أقام ديوان الهريس الثقافي، لقاءه الدوري، يوم الاثنين الماضي، وعبر منصة (زووم)، وبمشاركة كوكبة من رواد الأدب والنقد، من مشرق الوطن العربي ومغربه، وتضمن اللقاء قراءات إبداعية جديدة.
وبدأ اللقاء بمداخلة للناقد والشاعر د. أحمد عبد المنعم عقيلي حول تجربة الشاعر نايف الهريس والشاعر د. أكرم جميل قنبس، قال فيها: «يصوغ الشاعر نايف الهريس شعره بريشة فنان مبدع، مداده فيه لواعج الروح والوجدان، برؤية متنوعة، فنراه يلامس قضايا إنسانية واجتماعية ووجدانية ووطنية، فتغدو لديه لوحات بديعة..، ومع أن بدايات الشاعر جاءت متأخرة إلا أن بذرة الشعرية في روحه الحالمة سرعان ما نمت وتألقت وأينع نبتها».
وأضاف د. عقيلي: إن تناول قصائد الشاعر الهريس على المستويين الأفقي والعمودي يشير إلى قضايا متعددة لعل من أبرزها: سالمة اللغة وعمق الألفاظ ومتانة التراكيب وتماسكها، مناسبتها للمضامين مع الاعتراف بصعوبة بعض الألفاظ التي تحتاج ثقافة عالية لدى المتلقي للوصول إلى كنهها، وعلى الجانب الآخر جانب الإيقاع والموسيقى، نلمس حسن اختيار الجرس المناسب للنص الشعري على صعيد الموسيقا الداخلية والخارجية، إضافة إلى إيقاع الحرف ذاته، واختيار حروف الروي والقوافي المناسبة للدفقات الشعرية التي تفوح بها كل قصيدة وفق غايتها وموضوعها».
وحول تجربة الشاعر الدكتور أكرم جميل قنبس قال د. عقيلي: يعد د. قنبس واحدا من جهابذة اللغة العربية وحماتها، شاعر يفلسف مضامينها ودلالالتها، غزير النتاج مبدع الحرف، إنه أكاديمي ومفكر وقامة سامية من قامات الفكر والأدب والحياة. إنه نموذج للشاعر المبدع الذي يمتح من نبع دافق لا يجف، وللمفكر الموسوعي المثقف، والأديب البارع والمبدع.
وحول أبرز السمات الفنية لدى الشاعر قنبس في مقطعاته الشعرية التي اعتاد كتابتها كل صباح منذ سنوات قال د. عقيلي: الوحدة الفكرية: حيث تركزت مقطعاته الشعرية في محور واحد وجداني، فكري، وطني، فكري، وهكذا. الارتجال الإبداعي: يشعر القارئ أن هذه المقطعات وليدة اللحظة الإبداعية الانفعالية للشاعر ومن دون تحضير مسبق، فهو إبداع لحظي، وهذي خاصية مهمة من خصائص الشعراء المبدعين. الحكمة وفلسفة الشعر: حيث تتسم بعمقها الفلسفي الذي يمتح من تجارب الحياة وخبرات الفكر الإنساني، وهو الأمر الذي يجعل هذه المقطعات لدى الشاعر متميزة وذات أثر عميق في نفس المتلقي. الصدق الفني والجمال الروحي.
تاليا كانت القراءة الأولى للشاعر الدكتور أكرم جيل قنبس، والذي قرأ مقطوعة شعرية قصيرة، وقصيدة «شعور بين لحظتين»، قال فيها: «خذي ما شئت من عمري فإني/ صبور كي أنال قطوف وردكْ/ ولا تتجاهلي حلمي فروحي/ تشمّ بمقلتيك عبير وصلكْ/ رحلتُ إليك من شوق فكانت/ مودتنا تغرد فوق دوحكْ/ لقد فتنت رؤاك القلب حتى/ غدا كالنور في أطياف سحركْ».
القراءة التالية كانت للشاعر نايف الهريس الذي قرأ قصيدة بعنوان «أكواب نشعتي»، وفيها يقول: «رمت سهمها كي أفتح البابا/ وفيها تراءى الحسن جذابا/ وديمومة العشاق تسألني/ إذا كان عودي مال أو رابا/ فقلت: الهوى طير على فنني/ إذا قال: غرد، صرت زريابا/ وجوالها يروي مسامعها/ بأنغام شدو العشق إطرابا..».
وقرأ الشاعر الدكتور عادل جودة بعنوان «يَـا رَسُولَ الله»، وفيها يقول: « يَـا نَــبِـــيَّ اللَّـــهِ عُـــذْرَا/ قَــدْ فَـقَـدْنَـا الْـيَـوْمَ أَمْـــرَا/ مَـا سَـهَوْنَـا أَوْ نَـــسِينَـا/ إِذْ سَـــبَرْنَـا الْـغَـــيَّ سَــبْرَا/ بَــلْ عِـــنَـادًا ارْتَـمَـــيْـنَـا/ فِـــي عُـيُـونِ الْـفِسْـقِ زُمْرا/ قَـدْ خَسِرْنَـا مِنْـكَ هَـدْيًـا/ لَــمْ نَـصُنْ لِـلـْجَـارِ قَــــدْرَا/ وَانْـكَــفَـى مِــنَّـا الْـمُــرَبِّــي/ فَـانْــزَوَى الـتَّـعْـلِـيـمُ غَــدْرَا/ لَسْـتُ أَدْرِي كَـيْـفَ تُهْنَـا/ كَـيْـفَ صَـارَ الْعَـارُ طُهْرَا/ لَـسْـتُ أَدْرِي كَـيْـفَ بِتْنَـا/ لَـمْ نُــقِمْ لِـلْـحَـــقِّ ذِكْــــرَا..».
أما الشاعر شفيق العطاونة فقرأ قصيدة بعنوان «أشجان على ناي القصيد»، وفيها يقول: «لأنّنا -حُرّيَّتي- أغرارُ/ وبينَنا الشُّطآنُ والأنهارُ/ لأنّنا والمستحيلُ توأمٌ/ من رِبْقِهِ تُستخْلَصُ الأعذارُ/ لأنّنا والوهمُ يُذكي نارَهُ/ أعجازُ نخلٍ يعتليها العارُ/ نَستجلِبُ السُّقيا على رملِ القَذى/ من عذقِ مصلوبٍ سَفَتْهُ النّارُ/ لأنّنا النُّسّاكُ في ثوب الدُّمى/ محرابُنا تَغتالُه الأكدارُ/ من جُبّة «الحَلّاجِ» يسري سُمُّنا/ والغدرُ والإرعادُ والإعصارُ..».
وقرأ الشاعر حسين الجمرة قصيدة قال فيها: «قالت ممازحة طولت في بلدي/ يا لاجئا ليَ بل يا معدم السند/ يا من خسرت لحافا وسط منخفض/ بالجو، حتى غمرت الجسم بالبرد/ دوما أمازحها دوما تمازحني/ مهما تكون ولم أقرب من الحرد/ لكن كلمتها أردت بصاحبها/ ورب قول يبكي القلب للأبد.
وقرأت الأديبة شيرين العشي قصيدة بعنوان «مستعمر ومستهتر»، من كلمات الشاعر نايف الهريس.
وفيا يلي قدم الناقد الدكتور رائد الحاج إضاءات نقدية تأملت جماليات نصوص اللقاء.