|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
بقلم سلمان زين الدين ......... ضحى عبد الرؤوف المُل تُمارس «الواعظ» الروائي
عاشقة
الصحراء :
على غِرار ما فَعَلَتْ في «زَند الحجر»، روايتها الأولى، تتّخذ ضحى عبد الرؤوف المُل في «الواعظ»، روايتها الثانية (دار الفارابي)، من البيئة العكّارـ طرابلسية عالَماً مرجعيّاً لروايتها، مع فارق أنّه في هذه الأخيرة، يتّسع الفضاء المكاني، ويطول الامتداد الزماني، مقارنةً بالأولى؛ ففي حين تدور الأحداث في «زَند الحجر» بين عكّار وطرابلس في النصف الثاني من القرن العشرين، يتّسع المكان في «الواعظ» ليشمل ألمانيا، ويمتدّ الزمان ليشمل العقود الستّة الأخيرة من القرن العشرين، والعقدين الأوّلين من القرن الحادي والعشرين. ولعلّ هذا الاتساع والامتداد ما يبرّر ضخامة الرواية التي تقارب الأربعمئة صفحة. المرحلة العكّارية في المرحلة العكّارية، يُشكّل سقوط شقيق عبدو في بئر ساحلي، إثر شجار بينَهما على تفّاحة، وهرب الأخير تاركاً شقيقه لمصيره، البداية النصّية والوقائعية للأحداث، والواقعة التي ستُلازمه طيلة حياته، وتُؤثّر فيه، بشكلٍ أو بآخر. فعبدو ابن الست سنوات الذي تسبّب فيها، من غير قصد، يتوهّم أنّ ثمة من يطارده، ويهرب من المكان الساحلي ليجد نفسه في خربة داود العكّارية، في بيت فريدة، الخادمة التي جاء بها جهاد بك الإقطاعي من الساحل، واتّخذها عشيقة له، فتحضن الولد الهارب، وتعلّمه مهارات ريفية زراعية مختلفة، وتمارس من خلاله أمومة مفقودة. وهو في المقابل، يرتبط بها بعلاقة ملتبسة، هي مزيج من البُنُوّة والاشتهاء، غير أنّ الأولى تطغى على الثاني، فَيُحبّها كأم، ويُخلص لها، ويَحرص على راحتها. وما إن يبلغ الخامسة عشرة من العمر، حتى يضمّه البيك إلى حاشيته، ويكلّفه الإشراف على المنزول والياخور، ويتّخذه مرافقاً له في زياراته إلى طرابلس واللاذقية، ويعهد إليه ببعض الأعمال التجارية، المشروعة وغير المشروعة. المرحلة الطرابلسية في المرحلة الطرابلسية، يتحوّل عبدو إلى رجل أعمال، يستقلّ عن البيك بعد وفاته، ويستمرّ في تعاطي الأعمال التجارية، المشروعة وغير المشروعة، وينخرط في شبكة علاقات متنوّعة ورث بعضها عن البيك، ونسج بعضها الآخر بنفسه، لضرورات العمل. ومن أفراد هذه الشبكة: ليلى البرنسيسة عشيقة البيك، أبو الريش القواد والمناضل، إيلي رجل الأعمال المشبوه، أبو الزيك عامل المرفأ، الخوري جرجس رجل الدين المزيّف، وناديا مساعدة إيلي، وأمّ الزلوف صاحبة الفرن الطيّبة، وماتيلدا الفنانة التشكيلية الألمانية، والمدرّب الألماني الجاسوس. على أنّ علاقات عبدو مع أفراد الشبكة تختلف من فردٍ إلى آخر؛ فهو يحنو على الفقراء من أفرادها، ويمدّ لهم يد المساعدة، ويعتبرهم عائلته الصغيرة، كأمّ الزلوف وبناتها وأبو الزّيك وابنته الصغيرة مارلين التي يتعلّق بها تعلّق أبٍ بابنته. وهو لا يثق بإيلي ومساعدته لاسيّما بعد أن علم بمكيدة يدبّرها له. وهو في علاقته بالبرنسيسة لا يشذّ عن علاقاته بفريدة وخديجة وسحر، يشتهيها ويرفض تلبية رغبتها فيه. وهو يتزوّج من ماتيلدا الألمانية، وإذ يشكّ عبدو بأنشطة المدرّب الألماني المشبوهة ويقوم بالتبليغ عنه، يؤدي القبض عليه إلى تفكيك شبكة تجسّس إسرائيلية، والقبض على بعض أعضائها في ما يتمكّن البعض الآخر من الفرار، الأمر الذي يُعرّضه وعائلته الصغيرة إلى الانتقام، فيتمّ قصف السفينة التي كانت تقلّهم إلى قبرص، في مهمّة تجمع بين التجارة والاستجمام، في عام 1983، ويترتّب على ذلك مقتل معظم أفرادها، وفقدانه رجله وعينه. والمفارقة أنّه بينما كان يحاول إنقاذ أبو الزيك يكتشف أنّه أخوه الذي سقط في البئر، وقد جرى إنقاذه في حينه، ويحسّ أنه تسبّب في مقتله مرّتين، ما يضاعف إحساسه بعقدة الذنب. المرحلة الألمانية في المرحلة الألمانية، التي تبدأ عام 1983 وتستمرّ إلى ما بعد عام 2018، ولعلّها الأطول في حياته، يستيقظ عبدو في مستشفى ألماني ليجد زوجته ماتيلدا قرب سريره، فيعلم منها ما حلّ به وبعائلته الصغيرة باستثناء الصغيرة مارلين، التي لم يعثر لها على أثر. وفي هذه المرحلة، يتمظهر الشعور الإنساني من خلال تمسّك ماتيلدا به، من جهة، ومن خلال اهتمامه لاحقاً بعد تماثله للشفاء بنزلاء بيت العجزة الذي أسّسته ماتيلدا بالأموال التي حصلت عليها منه سابقاً ثمن لوحات افتراضية، ويشمل هؤلاء النزلاء بحبه وعاطفته، بدون وجود ما يربطه بهم سوى الرابطة الإنسانية. وفي هذه المرحلة أيضاً يعكف على القراءة، وهي هواية كان بدأها في لبنان، فيقرأ كل ما يقع تحت يده من كتب، ما يوسّع آفاقه، ويجعله يكتشف معناه، وقيمة الحياة. وإذ يتعرّف إلى مارلا، الصبية التي تحضّر الدكتوراه، من خلال مشاركتها في المعرض الذي تقيمه ماتيلدا في بيروت، بعد مضي عشرين عاماً على وجوده في ألمانيا، وتطلب مساعدته، ينخرط في حوار طويلٍ معها لسنوات ثلاث، عبر الإنترنت، يمتد على مساحة خمسٍ وسبعين صفحة، تشمل الصفحات الأخيرة من الفصل الرابع والفصلين الخامس والسادس من الرواية، ويتناول العديد من الموضوعات التي لا يربط بينها سوى طرحها من مارلا والإجابة عليها من عبدو. وهنا، يلعب دور الواعظ بامتياز. على أن المفاجأة الكبرى التي يتمخض عنها الحوار في نهايته تكمن في اكتشافه أنّ مارلا هي مارلين، ابنة أخيه المفقودة، في سانحة قَدَريّة، تؤكّد الدور الذي تلعبه الأقدار في حياة البشر. الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الثلاثاء 12-05-2020 12:24 صباحا الزوار: 530
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
ميزان النقد في رأي المجتهد بقلم نجم ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 04-10-2024 |
أدب المقاومة الفلسطينيّة عند سناء ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 19-01-2024 |
السمات الأسلوبية والمضامين الإنسانية في ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 19-03-2022 |
قراءة بقلم د.وليد جاسم الزبيدي ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 12-07-2020 |
الأقصوصة في الأدب التونسي بقلم النّاقدة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الخميس 11-06-2020 |
حصريا لعاشقة الصحراء :الفضاء التشكيلي ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الثلاثاء 26-05-2020 |
قراءة في مرجعيات الفضاء التشكيلي لقصة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الأحد 24-05-2020 |
قراءة في قصة ( مستشارة الرئيس ) للكاتبة ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الجمعة 22-05-2020 |
على أجنحة الخريف بقلم هدى احمد حجاجي مع ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الجمعة 22-05-2020 |
قراءة نقدية لنص "عمر شارد " ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الأحد 17-05-2020 |
الوصف واللغة في قصة (حرائق لا تنطفئ) ... | النقد والتحليل الادبي | اسرة التحرير | 0 | الجمعة 15-05-2020 |
قراءة سيمائية في نص "محض خيال" ... | النقد والتحليل الادبي | إدارة النشر والتحرير | 0 | الجمعة 01-05-2020 |
القلق الإبداعي والمعرفي في ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 28-04-2020 |
"قافلة العطش" لسناء الشعلان ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 21-04-2020 |
مجموعة سناء الشعلان المسرحية: سيلفي مع ... | النقد والتحليل الادبي | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 11-04-2020 |