7 - مسيرة الوالد المهنية كانت متقلبة -كما نعلم- لكن الشعر كان بوصلته وطريقه للاستقرار، هلا أضأتِ لنا هذا الجانب من حياته؟

- كان الشعر يرافقه في كل مراحل حياته, ينبض في قلبه حيثما حلّ أو ارتحل, لكن بوصلته الحقيقية هي المبادئ التي آمن بها, والقيم التي حرص عليها, ورعاها بكل إخلاص, فقد تخلى عن وظيفته في الهندسة وترك مجال دراسته الأساسي ليبحث عن الحرية والفضاء الأوسع حتى يعيش من أجل مبادئه, وصرف النظر عن الاستقرار في أمريكا رغم مغرياتها ورخائها الاقتصادي ليحمي عائلته ويطمئن إلى أنها ستعيش في ظل مبادئه وقيمه التي آمن بها.

8 - "كان أبي شاعرًا" تُعرفنا على محطات جميلة في حياته الشعرية، ونودّ الآن أن نتعرف عليه "أبًا".

- نحن سبعة إخوة, اعتنى والدي رحمه الله بتربيتنا على محبة العلم والأدب, وتوقير العلماء مند نعومة أظفارنا, وشجعنا في هذا المجال ماديًا ومعنويًا حتى أكمل معظمنا الدراسات العليا. ورغم أشغاله الكثيرة فقد كان يولينا اهتمامه ويتابع شؤوننا باستمرار, ومما كان يستغربه الناس أنه عندما سافر إلى أمريكا للعمل كان يقضي أربعة أشهر هناك وأربعة مثلها في الأردن, حتى لا يغيب عنا طويلاً رغم التكاليف العالية للسفر, وكان يكثر من إرسال الرسائل إلى أمي أثناء غيابه ليطمئن علينا, ويتشاور معها في شؤوننا. ومن عاداته رحمه الله أنه كان يجالسنا بعد أن نصلي الفجر لنتحدث أو نقرأ الأذكار, أو يسرد لنا قصة, أو يناقش مسألة أو حكماً فقهياً, ويتخذ أسلوب الأسئلة والحوار حتى يثير اهتمامنا ويدفعنا للتنافس في الإجابة, فكان هو مدرستنا الأولى. كما كان يرافقنا في رحلات كثيرة طاف بنا فيها أرجاء الأردن من شمالها إلى جنوبها, ولا أنسى بالتأكيد رحلتنا السنوية في كل عطلة شتاء حيث نمكث أسبوعاً في العقبة, مكافأة لنا بعد انتهاء الامتحانات مباشرة, ويجهز لنا برنامجاً مسلياً من الحكايات والمسابقات والحوارات لنقضي الطريق الطويلة دون ملل.

9- تعرض شاعرنا -رحمه الله- للمرض، وتعرض لفقد الذاكرة، نريد منكِ أن تخبرينا عن تلك التجربة الصعبة في حياته، وكيف تعاملتم معها؟

- كانت إصابته بليغة بعد حادث السير الذي تعرض له عام 2007, فقد أصيب بغيبوبة لمدة أسبوعين, ثم فقدان مؤقت للذاكرة, كما خضع للعلاج فترة طويلة بعد خروجه من المستشفى. فأحاطته العائلة والأصدقاء بالرعاية والملازمة الدائمة لإنعاش ذاكرته. وكان لتلك التجربة أثر عميق في جميع المجالات, حيث زاد إقباله على القراءة والكتابة مما أسرع في شفائه واستعادة صفاء ذهنه بعد فترة قصيرة. وصار أكثر حرصًا على استثمار وقته وتدوين أفكاره, وقام بعد الحادث بطباعة دواوينه السبعة وأبحاثه كلها بنفسه, فكان يقضي ساعات طويلة يعمل على الحاسوب, وحرص أيضًا على تعلم مهارات البحث في الإنترنت, والاستفادة من إمكانيات الموسوعات الشاملة في البحث العلمي.

تتمة الجزء الثاني ( 2 - 3 )