يجمع ديوان «حصاد السنين» للشاعر علي أبولبن الحَسني، الصادر عن دار الخليج في عمان للعام 2022، قصائد مختارة من شعر علي أبولبن، والشاعر قد اختارها بعناية، وأحسن تقديمها للقارئ، وهي قصائد قد كتبها في مراحل حياته، فهناك ما فُقِدَ في ظروف ترحاله، وهناك ما فُقِدَ بفعل فاعل خشية المساءلة والمحاسبة، في زمن كانت القصيدة أشبه ما تكون بالمنشور الحزبي أو السياسي، وهناك ما بقي لدى الشاعر مطوياً على ذاكرة الزمن قد يرى النور في يوم ما. ومَنْ ينظر في قصائد الديوان يجد هذا التنوع في مناسبات متعددة، كحال الشعراء الذين استوقفتهم القضايا الوطنية والقومية والإنسانية، فشهدت تلك القصائد حماسة الشاعر في التعبير عنها، وبثّ روح الحياة فيها، وأخلص علي أبولبن إلى القصيدة العمودية شكلاً ومضموناً، فعلى مستوى الشكل قد وجدَ فيه ما وجده الشعراء من أوزان شعرية تتفق وروح عصره وذائقته، وعلى مستوى المضمون فهي مشاعر وأحاسيس متدفقة احتكمت إلى المناسبة التي قيل فيها شعراً. لم أعهد علي أبولبن يُعلن عن نفسه شاعراً إلا في فترات متقدمة من العمر، تجاوز فيها عتبة التسعين، فألقي بين يديّ قصائده مستئنساً برأيي في نشرها، فوجدتُ فيها ما ينفع الأجيال، ويُعيد لهم الماضي الجميل المفقود، ويحفظ ذاكرة الأمّة العربية فيما مرّت به من محنٍ، وكان لفلسطين مساحة واسعة في شعره بوصفها قضية الشعراء العرب قاطبة، فهي قضية أمّة عانت وتعاني ويلات الحروب واطماع الغرب وخيانات مؤلمة، تركت في النفس لوعتها وحزنها وأساها. تنطوي هذه القصائد على شاعرية تستحقّ منّا الوقوف عليها، والنظر فيها، مهما بلغت في بعضها من مناسبة خاصة، لعلّ لخاصةِ الشعرِ منفتحاً عاماً على ما نكابده في حياتنا، ونلوذ فيه من قسوة الحياة، ووجع السنين، فأترك للقارئ ما يَستهدي بنور الشعر إلى نور الحياة، فيجدُ فيه سبيلاً غير مُفارقٍ لما أراده الشاعر من القول. استشهد برأي الآمدي: «وليس الشعر عند أهل العلم به إلا حسن التأتي، وقرب المأخذ، واختيار الكلام ووضع الألفاظ في مواضعها، وأن يورد المعنى اللفظي المعتاد فيه والمستعمل في مثله، وأن تكون الاستعارات والتمثيلات لائقة بما استعيرت له، وغير منافرة لمعناه، فإن الكلام لا يلبس البهاء والرونق إلا إذا كان بهذا الوصف».