|
عرار:
إنّ موضوعاتٍ مثل (العقل والعاطفة) أو (الدّين والدنيا) قد لا تكون جديدة على القارئ. ولكن هذه الموضوعات من النوع الذي يتجَدّد ويحتاج إلى إعادةِ نَظرٍ، فالتوازن في شخصية الإنسان مِنَ العوامل المساعدة على الفاعِليّة المطلوبة، وإنّ الخللَ في مثلِ هذه الأمور يَطيشُ بالميزان لِغَيْرِ صالحِ الإنسان. فالإنسان يُحبُّ مألوفاتِهِ، ويميلُ إلى صِيَغٍ يَرتاحُ لها، وعاداتٍ لا يُحِبُّ تغييرها، ولا يُتْعِبُ نفسَهُ في التّفكيرِ بغِيْرها، ويتقبّل بسهولةٍ الآراءَ الصَّادرة عن أشخاصٍ هُم مَوضعُ ثقتهِ. فالتقليد – كما يقول ابن خلدون – عريقٌ في الإنسان، وقِلّةٌ هم الذين يُناقشون الأفكار السّائدة ليعرفوا صحيحها من زَيْفها، وقِلّةٌ هم الذين لا يرضون بالواقع ويستطيعون تجديد حياتهم أو تجديد مجتمعاتهم. التّجددُ سُنة كونية... عندما يُسيطر الجمود والتقليد، ويغلِبُ على الناس ضَعْفَ الهِمَمِ، يُصبحُ العِلْمُ كُلّه حواشي ومختصرات. فالتجدّد الذي نعنيه يُقابله الجمود والانغلاق، والكسل الذِّهني، سواءً على مستوى الفرد أو الجماعة أو المؤسسات الثقافية. والتجدُّدُ هو: إعادة التحسين المستمر، ليرتفع الإنسان إلى آفاقٍ أعلى في الفهم والتطبيق. والذي لا يملك عقلية التّجدُّد يبقى أسيرًا في الماضي ؛ وكأنّه خَصْمُه ! يخافه ويتوجّس من الخروج منه. إنّ تعقيدَ كيانِ الإنسان العقلي والنّفسي والجِسْمِي؛ يجعل من الضَّروري أن تُبْذَلَ محاولاتٍ للتَّجدُّدِ حتى لا يقع الإنسان في الأحكام الخاطئة. من أين يأتي التجدُّد... يأتي التجدّد من تصحيح طُرقِ التّفكير، ومن إيجادِ المناخِ العِلمي والنفسي الذي يفتح القُدرات، ويُساعد على النُّموّ الطبيعي، وهو المناخ الذي أوجده القرآن عِندَ المسلمين الأوائل. إنّ الشخصيّات الكبيرة تُساعِدُ على التّجدُّدِ أيضًا، هؤلاء الذين يهزّون مُعاصريهم ويدفعونهم دَفعًا للنّظرِ في أحوالهم.إنّ إجلالنا واحترامنا للعلماء السابقين ؛ يجبُ ألا يمنعنا من تجاوزِ أخطائهم. فهناك موضوعاتٍ وإشكاليّاتٍ طُرقَتْ، كانت مناسبة لعصرهم أو حاجةٍ لها، وليس عندنا هذه الإشكاليات اليوم أو قد تكون هناك أوْلوِيّاتٍ قبلها. إنّ التجديد يأتي من روح القلمِ ومن روح المثابرة لكُلّ جديدٍ أصيلٍ مفيد... يأتي التجديد من هِممِ الشباب الطموح لِكُلّ منشودٍ باكِرٍ جميل؛ فتنطلق الروح إليه سعيدةً مُبتهجة ًلطريق جديدٍ مُميّز. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 29-07-2020 11:12 مساء
الزوار: 986 التعليقات: 0
|