حوارنا اليوم عطر برائحة ارز لبنان الشامخ بشموخ جبالها واهلها ، مع شاعرة بدايتها قديمة مع الشعر وقد رافقت الحركات الثورية فكان لها نصيب من صقل موهبة القراءة لديها التي انحصرت في أيامنا هذه تحت عنوان (الضرورة) وفقد الكتاب عشَّاقه وكتبت الشعر ، بنت الارز التي عاشت في الولايات المتحدة الامريكية وقد طالت غيابها عن الوطن ، تقول "القصيدة بالنسبة لي هي كما الروح للجسد صنوان قد يتفقان ويختلفان ويتعارضان ولا ينكسر أي منَّا بل يزيد الوجع من تماسكنا واستمراريتنا بمعنًى أخر هي أنا".
دعونا نخوض في مكنونات هذا الحوار الشيق مع الشاعرة اللبنانية ناهدة الحلبي وحوار خاص اجراه موسى الشيخاني معها.

1- في البدء من هي الشاعرة ناهدة الحلبي؟
ناهدة الحلبي من مواليد بيروت – لبنان حاصلة على دبلوم في السياسة والإقتصاد والأهم أني اهوى كتابة الشعر.

2- هل للمكان الذي تعشين فيه سببا في الابداع وكتابة الشعر ؟
لقد عشت في الولايات المتحدة الأميركية وقد طالت غيبتي عن الوطن فأقام الحنين لنفسه شوقًا لم يبدِّده عودتي إليه فقد صرنا جميعا وفي معظم بلداننا العربية غرباء عن أوطاننا بفعل الأحداث الأليمة التي تحيط بنا من كلِّ جانب والتي عرَّت البعض من إنسانيتهم فطالت البشر قبل الحجر. لذا فالوجع المرافق للروح يقضُّ مضجعها هو اليوم وطني الصغير الذي اكتب عنه وامتي التي تحرقني همومها حتى الغزل في قصائدي وقع في أتون الشوق الذي يفيض ويحرق من حوله.

3- الشاعرة ناهدة الحلبي متى كانت بدايتك مع الشعر؟
بدايتي قديمة مع الشعر وقد رافقت الحركات الثورية فكان لي نصيب من صقل موهبة القراءة التي انحصرت في أيامنا هذه تحت عنوان (الضرورة) وفقد الكتاب عشَّاقه وكتبت الشعر عن الحب أبقيته على عيبه من ناحية النحو والعروض فقلت فيه :أحبُّكَ فوقَ حدودِ الخيالِ...ووسعَ التمنِّي وبُعدَ المنال...أحبُّهُ صوتكَ يعدو ببالي...وأبدو به كأنِّي لا أبالي...أحبُّكَ دون تمنٍّ لِلُقيا ....ففي البعدِ شوقٌ برهن الوِصالِ...تضيعُ بفيءِ حياتي دروبٌ ويبقى جوابي بعُمقِ السؤالِ.

4- تخصصك العلمي هل كان سببا في كتابة الشعر ؟
ما أبعد تخصُّصي العلمي عن الشعر فقد شملت دراستي السياسة والاقتصاد وإلى جانبها شهادات في إدارة الأموال لكني ومنذ صغري قارئة جيِّدة وقد كان لي في العروض دراسة أكاديمية كانت بقرار مني حين أردت إتقان الشعر وقد أدمنت العصر الجاهلي والعباسي بشكل خاص ما شكَّل دافعا قويَّا لكسر رهبة الحروف والبحور رغم أنه جُلَّ من لا يخطئ

5- حدثينا عن التحليل الأدبي وهل خضعت دواوينك للنقد ، وماهو النقد بنظرك؟
لقد تناوله في لبنان كتاب اسمه "قامات أنثوية" لعشرين اديبة وشاعرة وقد أرسلت كتابي لعدة نقَّاد بناءً على طلبهم وآمل ان أقرأ نقدًا حقيقيا يدفعني الى الأمام فالنقدُ يرفعُ من شأنِ الشاعر والأديب . أما بالنسبة لرأيي في النقد فهو كما أكرره في كل مقابلة أني أوافق الدكتور جميل حمداوي في قوله "النقد عملية وصفية تبدأ بعد عملية الإبداع مباشرة ، وتستهدف قراءة الأثر الأدبي ومقاربته قصد تبيان مواطن الجودة و الرداءة. ويسمى الذي يمارس وظيفة مدارسة الإبداع ومحاكمته الناقد ؛لأنه يكشف ماهو صحيح وأصيل في النص الأدبي ويميزه عما هو زائف ومصطنع. لكن في مرحلة مابعد البنيوية و مع التصور السيميوطيقي وجمالية التقبل، استبعد مصطلح الناقد وصار مجرد قارئ يقارب الحقيقة النصية ويعيد إنتاج النص وبناءه من جديد . وتسمى مهمة الناقد بالنقد وغالبا ما يرتبط هذا الأخير بالوصف والتفسير والتأويل والكشف والتحليل والتقويم"

6- القصيدة ماذا تمثل لديك ؟؟
القصيدة بالنسبة لي هي كما الروح للجسد صنوان قد يتفقان ويختلفان ويتعارضان ولا ينكسر أي منَّا بل يزيد الوجع من تماسكنا واستمراريتنا بمعنًى أخر هي أنا.

7- حدثينا عن الأفق الأبداعي لديك…!!
لا يمكنني الحديث عن الافق الابداعي لدي وانا التي تكتب الشعر فقط فهذه مهمة النقَّاد والأدباء والمتذوق للشعر خاصَّة بظلِّ تراجع قراءته واستسهال لغته .

8- حدثينا عن دواوينك الشعرية واعمالك؟ وعن أخر إصدار لك وماذا احتوت دواوينك ونماذج منها ؟
ديواني الأول كان بعنوان "خوابي الروح" وقد صدر عن دار الفرات عام 2014 وديواني الثاني الصادر حديثا عن دار الفارابي وهو يتضمن قصائد عمودية تتحدَّث بمعظمها عن الحب بكافة بجماليته ورقيِّه والذي سيتم توقيعه إن شاء الله في معرض الكتاب في لبنان ويضمُّ القصيدة التالية: ما الحبُّ أتعرفون ؟
______________
عِشْقٌ لِعَيْنَيْكَ في الأَحْداقِ مَلْجَؤُهُ
فَالحُبُّ ما سُمْتَنِي الأَوْجاعَ أَهْنَؤُهُ
إنِّي خَلَعْتُ عَلى الأَشْواقِ حِلْيَتَها
كَالثَّغْرِ مِنْ قُبْلَةٍ يَحْلُو تَفَيُّؤُهُ
ما العِشْقُ يَسْأَلُ، وَالأَمْواهُ تَقْذِفُنِي
حَيْثُ الهَوى شَغَفٌ في القَلْبِ مَنْشَؤُهُ
مِسْكٌ لِناشِقِهِ؟ أَمْ سُقْمُهُ حُرَقٌ
أَمْ عَصْفُ رِيحٍ وشُهْبٌ لاتَ نُطْفِئُهُ؟
لِلَّهِ مِنْ رَجُلٍ ناءَتْ جَوارِحُهُ
عَنْ خافِقٍ وَلِهٍ يَدْنو فَيَدْرَؤُهُ
أقْرَأْتُ شِعْري لِمُضْنِي القَلْبِ عَلَّ بِهِ
تَزْهو الحُرُوفُ فَإذْ بِالحَرْفِ يَقْرَؤُهُ
أَصْبو إِلَيْهِ، فَفي التِّرْياقِ عافِيَةٌ
كَالنَّحْلِ مِنْهُ عُسَيْلُ الشَّهْدِ نَمْلَؤُهُ
لَوْ مَسَّني الضُرُّ مِنْهُ قُلْتُ ذا بَلَلٌ
أَمْ أَعْتَمَ القَلْبَ أَضْواهُ تَلَأْلؤُهُ
مُسْتَعْذِبًا وَجَعي وَالرُّوحُ ما بَرَحَتْ
بِالسَّيْفِ يَقْطَعُها وَالجُرْحُ يَنْكَؤُهُ
هَبْني حَبيِبي هَوىً مِثْلي نَوافِلُهُ
حَدَّ التَماهِي وَبَذْلُ الرُّوحِ مَوْطِئُهُ
إِنِّي لَأَعْجَبُ ممَّنْ عَبَّ مِنْ مُقَلِي
ما دُمْتَ مِنْ مَدْمَعي الحَرَّاقِ تَعْبَؤُهُ
إمَّا الوُلوعُ بِكُلِّي ضِعْفَ نُدْرَتِهِ
أَوْ في كَثيفِ غِوىً إذْ قَلَّ تُخْطِئُهُ
أَسْنَدْتُ دَهْري إِلى كَفَّيْكَ خائِفَةً
فالبَذْلُ ما عادَ طَبْعي بَلْ تَوَكُّؤُهُ
أَسْرَفْتَ في العِشْقِ تَسْتَسْقي الغَمامَ بِهِ
وَالعِشْقُ فَنُّكَ تُبْقيهِ وَتُرْجِئُهُ
حَنَّ الفُؤَادُ إلى أَحْضانِهِ وَهَفا
فَاسْتَصْرَخَ القَلبَ مَرْساهُ وَمَرْفَؤُهُ
لا تَسْتَظِلَّ بِفَيْئي لَسْتُ راهِبَةً
إنْ خانَ قَيْسٌ فَلَيْلاهُ تُبَرِّئُهُ!!

9- حدثينا عن الجوائز التي كرمت بها عن ابدعاتك ؟
لم أحصل على أية جوائز حتى تاريخه والجائزة الأهم هي توق كل عاشق للشعر لقراءة شعري فهذا برأيي الإنجاز الأهم وإن نال تقديرا فسيسعدني ذلك حتمًا.

10- هل للمرأة حصة في كتاباتك..؟ وماذا يمثل الرجل للأديبة ناهدة الحلبي..؟؟
للمرأة الحصة الأكبر فمن تكتب الشعر امرأة ومن تحب وتفرح وتخدع وتحزن هي أنا وتجدني في كل القصائد ولم استعر امراة من خارج ذاتي لأكتب قصيدةً لكني لم أكسر قلب رجل في شعري بل كشفت عن جراحي وضمَّدت جراحه آلمني فغفرت له بقيَ ملكا صنَعته امرأة فصدَّق نفسه وأمعن في إحراجها هجرًا وحزنًا

11- وماهي قراءاتك وملاحظاتك على ما درج اليوم من الكتابات الشعرية العربية وخصوصا في لبنان؟

قرّائي هم من الوطن العربي بأكمله ويعزُّ عليَّ القول أنَّ عاصمة الثقافة بيروت ووطن الأرز لبنان قد تراجعت فيه الحركة الثقافية إلى أبعد حد وقد اقتحمت اللغات الأجنبية الى ثقافتنا وعوضا عن ان تضيف اليها فبعضنا قد استبدلها بها كما أن ما ذكرته عن عشق الناس للقراءة فهو قد تشاركنا والبلاد العربية في ذلك وان بنسب مختلفة ويبقى لدينا الأمل ان يستعيد هذا الوطن الجميل مكانتة الأدبية في الوطن العربي.

12- قصيدة شعرية للشاعرة وقريبة على قلبها تنشرها من خلال هذا الحوار ؟
سأذكرقصيدة قصيرة بعنوان: قَرَنفُلةٌ أخرى ..وقبلةٌ واحدة
____________________
سَكَنَتْ بِوَردِ الخدِّ نفحةُ عنبرِ
عبَقِ الأزاهرِ مِن أغَرٍّ أخضرِ
زَهْرُ القَرَنفُلِ لو أقامَ بِثغْرهِ
أزهى شِفاهيَ بالعقيقِ الأحمرِ
عِنْبِيَّةٌ تحْلو فَمُرُّ مَذاقِها
خمرٌ يؤجِّجُهُ ارتِشافُ السُكَّرِ
أشْهَرتُ طرفَ العينِ في أحداقهِ
فاغترَّ من قمرٍ وليلٍ مُسْهرِ
قَرَأَتْ عليَّ بنظرةٍ أجفانهُ
آياتِ نورٍ من بهاءِ الكوثر
فشقَقْتُ بالوجهِ الأغرِّ دِجِنَّةً
ومخَرْتُ بالقُبُلاتِ موجَ الأبحُرِ

13-كلمة أخيرة .. للشاعرة ناهدة الحلبي.
اشكرك استاذ موسى الشيخاني الرئيس التنفيذي لمؤسسة عرار ولكافة اقسامها التي هي منبر اعلامي ثقافي عربي واتمنى لكم مزيدا من التقدم والأزدهار.