ عـَطـــَـــشُ المُحـــــــــــِبّ إلى الحيــــــــاةِ مـُعــلَّــقٌ بالـوحيِ ... بـيــــنَ يـــــَـدِ الحياةِ وَ حــــِسّــهِ يـَمضي وَ كــَـــفُّ الأرضِ تطوي ظِـــــلَّــــــــــهُ وصَـدى تـَـــــــــكَــــــوُّرِها يـُشـَــــــــدُّ لقوسِــــــــــــهِ و أجِنَّـــــــــــــــــــــــــــــــــــةُ الأقمـــارِ لمَّا أبصـــــــــرَتْ ... خانَتْهُ عندَ غيابِـــهِ مع شَمسِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهِ قــَدْ فَسَّرَ الأحلامَ قبـــلَ مَجيئـِـهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا كــــُــــــــــــــــــــلُّ السَّنابلِ مِنْ خَطـــايا غَرْسِــــــهِ كــَســَرَ المـــــــرايا مــــُــــــذْ تجــــــــــــــــــــــــــرَّعَ صبرَها كــُــــلُّ المعاولِ ... قِطعــــــــَــــــــــــةٌ من فأسِهِ أَلــــــقــــــــــــــى احتمالاً ثالثًــــــــا ... فـــلـــــــــــــربمــــــا فَهِمَتْ ضِفافُ الليلِ غايةَ قبســــــــــــــــهِ ثَـــقــَبتْ شقـــــــــــوقُ الموجِ قاربَ عِشقِـــهِ ما بيــــنَ همسِ العابـــــراتِ وهمسِـــــــــــــــــهِ أكَــلَـــــــتْ يــَـــــــدُ الدُّنيا رغيــــــــــــفَ نـــــــــــــــــــــهارِهِ فأفــــــاقَ مـــَــنسِـــــيـًّـــــــا هنـــاكَ بأمسِـــــــــــــــــــــــــــــهِ ثم قرأ قوقزة من قصيدته ( كبيرهم الذي علمهم الشعر ) هامساً للأرض بسرِّ الموج ليرتجف الحرف في رحم الأماني : الأرضُ مـُذْ كانَت الدُّنيـا ... هُنـــــا تــَقِــــــفُ وَ تـَستــَـــريـــــــــــحُ على كــَفـّــــــــي ... وَتــَعـــــتـــــــــــرفُ وَ تهمسِ اليومَ لي عن سرّ من رَحَلـــــــــوا وَ مَنْ على صدرها من دمعهم ذرفــــــــــوا وَ مَــــــــنْ بســـــــتـــــرِ الأمانــــــــــي راوَدوا دَمَــــــــــهــــــــــا لكي تـــــثـــــــــــــــــورَ على أرحامـــــــها النـُّـــــطــــــَــــــــــــفُ تـَقـُـــــدُّ مـــــــــــن قُــــبُـــــــلٍ قُمصـانَ ذاكِرَتـــــــــــــــــــــــــــــي حتـــى تُغــَــلــَّـقَ بي الأبــــــــــــوابُ و الغـــــــُــــــــــــــــرَفُ وتشـــــتكيني لمن لـَمْ يـــَقـــــــــــرؤوا وَجَعـــــــــــــــــــــــــي علــــى القراطيـــسِ شكلاً عنـــــــــــهُ أختَلِـــفُ ألقي توابيتَ قلبي فيــــــــــكِ عــَــــنْ عـَـــــــــــــــمَـدٍ كأنّـكِ اليَـــــــــمُّ ...تمشي نحـــــوَهُ الصُّـــــــدَف أمشي على الماءِ في كَــفّـــــــــــي صــواعُ أبـــــــــي وَ قاربـــــي بـــــــــيـــــــنَ لطـمِ المـــوجِ يــــــــرتــــــــجــِـــفُ ثم اختتمت الأمسية بتكريم الشعراء المشاركين من سعادة رئيس دائرة الثقافة الأستاذ عبدالله العويس ومدير إدارة الشؤون الثقافية الأستاذ محمد القصير ومدير بيت الشعر الأستاذ محمد البريكي. مصدر : وكالة انباء الشعر الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 06-07-2017 09:25 مساء
الزوار: 677 التعليقات: 0
|