الشاعرة التونسية عائشة ألخضراوي، شخصية تتمتع بالثقافة العميقة وسعة الاطلاع والدقة، والموضوعية، والخبرة الطويلة، وتتمتع بالذكاء أيضاً، شخصيتها جريئة وصريحة في التّعبير عن أفكارها، تحبّ اللّغات، ومنفتحة عليها، وتكتب باللّغة الفرنسيّة، وتترجم منها وإليها، ولكن تبقى اللغة العربيّة بالنسبة لها هي هواها الأوّل...تدافع عن كلّ المبادئ الإنسانيّة السامية، الشاعرة عائشة منفتحة اجتماعيّاً، كما أنها مؤمنة بالصّداقات، وهي امرأة حرّة، ومستقلّة، وتطلب الحرّيّة لكلّ النّساء، تعتبر الشاعرة عائشة أن الحياة عبارة عن عقد شراكة أخلاقيّ، ومادّي بين الذّكر والأنثى في الحياة الزوجية. كعادتي مع كل من أحاورهن من السيدات كان سؤالي الأول لها هو:
@ أرجو التعريف بنفسك للقاري من حيث الحالة الاجتماعية والعمل والمستوى التعليمي والهوايات وذكر أي معلومات أخرى مناسبة؟؟؟
اسمي عائشة ألخضراوي شبيل، تونسيّة الجنسيّة، وأقيم في مدينة سوسة التونسية متزوّجة وأمّ، مستوى العلميّ: الأستاذيّة في اللّغة والآداب العربيّة، الشّهادة التّكميليّة في الأدب المقارن..عملت أستاذة التّعليم الثّانوي: درّست اللّغة والأدب العربيّ والتّرجمة، عملت مديرة المعاهد الثّانويّة، أشرف على نوادي فكرٍ وأدب في المعاهد الّتي درّست بها، والمشاركات في اللّجان الثّقافيّة والتّربويّة..عضو مؤسّس للصّالون الأدبيّ: ألزوراء النّاشط في مدينة مساكن، بولاية سوسة التونسية، أهوى الكتابة شعراً ونثراً، ولدي محاولات نقديّة، برز جلّها في مقدّمات لكتب بعض المبدعين من الأصدقاء، والمحاضرات الّتي قدّمت بها بعض المؤلّفات في تظاهرات أدبيّة...ترجمت مجموعات من القصص القصيرة جدّا، وصدر لي مجموعة شعريّة بعنوان "مواكب ضوء" وبصدد إعداد المجموعة الثّانية للطّبع..لي أيضاً كتاب نصوص نثريّة فنّيّة بين القصّة والتّرجمة الذّاتيّة، في طريقه إلى الطّبع.
@ ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمنين، بها وتدافعين عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية، وجريئة، وصريحة، ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟
في الواقع يصعب على الإنسان الحديث عن نفسه، ولكنّي سأحاول أن أفعل...
أسعى أن يكون سلوكي في الحياة، قائماً على الأخلاق العالية، قولاً وفعلاً، ونظافة لسان، واحتراماً للذّات والآخر. وآرائي متجذّرة في هويّتي، التّي أغار عليها، وأعتبر لغتنا العربيّة من أهمّ ما يعبّر عن اعتزازنا بأنفسنا، وكم يؤسفني، أنّا لا نملك مجامع ومراكز بحث، تسهر بجدّ على التّرجمة الفوريّة للعلوم المستجدّة، والتكنولوجيات الحديثة، على غرار ما هو موجود في البلدان المتقدّمة، حتّى وإن لم تكن منتِجة للعلم والتّكنولوجيا..فأنا لا أزال مستغربة من أنّ الاستلاب اللّغويّ، يغزو بلادنا العربيّة، وخاصّة، في لغة التّخاطب اليوميّ، بينما فرنسا مثلا، تقيم المؤتمرات كلّ سنة، لإحياء لغتها في الدّول الّتي تسمّيها فرانكفونية، وهي تحافظ على دوام الاتّفاقيات بينها وبين تلك الدّول، لتبقى الفرنسيّة لغة أساسية للتّعلّم، ولغة تدريس العلوم في المدارس، والمعاهد، والجامعات، ومثل ذلك قائم في تونس..أنا أحبّ اللّغات، ومنفتحة عليها، فأنا أكتب باللّغة الفرنسيّة، وأترجم منها وإليها، ولكن تبقى العربيّة هي هواي الأوّل...من جهة أخرى أدافع عن كلّ المبادئ الإنسانيّة، الّتي هي في ألأصل في ديننا وفي الأديان السماويّة الأخرى، والّتي عبّر عنها فكر المبدعين الكبار، غربا وشرقا.
أعتبر أنّي ذات شخصيّة مريدة، أعي اختياراتي فيما يتعلّق بنفسي، وجريئة وصريحة في التّعبير عن أفكاري، إلى الحدّ الّذي يسمح به تكويني وأخلاقي..منفتحة اجتماعيّا ومؤمنة بالصّداقات، ولعلّ عملي في التّعليم، وأنشطتي الثّقافيّة، سهّلت عليّ بناء علاقات اجتماعيّة مُرضيّة.
@هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسياً؟؟؟ ,هل أنت مع الديمقراطية، وحرية التعبير، واحترام الرأي، والرأي الآخر، والتعددية السياسية، وحرية الأديان، وسياسة التسامح في المجتمع، ؟؟؟
طبعاً، أنا امرأة حرّة، ومستقلّة، وأطلب الحرّيّة لكلّ النّساء، لكن الحرّية والاستقلال بالذّات، في مفهومهما الإنساني الجميل، والرّاقي، بما تقتضيه الحياة المدنيّة المتطوّرة..والمرأة تكتسب حرّيتها، ولا تمنح لها..فإن جهلت معناها، ومنحت لها بالقانون فحسب، كانت معولاً هدّت به أركان إنسانيّتها، وما يثبّت كيانها وأسرتها..وحرّيتي تقف عند الحدّ الّذي لا أسيء فيه للآخر، بما في ذلك الزّوج ..فالحياة عبارة عن عقد شراكة أخلاقيّ، ومادّي بين الذّكر والأنثى..وقد كتبت في ذلك مقالاً في إحدى المجلّات التّربويّة.لا تكتمل الحياة إلاّ بالاختلاف، واحترامه، والتّسامح مع المختلفين عنك، ولن تقوم دولة متحضّرة في بلادنا العربيّة، ما لم تقم التّعدّديّة الحزبيّة والسّياسيّة فعلاً، وليس شعاراً، وما لم تَغِبْ عنّا عقليّة الحاكم الأوحد، الّذي يضيء على كلّ شيء..فالفرديّة والوصاية على عقول النّاس، عبوديّة قاتلة.
@ماذا يمثل الرجل في حياتك كسيدة، وماذا يهمك به؟؟؟ ومتى يسقط الرجل من عينيك، فلا تأبهين به؟؟؟
يقول مثل فرنسيّ:بالعربيّة:أن نتحابَّ هو أن ينظر كلانا في نفس الاتّجاه...هذا بالنّسبة إلى الزّوج، كليهما ليبنيا حياتهما بشكل سليم..والّذي أهتمّ به في الرّجل هو تحضّره، وكياسته، وثقافته، وتخلّصه من مكبّلات العقل، وتفهّمه لمن يتعامل معه، ومساعدته له في كلّ الأحوال..ولا شأن لأيّ رجل أو امرأة عندي، إذا كانت المبادئ عندهما مجرّد شعارات للتّباهي بها، في المحافل..قلتُ في شيء من هذا:
وقد نظرتُ في عينيك، فما رأيتُ فيهما الحلمَ ولا القمرْ، ولا شعاعَ شوقٍ إلى السّفرْ، فما ندمت أنّي تركتك لظلمة عينيك، وسافرت وحدي، أجوب البحارَ دونكْ.
@هل تؤمنين سيدتي بعلاقات الصداقة والحب بين الجنسين؟؟؟؟؟؟؟؟؟
علاقات الصّداقة، حقيقة وواقع بين الجنسين، فلي صداقات راقية، ربطتني بأشخاص طيلة مسيرتي في الحياة، منذ سنيّ الدّراسة في الجامعة، وسنوات العمل..وقد تتطوّر علاقات الصّداقة إلى حبّ، ينتهي إلى الزّواج، وهذا حصل ويحصل في كثير من الأحيان، ونجح لدى البعض، وفشلت التّجربة لبعض قليل. هذه قصية من أشعاري بعنوان:حلم الرّوح
أيّتها الرّوح ..يا حالمة بالاتّساع، اكسري هذا الضّيقْ، افتحي مسالك السّماءْ، ابسطي الجناحين النّابتين في الضّلوع، في ذاك المدى الرّحيب لهذا الفضاءْ، طيري بين سواري اللّه بلا حدودْ..إنّ هذا الجسد الكسيرَ قتيلُ الانحسارْ، فمدّي له جسور الطّيرانْ، كيْ طير مع حلمك بالاتّساعْ، دَعِيهِ يشقَّ الغمامَ ويُنزِلِ المطرْ، دَعِيهِ يملأْ جوانحَه من نسائم الصّبا، وحفناتٍ من النّجوم في راحتيْه...والملاءاتْ.
@ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة، ؟؟؟ ولمن قرأت من الكتاب والأدباء، وهل لديك مؤلفات منشورة او مطبوعة ؟؟؟ ما هي بداياتك بالكتابة، هل بدأت الكتابة فوراً أم كنت تكتبين عن كل شيءْ؟؟؟ وهل أنت عاشقة للكتابة بشكل عام؟؟؟
القراءة متعة وفائدة...متعة بها تسكن النّفس، وتطرب القلوب، وتجنّح العقول، وهي فائدة، إذ بها تتّسع المعارف، وتُثري، وتُصقل المهارات، وتنفتح العيون والبصائر، على الفنّ والجمال، وربّ نصّ يكون لقاحاً في روحي لميلاد نصوص..قلت في ذلك:
هطل القصيد:
كما تحمى البويضاتُ في كلّ دورةٍ، في الرّحم..كماءِ عينٍ، في الجبل، يلامس صقيلَ حجرةٍ ساخنة، كما لقاح زهرْ تنقله هبّةُ نسيمٍ في الرّبيعْ، يندلق الشّعرْ من الصَّدرْ، كلّما لثمَ القصيدُ القصيدْ...أقرأ للكثيرين وباللّغتين العربيّة والفرنسيّة قديماً وحديثاً..لا أستثني مرحلة من تاريخ الأدب عموماً، وأعتبر أنّي وما أكتب، خلاصة للجميع..فمن كلّ ما قرأت، بقيَ في روحي شيء منه، من امرؤ ألقيس إلى شعراء وأدباء القرون الّتي تلت من الأوّل والثاني والثّالث والرّابع والخامس في الأندلس، إلى أدباء القرون المتأخّرة...ومن الأدب الأوربي من القرن السادس عشر، إلى القرن العشرين...لي من المنشور ديوان بعنوان "مواكب ضوء" وكتاب " ماء البحر لا يخلو من ملح" وهو ترجمة من العربيّة إلى الفرنسيّة لكاتب سعوديّ هو علي البطران..ولي مقالات ومحاضرات ومقدّمات كتب منشورة..وفي الطّريق إلى الطّبع " ديوان قصائد شاردة" وكتاب "مسارج البوح والحنين...في الشّعر كتاباتي وجدانيّة، وطنيّة...تتطلّع إلى الذّات الإنسانيّة الحالمة بوطن ومستقرّ أفضل..أمّا في النّثر، فهي قصصيّة فنّيّة، ونقديّة تحليليّة..
@ما هي الموضوعات التي تتطرقين إليها بكتاباتك بشكل عام ؟؟؟ وهل للسياسة والمرأة مجال في كتاباتك ؟؟؟؟هل تعتقدين في وجود كتابات نسائية وأخرى ذكورية، وهل هناك فرق بينهما؟؟؟من هم في رأيك أهم الكاتبات والشاعرات والأديبات التي تقرئين لهنّ خاصة التونسيات منهنّ؟؟
الكتابة عندي هي وليدة نبض القلب، وحركة الفكر، في تفاعلهما مع الوجود عموماً، وحركات العالم الخارجي لذات الكاتب..وما نكتبه عموماً، هو ظلّ ذلك التّفاعل، بين إحساسنا وحركة عقولنا في حالات وأوقات معيّنة، لذلك، "ملاك" الكتابة بقضي عليّ أن أكتب في كلّ ما يمسّني، ويمسّ الإنسان، فأنا لي تصوّر مختلف للمرأة الحرّة المتحضّرة، فأرسم لها تلك الصّورة الّتي ترضي كبرياء المرأة الإنسان، في قصائد مثل ""توسّلات إلى أريان" و"عبلة القديمة" و"عبلة الجديدة" ولي في كتابي صورة للمرأة المحِبّة...ولي قصائد في الوطن الحاضر، والوطن المنشود، والوطن عندي أكبر من كلّ كلام وبيان..ويشغلني في كتاباتي عموماً هذا الفكر الجامد، المستكين إلى شعارات وقوالب جاهزة، في كلّ المواضيع..من المفروض، أنّ الإبداع عمل إنسانيّ في المطلق، وليس حكراً على الرّجل وحده، ولا على المرأة وحدها، لكنّ بنية الأبويّة للمجتمعات، قامت على تقسيم، جعل تفرّغ الرّجل المبدع للكتابة أيسر منه على المرأة، فكان الإنتاج الذّكوري أوفر، وأعمق هيمنة، وأكثر انتشاراً..وهذا لا يتعلّق بالمرأة العربيّة وحدها، وإنّما هذه الظّاهرة موجودة في كلّ المجتمعات عبر العصور.. وذلك جعل الإبداع الذّكوريّ يختصّ بميزات، والإبداع الأنثويّ يختصّ بأخرى..وعموماً، الإبداع الجميل يفرض نفسه على من يدرك قيمته..الحمد لله في تونس، ظهرت شاعرات كثيرات، يخطون بثبات نحو التّميّز الرّهيب..وأنا أقرأ للكثيرات والكثيرين من أبناء بلدي وغير بلدي.
@ كيف تتمخض كتابة القصيدة لديك؟ وكم تأخذ من الوقت معك، وهل تعكس القصيدة الحالة التي تمر بها؟؟؟؟
القصيدة ومضةٌ تضيء الضّلوع، فيفور لها الدّم في الشّرايين كلّها، ويدقّ لها القلب في حالة وساعة، فتأخذ القلم وترسم به، ذاك الفيض الغامر على الورق، فتقرؤه وتسويّه حتّى ترضى عنه، ويسهل عليك التّنفّس براحة بعدها، فتنشره للنّاس عسى يشاركونك إدراك الرّسالة الإبداعيّة اللّي رمتَها.. هكذا يكون مولد القصيدة.
@ هل تعتقدين أنّ دور القصيدة وأهمّيتها تراجع كثيراً عما كانت عليه في العهود الماضية، وما هو السبب في رأيك؟؟؟
الشّعر في القديم كان صناعة، كان حرفة، أي مورد رزق لأصحابه (يقول المتنبّي للأمير سيف الدّولة الحمداني: أجزْنِي إذا أُنشِدْتَ شعرًا فإنّما بشعري أتاك المادِحون مُردّدا) .وكان المدح والهجاء يؤدّيان تقريباً نفس وسائل الإعلام، في التّأثير على الرّأي العام، لذلك كان لكلّ أمر مجلسه وشعراؤه وكتّابه.. وكان له دور خلال الحركات الوطنيّة ضدّ المستعمر..وقد تغيّر الأمر اليومَ، وتغيّر دوره، واستقلّت المنتديات الشّعريّة، ولم يعد للشّعر تلك الأهميّة الكبيرة، إلاّ عند أهله وعشّاقه، وأهل الاختصاص والبحث..ورغم هذا، يبقى الشّاعر محطّ أنظار الحكّام في شرقنا ومغربنا، خشية أن يقول شيئاً لا يرضونه ويؤثّر في النّاس.
@ كيف تنظرين للبعض ممن يقومون بسرقة أشعار وكتابات الغير، ونسبتها إليهم بدون وجه حق، وكيف تريْن وجوب التعامل معهم؟؟؟
في الحقيقة، هذا يحدث كثيراً في أيّامنا هذه، دون حياء، وخاصّة على الشّبكة العنكبوتيّة..والسّرقة الأدبيّة عندي لا تختلف في شيء عن السّرقة المادّية، وأقول رغم ما تحدثه السّرقة من ألم في النّفوس، هذا المثل التّونسيّ:ما يبقى في ألواد كان حجرو. هذه قصيدة من أشعاري بعنوان: " حلم لا يترجّل"
لا تغفُ أيّها الحلم في سمائي، ولا تَدَعْ نجومك تغادرْ مُلاءةَ أمّي ومُلاءتي، انزل أيّها السّاكن في محاجري، خذ وطني في كفّك المخضّبة بالحنّاء..أو ترجّل معنا في دروبنا وقُدنا ، نحن العمشانَ..لا يعرفنا الله، ولا يعرفنا مطلع الشّمس، بدونكْ، بلا نجومكْ.. أيّها الحلم لا تغفُ، يتشقَّقْ سربال المُزْنَة البعيدة، وينزلْ فوق أرضي ماؤها، فيروي طينها ويرتق تجاعيدها..ترجّلْ، فنحن نشيدك، ونحن المترجّلون في طرق المدن الآتية.
@ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، لذا لا تحاول إصلاحها، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبيخ???
الثّقافة الذّكوريّة منتشرة في مجتمعاتنا العربيّة بتفاوت، وحدّتها تتضاءل أكثر في تونس، ورغم ذلك، تبقى منها ترسّبات في أذهان فئات من المجتمع، رغم مظاهر التّحرّر منها..فيكفي أن أذكر أنّ المرأة المثقّفة العاملة في تونس، تثقل كاهلها مسؤوليّات كثيرة داخل البيت، وخارجه، وفي كثير من الأحيان، يستقيل الرّجل من مهامّ أخرى، كان يؤدّيها خارج البيت، وفوّض أمرها لزوجته، عوض ان يشتركا أو يتقاسما المسؤوليّة فيها..بل إن المرأة ذاتها، قابلة لذلك الوضع..واعتبار المرأة كائنا بشريّا ناقصاً، مفهوم غير مقبول، والمرأة التّونسيّة سافرة، كانت أو متديّنة ومتحجّبة لا تعاني من هذا المفهوم.. فلا هي من ضلع (ولم يرد في القرآن الكريم هذا المعنى لا لفظا ولا تلميحا:..الّذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها... صدق الله العظيم)..
@ هل أنت مع ظاهرة الصداقة، والحب، والزواج، عبر صفحات، التواصل الاجتماعي؟؟؟وهل تعتقدين أن الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان؟؟؟
الشّبكة العنكبوتيّة والفيسبوك خاصّة، وفّر لي علاقات صداقة راقية، على أفضل مستوى، بفضل تبادل الآراء والأفكار، منها ما تطوّر إلى تواصل حقيقيّ، على أرض الواقع..وهذا يجعلني أعتبر أنّ الفضاء الافتراضيّ، نعمة إذا ما عرف مستعمله كيف يفيد منه، لا أن يملأ فراغه بالتّرّهات...ولكنّي بصراحة، لا أومن بظاهرة الحبّ والزّواج عير تلك الصّفحات، إذ كثيراً ما أوقعت الكثيرين في مشاكل لا حدّ لها.
@هل لك سيّدتي أن تقولي لنا نبذة عن ما يحدث اليوم في تونس الشقيقة، وأين تتجه الأحداث بها ؟؟ وهل أنت مع حكم الإسلاميين التكفيريين، والإخوان المسلمين والقاعدة لحكم تونس، وإقامة حكم إسلامي بمفهومهم الخاص؟؟؟؟؟
تونس بلدي، عاشت ثورة حقيقيّة، عشناها لحظة بلحظة، كان الشّعب متهيّئاً لها لطرد الظّالمين، فأطاحت برأسهم، ولم تتمكّن من أتباعه، وشأن كلّ ثورة، عرف أباطرة الظّلم ومؤسّساتهم، كيف يحمون أنفسهم، بتهريب البعض، وإتلاف ملفّاتهم المشينة..وتونس رغم ما حدث فيها تبقى متّجهة نحو الأفضل إن شاء الله، وهو الانتقال الدّيمقراطيّ، واحترام الإرادة الشّعبيّة إلى حدّ ما..وطبعاً أنا ضدّ حكم الإسلامييّن التكفيريّين والقاعدة، وضدّ كلّ متطرّف استئصالي يميناً ويساراً...وأحترم الإرادة الشّعبيّة، والتّداول على السّلطة، ومن يريد أن يحكم البلد، عليه بإقناع النّاس ببرنامجه..وأكره الوصاية على عقول النّاس.. ومن يفشل في النّجاح في الوصول إلى الحكم، عليه أن ينقد ذاته، ويستعدّ لجولة قادمة، لا ان يفسد على من نجح.
@ هل تعتقدين سيدتي أن ما حدث ويحدث في كل من تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن والعراق هو ربيع عربي؟؟ أم خريف عربي؟؟ أرجو التعبير عن وجهة نظرك؟؟؟
عفواً سيّدي، اسمح لي بالقول إنّ تونس، هذا البلد الصّغير في شمال إفريقيا، يتميّز منذ القدم، بخصائص اجتماعيّة مختلفة عن البلدان الشّقيقة المجاورة، أو في الشّرق، وقد دوّن الرّحّالة ذلك في كتبهم، ومنهم التّيجاني الّذي سجّل في القرن الخامس الهجري، مادحاً القيروان، علماً واقتصاداً وسلماً أهليّة فقال:"والمذاهب فيها في ألفة عجيبة"، لذلك، فمسيرة الثّورة في تونس مختلفة، وليست دمويّة، رغم كلّ التّشويه الإعلاميّ والسّياسي، وبعض النّخب من ذوي المصالح في الدّيكتاتوريّة...وأنا متفائلة إن شاء الله، أنّ تونس، ستسير نحو ربيع بخطى متّزنة..وأحفظ اللّهم كلّ بلادنا العربيّة.
@ما هي أهم التجارب التي اكتسبتها سيدتي من الحياة، أثناء حياتك العملية؟؟؟
علّمني عملي الّذي عشقته كبقية التّواصل مع النّاس عموماً، والشّباب خصوصاً، وفنّ الاستماع للغير لفهمهم، ودقّة التّعبير والتّلطّف فيه، لإبلاغ رأيي..عرفت أنّ التّعلّم في نفس المدارس، والجلوس إلى نفس الأساتذة، لا يصنع منّا أناساً يفكّرون بنفس الطّريقة..عرفت أنّ التّعليم مثلاً، ليس حشو أدمغة، وإنّما تعليم التّلاميذ، كيف يعملون عقولهم هو الأهمّ.. والعمل عموماً، هو فرض وتحقيق للذّات في الوجود.
@ما هي أهم طموحات وأحلام السيدة عائشة ألخضراوي التي تتمنىّ أن تحقّقها؟؟؟
أرجو أن يتحقّق حلمي في وطني أوّلاً.. وفي أبنائي الثّلاثة، وأن تتهيّا لي فرص القراءة والكتابة دائماً، والالتقاء بأفضل المبدعين في دروب الأدب الجميل المضيء.. وأرجو لك سيّدي الدكتور أحمد محمود القاسم كلّ الألق، وكلّ التّوفيق، في نهجك الّذي اخترت، والصّحّة والعافية.

إنتهى موضوع:لقاء وحوار
مع الشاعرة التونسية عائشة الخضراوي شيبل