|
عرار:
الكاتب المبدع وهيب نديم وهبة، يتحفنا بالألوان الجميلة من الأدب المزركشة بالإبداع الحقيقي، من شعر ومسرحيات ونثر وأدب الأطفال والفتية، وفلسفة، وهو من الأدباء الجادين الذين افلحوا في طرق الأبواب العالمية مبكرًا، فترجمت أعماله إلى عدة لغات أجنبية منها الفرنسية والانجليزية والعبرية وغيرها، فازت أعماله بعدة جوائز تقديرية ومالية وطباعة المخطوط الفائز. قصة وطن العصافير: القصة صدرت عن "دار الهدى للطباعة والنشر كريم"، بطبعة عبرية وعربية في كتاب واحد، طباعة أنيقة، غلاف سميك، رسومات الفنانة صبحية حسن، تدقيق لغوي الدكتور صفا فرحات، الترجمة العبرية بروريا هورفيتش، يقع الكتاب في 86 صفحة من الحجم المتوسط، تاريخ الإصدار 2014 الطبعة الأولى. قصة وطن العصافير: تتحدث القصة عن غابة تستيقظ على أهازيج العصافير، وفي وسط الغابة بحيرة، وشمس ترفع راية السلام، ونهر يشق طريقه وسط الغابة، يقطن على ضفافه الحطاب العجوز الذي يحب الغابة وطن العصافير، يعمل على إعداد أكوام الحطب ليحولها الى الفحم السحري الذي يطرد البرد القارس ليمنع وقوع الناس في القرى المجاورة والمدينة فريسة للبرد والصقيع، لكن في أحد الأيام استيقظ العجوز وقد صمتت الطيور عن الغناء، وتم قلع العديد من الأشجار، العديد من الحيوانات الغريبة دخلت الغابة ودبت الرعب في وطن العصافير، الفيلة تهز الأشجار وتسقط أعشاش العصافير، تدوسها الفيلة وتمضى في التخريب. عم القتل والخراب الغابة، تطفو على النهر العصافير الميتة، امتطى حصانه واخذ ما استطاع من أكياس الفحم إلى المدينة لكن الخبر وصل قبله إلى سكان المدينة الذين ظنوا أنه من بين القتلى، عندما جاء حاكم المدينة، خرجت أفعى سامة من أكياس الفحم، ولدغت الحاكم الذي فارق الحياة، عندها ألقى الحراس القبض على الحطاب بتهمة التآمر وقتل الحاكم، كذلك خرجت آلاف الأفاعي من عربة الفحم وقتلت وأخافت الناس الآمنين، بصعوبة كبيرة أثبت واقنع المحقق انه هو الحطاب وعرض خطة للسلام بين العصافير والفيلة والتماسيح، وهي اقتسام الغابة بين العصافير وسائر الحيوانات، وترويض الفيلة لخدمة الإنسان، وقام سكان المدينة يقودهم الحطاب بتعمير الغابة وتقويم ما تكسر من أشجار، وردم الحفر، ومد أنابيب المياه وعادت أصوات العصافير تزقزق من جديد وأصبحت الغابة مرتعًا للحيوانات وللعصافير، وتم فك الحبال التي كانت الفاصل بذلك أزيلت الحدود وعادت مياه البحيرة نقية. أسلوب الكاتب: استخدم الكاتب الرمزية على لسان سكان وطن العصافير، من طيور وحيوانات، فيلة وتماسيح وأفاعي وحصان، وعواصف ورياح، مثل أسلوب كليلة ودمنة التي ترجمها إلينا ابن المقفع، بهذا الأسلوب ينجح الكاتب في أصال رسالته بسلاسة يشبوها بعض الغموض، كذلك النص لا يستسلم للقارئ من أول نظرة. استخدم الكاتب لغة راقية أكثر بها من الاستعارة والتشبيه، بلغة شاعرية جميلة زادت من روعة النص. رسالة الكاتب: الدعوة المفتوحة للسلام: تجسد القصة دعوة صريحة للسلام بين الشعوب، وفي كل منطقة في العالم تمزقها الصراعات العرقية أو الدينية والمذهبية أو القومية أو الحزبية أو حتى العائلية والقبلية، من خلال إيجاد حل شبه عادل دون التنكر للواقع الجديد. دعوة لتقبل الآخر: يدعو أن تتقبل العصافير وجود الحيوانات في وطن العصافير بالمقابل تحترم الحيوانات العصافير ولا تنكر وجودها. عدم الاستسلام وابتكار الحلول: الحطاب الذي كان يقبع في غياهب السجون وفي أقبية التحقيق، لم يستسلم وحاور وأقنع السجان بعدالة قضيته، ونجح في إقناع أهل المدينة بوجوب تعمير الغابة وتقديم يد العون للعصافير. قبول الواقع: الكاتب يشير إلى وجوب الإقرار بالتغييرات على أرض الواقع وعدم نسفها للوصول إلى حل، فالحل لديه لم يكن طرد الفيلة وسائر الحيوانات بل وضع حدود اصطناعية واقتسام الغابة، وبعد استتباب الأمن تزال الحدود يعيش الجميع بانسجام واحترام ومحبة. ضرورة وجود شخص قيادي: بعد مقتل الحاكم بلسعة أفعى، اخذ المحقق على عاتقته مهام صعبة وجريئة للخروج من الفوضى العارمة التي اجتاحت المدينة والمنطقة. التعاون سر النجاح: عادت العصافير تزقزق والشمس تحتضن السلام بفضل التعاون والتسامح. عدم تصديق الإشاعات والأكاذيب وخاصة في زمن الفوضى والحرب. 10 – ضرورة سماع صوت الآخر: ضرورة تقبل الآخر وسماع صوته وإسماع صوتك وهذا الأمر ظهر جليًا، من خلال صدور القصة بلغتين في كتاب واحد وبطرق عديدة، لتصل رسالة الكاتب إلى العالم. جمالية في النص: الكاتب المبدع وهيب نديم وهبة كاتب، يملك ناصية الحرف ويطوع الكلمات لتعزف للقارئ أجمل الإلحان السرمدية. أمثلة على كلمات ومصطلحات جميلة: ص 37 "كانت الغابة تستيقظ"، "تغني للحياة أغنيات الكفاح والعمل"، "هذا النهر.. يجري كالحصان الأبيض الجامح"، "والشمس تسقط في حضن البحيرة رافعة راية السلام والسكينة في وطن الغابة" وفي ص38 "وغصة في القلب"، "يهزمك الزمن"، ص39 "البرد يزحف على أطراف الغابة"، "والجدران ترجف من البرد" ص 44 "كان الحصان يطوي الأرض كما يطوي الموج صفحات الماء"، ص45 "طارت عيناه بلمح البرق إلى ضجيج العربة"، ص49 "الأشجار محنية تقبل الأرض"، "اغتالوا الصباح وفرح النهار"، ص 50 "العصافير أخذت السماء لها الملجأ"، ص 55 "حصان تجري بعيدًا عن الحقيقة" ص57 "كيف أصبح وطن العصافير سرابًا" ص 59 "انتشرت قصة الرجل الغريب كالحريق" ص63 "اعرفها مثل كف يدي" ص 69 "اعتلت الدهشة وجوه الحاضرين"، ص 70 "الابتسامة تعلو الوجوه" ص73 " والأفكار تدور كالساعة في رأسه"، ص74 "قفز النوم إلى عينيه"، ص77 "الغابة تنهض من جديد". كل هذه التعابير الجميلة تشير إلى كاتب ماهر يصاحب اللغة العربية ويصافحها بحرارة، ليوسع رقعة الثروة اللغوية لدى القارئ. أسئلة مقترحة: إلى ماذا ترمز غابة وطن العصافير؟ إلى ماذا ترمز الأفاعي في القصة؟ إلى ماذا ترمز الفيلة والتماسيح التي اجتاحت الغابة؟ كيف أقنع الحطاب سكان المدينة بضرورة بناء الغابة ووطن العصافير؟ كيف نجح الحطاب بترويض الحيوانات لتصبح صديقة الإنسان ومسالمة؟ كيف تظهر الدعوة للسلام في أرجاء المعمورة من خلال القصة؟ هل تؤيد ترجمة النصوص العربية الجميلة إلى لغات أخرى ولماذا؟ هل خدمت الرسومات النص؟ ما رأيك؟ كيف ظهر مبدأ نقبل الآخر في القصة؟ هل تنطبق القصة على واقعنا؟ خلاصة: نجح الكاتب وهيب نديم وهبة، في تقديم قصة ناجحة قادرة على التفاعل مع الأحداث الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 04-12-2017 08:06 مساء
الزوار: 713 التعليقات: 0
|