|
عرار: عرار:صدر حديثا عن مكتبة النهضة المصرية الطبعة الثانية من كتاب إسهار بعد إسهار للشاعر محمد رفعت الدومى، ويلاحظ منذ البداية أنه من الصعب تحديد جنس الكتاب ضمن الأجناس المعروفة ،، فلا ندري هل هو رواية أم نص بلغة شعرية وان كان أقرب الي السيرة الذاتية .. تصل اللغة فى كثير من الأحيان ذروة النقطة الشعرية، مما يجعل التواصل مع الطرح عسيرا، ولكن بعد عدد من الصفحات سيجد القارئ نفسه قد انخرط في عالم الكاتب ، عالم الجنوب المغلق علي الكثير من الأسرار .. من أجواء العمل : يسافر الموجُ من صفر الطبيعة ، من تلقائه ، ويري ما لا يري الحجرُ ويحرسُ الأرضَ ، من صفر الطبيعة ، من تلقائه ، وجذورَ الثابت الحجرُ هذا إذا صدقنا أن للموج ، بالنسبة للخيال ، كلام ، وهذا صحيح ُ تماماً ، فإننا نستطيع بمجرد فعل إضافيٍّ أن نصغي في هدير الموج لتاريخنا غير المدون ، وأشجار عائلاتنا ، ونواح الفاشلين في الحب ، ودوافع المنتحرين ، ومتاعب المغامرين ، ومبررات القراصنة ، ودموع السراخس المحتجزة . وهمهمة الآباء الأوائل البعيدة . فقط يلزمنا أن نصدِّق حقيقةً أنَّ المدَّ ، وأنَّ الجزر ، تعقيبٌ علي جاذبية القمر ، لا علي أنفاس الثور الذي يحمل الأرض ، فقط يلزمنا . ( الحضرة الشومانية )* يدق الأخوان أحمد ومحمد أبو شومان طبلتيهما علي نحو مذعور ، ولكنه حميم ، قبل سلة من الأمتار من مظان الحضرة ، فتستقبل النساء وفادتهما بالزغاريد ، تستخف بعض الصغار نار لمرح الداخلي فينزعون ثيابهم ، ويصير الصخب ممتلئاً حتي كأنه هدوء ، ويندمج مع الهمس ، والأسرار الخفية ، وأصداء البيوت ، وحفيف الأشجار في الحقول ، ونقيق الضفادع ، وخفقات أجنحة الفراشات السحيقة ، وانتفاضات البهائم في الحظائر تنفض الغبار والحشرات عن جلودها ، فيشتعل الليل كفضيحة ، وتصبح نار المرح الداخلي تعبيراً محمياً لا يتسع له الكثيرون . يدق الأخوان لدقيقتين طبلتيهما وقلبي ، واقفين في صدر المكان وقلبي ، ثم تهبط حدة الإيقاع تدريجياً ، حتي يتفتت تدريجياً إلي شكوك غامضة ، تتابع خفوتها ، ثم ، فجأة ، تتلاشي ، لتتماسك من جديد عقب انتهاء طقوس العشاء ، وتنتظم حلقات الذكر انتظاماً ركيكاً في البداية ، لا يلبث أن يحتشد ، وتتحول الأجساد إلي جمل روحية ، عندما يتأكد العم محمد أبو شومان من إمساكه التام بأزمة الرجال المترنحين علي الحافة الغامضة ، وفي لحظة معايرة بعناية خاصة ، يبدأ في ترديد العديد من الحكايات الأسطورية عن السيد أحمد البدوي ، الذي .. أبو بطن واسعة ، والذي شرب ماء البحر برشفة واحدة ليعيد طفلاً غريقاً إلي أمه ، والذي .. كان المريدون يلتقطون بيض طيور الفردوس من صومعته ، وفي الحقيقة ، لم يقل العم محمد لنا و للتاريخ ، هل كان ذلك البيض نيئاً أو مسلوقاً أو مشوياً في نار جهنم ؟ ، أو لم أفهم علي أية حال ، ولكن ذكري مشابهة ، وهزي إليك بجذع النخلة ، تدفعني إلي يقين بأنه كان نيئاً ، ليدرك الذين يفضلونه مسلوقاً أو مشوياً قيمة العمل ! . وتعبر الأساطير تباعاً من نفس إلي نفس ، خلال الفجوات الذهنية ، تحت درع ثقيل من الاعوجاج الفكري ، دون عائق ، بل والإيمان الطليق في صحتها ، أو هكذا يظن الحمقي ، هم أكثر خبثاً بالتأكيد الزائد عن الحد ، وهم لا يصدقون إلا ما يرون ويلمسون ، لقد اتخذوا من التعايش السلميِّ مع كل المعتقدات درعاً يحرسون به بقاءهم ، تقليد دوميٌّ خاص ، وهذا يقودني إلي حكاية طريفة ، ورائجة ، للعم محمد أبو شومان ، تعكس المشهد كاملاً ، وتشوهه تماماً . كان العم محمد ذات ليلةٍ مستغرقاً في حالته تماماً ، وكان يردد ، بنغم سكَّري : ساكن طنطا ، وفـ مكة صلاااااتو ! - واقتحمت حالته ، فجأة ، زوجته ، الخالة صديقة ، مذعورة ، وألقت عليه نبأ شجار عائليٍّ كان لا يزال نشطاً حول بيوتهم ، وأضافت ، أن العم "حلاتو" كان في زيارة للدومة ، وتدخَّل كطرف أصيل في المعركة ، فتحلل تعبير الرضا علي وجهه إلي غضب ، ويبدو أنه لم يتمكن من الانسحاب من حالته في الوقت المناسب ، وربما كان الغيظ ، وربما الذعر من تهور العمِّ حلاتو ، هو ما جعله يصعد بالإيقاع إلي ذروة العنف ، واستأنف الإنشاد بشكل مروع ، وهو يتساءل ، بنغم عدائي : وايش دخَّلو فيها حلااااااتو ؟!! - تعليق حقيقيٌّ ، بشكل متعصب علي أفكارنا السابقة عن الزنادقة ، وخبث الزنادقة حيال الحياة . هناك بعدٌ آخر لشخصية العم محمد أبو شومان ، العم محمد أبو شومان مؤذن المغرب الدوميِّ في رمضان . بعدٌ ثالثٌ لا ينتبه إليه الكثير من الدوميين ، أروع مؤذني المغرب في رمضان علي الإطلاق . محمد رفعت الدومي * بعض من اسهار بعد اسهار الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 19-12-2013 08:50 مساء
الزوار: 2130 التعليقات: 0
|