|
عرار:
حاول شعراء الحداثة إنشاء خطاب شعري على غير نموذج ، من خلال إحداث جمالي ،مثل عنوان مرحلة تأسيسية إبداعية من مراحل التجريب الفني . يلتزم فيها أصحابها بقواعد شعرية تفارق نظم وطرائق القول الموروثة . ولعل قصيدة النثر أهم مرحلة من مراحل التأسيس لنموذج شعري قادر على استيعاب مشكلات الواقع المعاصر.. إلا أن الرغبة في التجاوز والارتقاء إلى عوالم الفرادة والتميز والرغبة في إحداث رؤية شعرية خاصة ، هاجس العديد من الشعراء والشاعر العراقي الأستاذ فائز الحداد نموذج واضح ندركه في أعماله الشعرية. جره هوس اللغة وعشق الأبجدية إلى إحداث طرائق جديدة في التعامل مع فن الكتابة وفعل الكلام.وذلك بخلق نظام جديد من الأفعال يقوم على طاقات تعبيرية تقطع مع الموجود في إطار إستراتيجية جديدة، لخلق علاقات سياقية مفارقة في نظام اللغة بمستوياتها الصوتية والمعجمية والتركيبية والرمزية المختلفة..ولعل ذلك سبيل إلى أن تتحرك اللغة وتنهض من ركام الذاكرة وفوضى الأشياء لتؤسس كيانها المتفرد وتقدم تشكيلا جديدا للعالم والأشياء . ينفصل عن الواقع ويذهب في اتجاه أفق يبقي على احتمالات القراءة ويحملها إلى تعدد المدلولات التي تظل تنتظر قارئا يحررها من قيدها ويستكنه طاقاتها الخبيئة . وقد ارتبط ذلك بجملة من المواضيع التي ينشئها ، ولعل حضور المرأة من أكثر الموضوعات ارتباطا بشعره . يبعثها في كل مرة من أعماقه . ولكنه ليس كالبعث .. بعث تتغير مصادره بين الواقع والخيال..بين الديني والدنيوي ..و بين المقدس والمدنس ..قد تكون المرأة في هذه القصيدة إحدى مريماته التائهة في عروش المعاني . يحلق بها في سماء غير السماوات ..يدركها بالمغامرة ..بالرحيل بين النهد والنهد ..يرتعش على أديمها ..ويطارد لحظة تاريخ مراوغة تستوطن في ظله التائه بين المدائن.. هي مجدلية الجسد والعشق "الديونيزي" يتجاوز بها وتر النبوءات ، ليطلق العنان للأحلام المنسية والقبل التائهة في ترانيم الرعود ..تضارع آهات السنين ..وتتبتل على عتبات شفاهها ..إنها قصيدة "لك المآذن ..ولي الصراخ" عنوان مراوغ..مشاكس ، يشدنا إليه قسرا يثير فينا انفعالا بين الحيرة واللذة موقعه .. يقوم على جملتين اسميتين تماثلتا على مستوى التركيب من حيث تقدم الخبر على المبتدأ وهو ما يؤكد المعنى فيهما.. يشتركان في التدليل على الملكية وتوزيعها بين المتكلم والمخاطب، وهو خطاب للأنثى يواري في أعطافه الطلب ويختزله و قد ينطوي على النصح والإرشاد مع شيء من الالتماس..لك المآذن..ولي الصراخ ..هنا يضعنا شاعرنا بين ثنائية متضادة تتولد من لفظ "المآذن" وهي جمع لمئذنة وتحيل على صورة البناء العالي الذي هو موضع الآذان أو الصومعة أو المنارة. ويدل على معنى العلو والارتفاع وهذا إنما يحيلنا على معنى ديني مقدس يرتبط بالعبادة والصلاة ولعل ذلك ما يجعل المعشوق معبودا وحبه عبادة وله نساك وعابد في محرابه يصلي، لا يخطئ وجه الله ..ولفظ الصراخ بما يحيل عليه من ضجيج وجلبة وجلجلة وحس ودوي وتأوه وهتاف تجعله لصيقا بكل ما هو مادي لينشد إلى حركة حسية .. ولعلنا ندرك المعنى من خلال ظلاله في المتن الشعري فقد حضر ما يدل على المآذن (منائر الترك ، صلاتي ، وجه الله ، بسجدتين ) والصراخ (أصرخ ، الصراخ) بهذا يضعنا شاعرنا أمام ثنائية المقدس والمدنس ولكن بانصهارهما تتحول إلى صلاة وثنية تتفجر بها شهوة المطلق طاربة للوجود ..ولكنه يستوقفنا هنا إعلان عن صلاة لا كالصلاة عبر آذان ليس كالآذان : و حين أبلغ نابضك عند مستقر اللذة أصرخ : حيا على "خير العمل " وأبطل الآءات ( ....) وتصرخين حيا على الألف حتى ياء الممنوع .. قد يكون صوت الأحلام التي تغفو في الروح..لعلها دعوة للجسد ، لإيقاظ حمى العشق وإطفاء وهج الصبابة في حفل وثني لإضرام أوار الجسد وهو في أقصى التهابه .. لذا جعل القصيدة فراش هوى على أديمها يعانق السحر..المطلق يستهويه و الهاوية تغويه .. إنها وليمة جسد باذخة لعله يحاول فيها أن يغفر لنفسه ما تعفن في زمانه من جذوات .. كلما يرف رمش حبيبتي . ويهفهف .. يسقط مني عمر ونيف ..آآه فكيف سأحتمل هفهفات الدقائق بكل الساعات ؟؟ كيف بكيفااااااات ..تتساءل ؟ لي أن أستحضر التاريخ بلحظتك المراوغة.. كي أكمل المشوار تبدو تخميرة وثنية وبذخ إباحي تتعاظم فيهما الجذوة وتشتعل نارها ويتوهج صهدها .. أحيانا أستحضرك في الملاءة.. وأركض على الوسادة بأهدابي أقتفي جسدا كفحل النمل ، لأفلي مساماتك حتى شعيرات الآس وحين أبلغ نابضك عند مستقر اللذة أصرخ : بهذه التخميرة يفصح الشاعر كل معاني البوح الحسي من الجسد النازف من أديمه ، يوسوس من خلفه صوت إباحي عمري حين يعلن عصيانه ويتمرد على الأعراف: ليتنني أزحف ، وأنزلق على بياض الجسد المهمل.. راعشا بسجدتين ، وأدفأ بين رافديك ، ونهري يتصل بأرضك الخصب ..فنشتعل ودادا بوداد ؟ ستلهبينني كريشة بجنح يحترق ، وآخر كمضرح بالحب وشفتانا .. تخضران بالقبل المنوية .. لعلنا بهذا الخطاب نقف إزاء فكرة تشكلت في لحظة مشاكسة تزحف شيئا فشيئا، يدب دبيبها بالهمس، باللمس و بالآهات..يعشق ليبلغ نشوة اليقين أو يسقط مقدسا. وسيلته في ذلك أنثى ثاوية في الخطاب شكلت التاريخ ونسجت لحظاته..وما يلفت الانتباه في نسيج النص أنها أنثى لا ملامح لها ولا صفات تشكلت بالتمني فهي لا تعدو أن تكون مشروع رغبة ارتبطت بجغرافية جسد هوأرض خصب و كل ما نعرفه عنه لونه : ليتني أزحف ، وأنزلق على بياض الجسد المهمل وهو ما يؤكد البعد الحسي فيه .. وهذا ربما يكون لامرأة مفترضة لم يقابلها إلا في الحلم أو قد تكون حبا وعشقا أصله ثابت في وجدانه وفرعه في شعره وقصائده..لعله حبه الحقيقي والمرأة التي ترعرعت في بواكيره الشعرية وظلت في نمو بين مقدس ومدنس .بين دين ودنيا ..وبين حياة وموت .. أوقدت شعلة الوجد في قلبه ثم اختفت..لتظل الجذوة سنين طويلة مصدر إلهام وتسام تتجلى تحت مسميات كثيرة وتتجسد في صور متنوعة.. ولكن قد نتجاوز هذه النظرة الضيقة لأن هذا الشعر أعظم من ينحصر في الجسد والرغبة..قد نكون أمام رؤية مخالفة لمألوف الغزل .. فلم يعد مجرد غرض شعري يبث لوعة الصبابة وحرقة البين بل هو رمز وصورة يتخفى وراءهما لينفذ إلى معان وجودية أعمق من هذا الظاهر البسيط..ولعل ذلك يرتبط برؤية صاحبنا للشعر الذي يتجاوز كونه مجرد تعبير عن فكرة ظاهرة للعيان..بل كل ما يحيط بالفكرة وما يشكلها تشكيلا تدريجيا يجعلها تكتمل عبر آليات وبنى لغوية وجمالية. والأهم هو كيف يدثرها ويجعلها تلتحف بالرمز ليجعل منها مسكوتا عنه تثير التساؤل والحيرة وتبعث الدهشة . وفي هذا الإطار تتنزل رؤية الحداد للشعر والشعرية وتتحدد في مقام أول باللغة وبمظاهر التصرف فيها عبر إنشاء آفاق جديدة تتحرك فيها وتنشئ علاقات سياقية تخالف المألوف فتنهض من ركام الذاكرة وفوضى الأشياء لتؤسس كيانها وخصوصية ذاتها التي تنبع من خصوصية قولها . وتقدم تشكيلا جديدا للعالم والأشياء . وهذا ما يحيي فعل القراءة ويحمل إلى تعدد المدلولات التي تنتظر قارئا يحررها من قيدها ويستكنه أبعادها الخبيئة ورموزها الثاوية ، لأجل ابتداع نص محايث للنص المبدع ..وهو غاية شاعرنا حين يحيرنا ويحيي فينا عشق السؤال حين نتابع نصوصه ..بهذا قد نحيد عن مسار النص الظاهر لنلج إلى أعماقه وربما إلى ذهن صاحبه لحظة التلفظ.. لقد جاب مراحل التجربة الحسية بكل تفاصيلها ..فهل يمكن أن يكشف ذلك عن عشق القصيدة ؟ وهل الرغبة المتجسدة في الخطاب جموح في اللذة أم في النظم ؟ لعل اللذة البكر هي لذة الشعر في إخصابه وعنفوانه بهذا التجاوز للمألوف وكسر كل الأطواق في سبيل بلوغ مراتب الإبداع والتميز .. لذا فقد تكون الأنثى الرابضة في السياق مجرد وهم. هي ذات في ذات اللغة كيانها..نابت حركاتها عن الأنغام والأوزان.بهذا فمقام الحب شيء ومقام النظم آخر. خطاب الفنان كالغائب وهو المشهود و خطاب الإنسان كالحاضر وهو المفقود ..جليه هو الخفي وخفيه هو الظاهر .. يكلمنا الشاعر من وراء قناع العاشق حتى حسبنا القناع وجها..ولا وجه إلا وجه الشاعر ..ليندمج الخبر في الخطاب والمرأة في القصيدة. إذن فنحن أمام تجربة الجسد-القناع.. وهذا ما يجعلنا نقف على شعرية التخوم والأقاصي في التصوير الفني ينشئها من سديمية المعنى ..فيتخذ من الجسد رمزا وقناعا يحددان علاقته بالواقع والوجود .. قد نكون أمام ظاهرة شعرية تحاول أن تقطع مع الموروث والموجود ، وقد وقفنا في محطات كثيرة من الأدب العربي على تغييب الجسد واعتباره منطقة الممنوع والإحراجات التاريخية وبؤرة المحرمات ..منطلقه تأسيس فكرة العمى الجسدي والاعتزال عن ملذاته وصولا إلى اشتغال الروح في الجسد في هذه التجربة الشعرية مع فائز الحداد..لعله رعد يذيب ما علق بالقصيدة العربية من جمود لذا اختار أن يكون سجدة لإله الأبجدية الساطعة ببيان النظر..بهذا يمر الخطاب من هسهسة اللغة إلى هسهسة الجسد وهو ما يطلب كتابة جديدة بعيدة عن السلطة والمراقبة ..فتغدو بذلك القصيدة برمتها بمثابة الجسد القناعي.. وقدرة الشاعر إنما تكمن في تصريف الفعل الشعري .. وكأنه بذلك يحاول أن يعيد ترتيب التفاعل داخل اللاشعور وحبكه في طابع صوري جديد ، يفجر من خلاله ما علق بالقصيدة العربية من تكرار ورتابة ..بهذا قد يكون الرمز وسيلة الشاعر للتعبير عن مقاصده ولكنه تجاوز مظاهر الترميز المألوفة إلى إحداث أخرى هذا الرمز الأنثوي باعتباره شكلا من أشكال التعبير.. وهو ضرب من الترميز التشخيصي الذي يتمثل في الأخلاق والأفكار. ولعله جوهر القول في قصيدة الحداد . فالأنثى هي ذلك القناع الذي يسربل قضايا على قدر من الأهمية ولعله شكل من أشكال الرمز إذا ما نظرنا إلى القناع كجزء من هذا الرمز..لقد نظر الشاعر إلى الواقع والوجود بمنظار خاص يتوارى وراء صورة ديونيزية ليكشف عن وضع مترهل جعل منه صورة لأوجاع الاستفاقة على التاريخ العاصف والواقع . فلحظة تيه في سماء اللذة تواري نزيف واقع مشتت وجنونه..بهذا فالمرأة والحب والعشق مجرد شماعة يعلق عليهم الشاعر أوجاع الواقع ويكشف ملابساته وهو بالأساس واقع مأزوم بسبب التناحر الديني الذي أكده معجم دال عليه ( منابر، صلاتي، وجه الله، دير..) ويرتبط بمعجم الزمن (التاريخ، عمر ونيف، الدقائق، الساعات، لحظتك المراوغة...) إضافة إلى معجم المكان ( الترك، مدن، ظلي العربي..) بهذا التواشج بين المعاجم ينشئ صورة سريالية ولكن لها بعض ملامح الواقع تبطن تبرما ورفضا فهو واقع حاكت له الحروب جسدا مبتورة أعضاؤه تائها ، يقتفي أثر تاريخ مشتت بالنبوءات كفحل النمل أوصاله .. ويلتبس الواقع الموضوعي بالواقع الذاتي حيث الزفير والنفير..ينفث الآهات من اللاءات التي تستبطن ذاتا تغريها العظمة فتواجه الصغارة لأن سلبيات الحاضر لم تثنه عن عزمه ولم يوهن من عزيمته أو ينال من صلابة روحة .هو روح جامحة إلى المطلق مفتونة بالأبد .. بصره ضارب في أعماق الغيوب ..لقد اعتصم الشاعر بوعيه العميق، فتحرر من مشاعر الاستسلام والانسحاق ليكون صوت الفعل والإرادة: حيا على "خير العمل" وأبطل الآءات لعله صوت نيتشوي يوقظ الإنسان إلى خير العمل ..وخير الفعل .يذكره بفاعليته ويدحض عنه العدم ..هو الخالق لأعماله وبه يتحقق الإخصاب . بذلك ليست حركة الحس وديالكتيك الرغبة إلا رمزا للفعل والخصوبة تعقبه الولادة والتجدد وهذا بين من خلال معجم الخصوبة ( أرضك الخصب .. تخضران بالقبل المنوية .. مطرا )..كما ينبعث صوت آخر هو صوت أبيقوري ، إنه صوت الحكمة الذي يتحقق من خلال رمزية الحروف : وتصرخين حيا على الألف حتى ياء الممنوع .. وكأن المآذن التي أعلن عنها في العنوان هي إيذان وإعلان عن تغليب صوت الفعل والحكمة في ظل هذا الواقع المتردي..بكل ذلك قد نتجاوز مع الشاعر مجرد التعبير عن الواقع باعتباره بوابة يطل من خلاله على عوالم أخرى غير عالمه الذي دأب البعض التقيد بحدوده ..ليرفع مستوى الرمز إلى عالم المطلق ..عالم الحب الموصل إلى المعرفة ..لأنه لما كانت الأنثى في التصورات الصوفية تجسيدا للنفس، ولما كانت معرفة النفس معراجا إلى إدراك معرفة الله. وجب أن تكون معرفة المرأة من خلال الحب المتوهج موصلة إلى الله.ربما ذلك ما يفسر اقتران المرأة بالجسد في هذه القصيدة دون غيرها ، وهذا هو الواصل بين الأنا والوجود وهو نفسه ما يفسر الانفعالات الجنسية في لحظة التعبير عن ذروة العشق ..إنه رمز مبتكر لعله مدفوع بهاجس فكري وجمالي ووجداني موصول كله بحياته .. هنا نلمس صدى لفكر صوفي وسريالي في ذات الحين هما سبيله إلى السمو عن الواقع..وتغييب الوعي. لأن كل من الصوفية والسريالية تصدران عن ذات المنبع وهو "اللاوعي " وهذا إنما يلوح من خلاله إلى حب أكبر من النفس ، يستوعب كل جمال الوجود والعواطف البشرية النقية ليكون مرتقى النفس الناطقة نحو السمو ..وحين يقترن بالقضية يتوحد هذا الحب مع الثورة ويتبادل معها الرموز والإشارات والألفاظ .. لعلها صوفية شعرية ترنو إلى ميتافيزيقا الإبداع تعيد اكتشاف الواقع عبر الرؤيا والحلم الواعي ، في عصر مضطرب لا تكاد تهدأ عاصفة حتى تبدأ أخرى ..هنا قد يحق لنا أن نستعير مقولة "كوجيتو الجسد" قد يكون وظفها الشاعر عن قصد أو عن غير قصد بهذا التوظيف الرمزي ..وهو أن هذا الجسد هو الكفيل للتواصل بين الذات وعوالمها الخارجية ..وهو مجال لقاء الذات بالزمان والمكان بذلك فهي تصل حالة من الوجد والنشوة التي تكشف عن تجلياتها التي تصرخ من الألم وتجيش بالمعاناة من الموروث والواقع المعيش ..وهذا الالتقاء يفجر المكبوت والسري الغائم من اللاوعي تشع منها إنارات الأنوثة ..إن هذا الجسد هو القربان الذي تتمرد به الذات الشاعرة عن كل إرث ..فلم يكن جسدا جنسيا ولا شبقيا ولا طامحا لمغامرة جنونية تتداعى لحظة التفكير بالجسد ..لأن هذا الجسد يطلب الخلاص .. ويطلب التوحد مع الكون والطبيعة ..ينادي بالصفاء والطهر والعطاء والسلام والعمل ..إنه جسد يصرخ تحت وخز الظلم ولكن الشاعر يتحدى الألم باللذة والحرب بالحب..فيغدو جسد الذات مشروعا تنويريا تصرخ من أجله وتعلن الثورة في الحب..والقصيدة ..والوطن.. لكِ المآذن .. ولي الصراخ ..!!؟ الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 01-04-2018 07:45 مساء
الزوار: 1688 التعليقات: 0
|