|
عرار:
لا يختلف اثنان على أنّ الشاعر اللبناني سعيد عقل من أكثر الشعراء المعاصرين إثارة للجدل. فالشاعر الذي غادر عالمنا عام 2014 عن مئة واثنتين من السنوات، لمّا يزل إلى اليوم حديث القراء والنقاد على السواء. وربما هذا عائد، كما يفسر كتاب «سعيد عقل آخر أمراء الشعر العربي»، من تأليف لامع الحر، إلى صلابة وتعنت في آرائه الوطنية والسياسية، وإلى نظرته المتميزة الى الشعر وإلى من سبقه وعاصرهم من الشعراء والأدباء، وإلى هذا الغلو الفاضح في تمجيد نفسه كشاعر لا يُدانى، ليس على المستوى العربي وحسب إنما على المستوى العالمي أيضا، وكمفكر وفيلسوف له استنباطاته الفكرية والفلسفية. يتوزع الكتاب في قسمين: القسم الأول هو قراءات نقدية لبعض إصدارات الشاعر الراحل، وتحديداً لكتابيه آنذاك «نحتٌ في الضوء» و«شرر» اللذين نُشرا في جريدة النهار البيروتية، ويدرج المؤلف انطباعات مستوحاة مما قاله سعيد عقل في الحفل الذي أقيم تكريماً للأديب اللبناني الراحل راجي الراعي.ويتضمن القسم الثاني حواراً مطولاً مع الشاعر سعيد عقل نُشر على ثلاث حلقات في مجلة الشراع البيروتية. وفي موضع آخر من المقدمة، يقول عنه إنه «شخصية من التاريخ أو كأنه التاريخ مُنبسطا أمامك، بكل ما فيه من آفاق وبكل ما لديه من ماض مفتوح على المستقبل من زاوية إشراقية، قد لا يعثر على تكتكاتها الآخرون». وأراد الكاتب لهذا الحوار أن يكون شاملا، يطال شعره وبعض شعراء الحداثة ومواقفه السياسية والوطنية واهتماماته اليومية، وقد قارب المئة من عمره. يفاخر سعيد عقل بشعره إلى درجة أنه لا يبخل في سؤال نفسه إن كان صحيحا أنه كتب شعراً فيه جمال يندر وجوده في الشعر الأوروبي كله، وتحديدا شعر أثينا وروما وفرنسا. فهؤلاء برأيه أنتجوا شعراً هو الأجمل في العالم. لكنهم لا يعادلون شيئا قياسا بشعره. وعن خلافه مع بعض شعراء النهضة الذين عاصرهم، يوضح عقل أنه كان على خلاف مع إلياس أبو شبكة الذي أمضى حياته يكتب ضده، على حد زعمه، لكن هذا لم يمنعه من المشاركة في الحفل التكريمي الذي أقيم له. ولا يُخفي حبه للشاعر القروي سليم رشيد الخوري الذي رأى شعره حلواً، لكنه ليس بالقوة التي يتمناها. وكذا رأيه بالمتنبي إذ يعترف بأنه شاعر كبير «لكن يُفترض أن يحكي أكثر مما حكى، ويتعمق أكثر مما تعمّق». ويخلص إلى القول «شعري أنا أعمق من شعر المتنبي». وينقد سعيد عقل مطلع قصيدة زهير بن أبي سلمى: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش /ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم.. معقبا على ذلك بالقول: «هل هذا شعر؟ الذي يعيش ثمانين سنة يسأم، كيف سمحت لنفسك أن تحفظه؟». ويبين رداً على سؤال يقيّم فيه بعض الشعراء، أنه لا يُحب شعر أدونيس وينتقد أسلوبه بالحرتقة على الشعراء. ويُجامل في توصيف كتابات أنسي الحاج وشوقي أبي شقرا وهنري زغيب، فيراها حلوة وناعمة. وتناولت الحلقة الثانية من الحوار مع سعيد عقل «علاقته بالفلسفة والألم وهاجس الموت ومعرفة الله والزمان، ورؤيته في الحب، والكتابة والجمال والنقد والجسد وجائزة نوبل والطفولة.. والنثر وقصيدة النثر». والفلسفة كما يُستشف عنده هي بلوغ أعلى درجات المعرفة باستثناء معرفة الله. لأن معرفة الله هي فوق الفلسفة، باعتبارها معرفة لا يُعلى عليها. ويردف في السياق نفسه، أن من يتعمّق في معرفة الله يتصالح مع الموت، لا يعود يخشاه. ويكرّر سعيد عقل لازمته المعروفة عن المرأة والحب والجمال، مُعلياً شأن الروح كونها شيئاً عظيماً يبقى بعد فناء الجسد. وتنوّعت خاتمة الأسئلة في الحلقة الثانية من الحوار حول قصيدة النثر وكتاباته المسرحية وأعماله التي كتبها بالفرنسية، وحول الحداثة في الأدب والشعر، فيرى أن الحداثة كلمة بشعة جداً، لأن الحداثة عنده تعني «الموضة». ويمجد شكسبير في روميو وجولييت، لأن في هذه المسرحية نبلاً وعظمة، ويحتقر مسرحيته «ماكبث» لأنّ زوجة الملك عشقت أخ زوجها، وقتلت هي وأخ زوجها الملك. وخاتمة الحوار إضاءة على بعض آرائه حول لبنان وتشعبات السياسة المحلية فيه. ورؤيته لمستقبل لبنان السياسي وما يدور في خفايا الكواليس الانتخابية. «المتنبي شاعر كبير لكن يُفترض أن يحكي أكثر مما حكى ويتعمق أكثر.. شعري أنا أعمق من شعر المتنبي» الكتاب: سعيد عقل آخر أمراء الشعر العربي تأليف: لامع الحر الناشر: نلسن- بيروت 2016 الصفحات: 345 صفحة القطع: المتوسط الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 19-02-2017 07:31 مساء
الزوار: 1179 التعليقات: 0
|