جراسا -بقلم: صابرين فرعون تطغى الصورة الشعرية المركبة عند لين الوعري في مجموعتها الشعرية الأخيرة "ولي انفعالات الغيمة" بمكوناتها المركبة، وهي تؤجج بحرفها مكابدة ولوعة الشوق للبحر والرمل، على خطى رامبو الذي اهتم بالعاطفة المنبعثة من اللفظة الشعرية ورآها في تضافر الجزئيات "اللون والرائحة والإيقاع".
كما أنها وظفت الرمز الأسطوري في نصها الشعري، مشيرة لأصولها الكنعانية، فقد تجلت واضحة في مقطع من نص "صلاة للبحر": في جيبِ حزقيال تاهَتْ خرافتُنا سيضحكُ إيل ويعمى داجون، ويقرّ طيش عنات: نحملُ الماءَ على أكتفانا نلفّ الأرضَ مشرّدين نذرفُ الدمعَ أمامَ كلّ بحرٍ ولا نرجعْ!
كذلك اعتمدت الرمز الديني ، كما في نصها "طقس الكنعاني": شوكٌ تغوَّلَ على دربِ آلامِنا كلُّنا يحملُ عيسى مصلوبًا بداخِلِنا في جُبِّ يوسف نذوي والسَّيَّارةُ المُختلِفون يَعْمَون عنّا ومن قُدسٍ إلى مصرَ وحدها السكاكين تنتظِرُنا ومن قدسٍ إلى مصرَ طويلٌ طويلٌ دربُ آلامِنا...
عناوين الأبواب والفروع الشعرية بحد ذاتها لوحة فنية، ببساطتها وعدم تكلفها، مشغولة بحرفية تؤسس عمقاً للنص وتشكل المشهد الشعري ككل وتصب في العتبة الرئيسة، تشير بوصلته لوطن بحجم القلب: "للبحر غيمته، ولي انفعالاتها، غيمات ربيعية، سيدة النرجس، أزرق، غيمة لها، غيم حرب، طقوس، تجريد في رثاء الحارة".
اللغة الشعرية عند لين الوعري، تختزل مسافة شهقة بين الحسي والملموس، تمد جسوراً لعبور غيمتها بثقلٍ خصب يفتح آفاقاً للمعرفة، محافظة على النسق الجمالي من غزارة وتنوع ومغايرة تؤدي للتشويق والإدهاش..
لين الوعري شاعرة فلسطينية من غزة، ناشطة في المجال الإعلامي، صدر لها مجموعات شعرية : "ليل ترانيم الوجع الغزي"، "ولي انفعالات الغيمة" عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، والمجموعة الأخيرة كان إشهارها وتوقيعها في معرض الشارقة للكتاب الدولي البارحة.