أبو عودة يؤرخ للوضع السياسي في الأردن بكتاب يوميات
عرار:
يصدر قريبا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مذكرات السياسي الأردني عدنان أبو عودة بعنوان "يوميات عدنان أبو عودة 1970-1988". يضم الكتاب الذي جاء في "1150 صفحة"، صورا ووثائق وفهارس، قام بإعداده الكاتب والباحث معين الطاهر، وهو ضمن سلسلة مذكرات وشهادات. صدور يوميات أبو عودة، كما ورد في مقدمة الكتاب، لم يكن من المخطط له بل كان محض مصادفة قاد إليها البحث في تاريخ العلاقات الأردنية – الفلسطينية ضمن مشروع بحث وتوثيق الحركة الوطنية الفلسطينية المنبثق عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. تشتمل اليوميات على "ستة عشر فصلا"، حيث تمتد أحداثها بين عامي 1970-1988، إضافة إلى نص الحوار الذي أجراه مع صاحبها كل من معين الطاهر ومعن البياري سدا للثغرات الزمنية في صفحاتها، وتوضيحا لبعض القضايا التي مرّت عليها مرورا من جهة، وتعريفا بكاتبها وبتوجهاته الفكرية وانتماءاته السياسية، وعمله في مناصب قريبة من صانعي القرار السياسي في الأردن من جهة أخرى. تؤرخ اليوميات للوضع السياسي في الأردن وعلاقاته الداخلية والخارجية خلال فترة تدوينها، ناقلة صورة مغايرة لتفصيلات الحوادث التي مرّت بها المنطقة في ذلك الوقت، وانعكاساتها على الداخل الأردني، لتعيد طرحها من وجهة نظر السياسي التي قد لا يتفق القارئ مع بعضها بالضرورة، إلّا أنّها بلا أدنى شك تضيف أجزاء تُكمّل صورة المشهد وتتقاطع معه. تبدأ اليوميات بمجموعة من الأوراق التي يقول صاحبها إنّ "وصفي التل كان قد أملاها عليه بخصوص تحديد السياسة الإعلامية للحكومة العسكرية في أيلول 1970"، وتكمن أهمية هذه الأوراق، بالإضافة إلى مضمونها، في أنّها توضح بجلاء أنّ وصفي التل، وعلى الرغم من عدم توليه أي منصب رسمي في تلك الفترة، إلّا أنّه كان في مطبخ صناعة القرار. كما أن اليوميات تسلط الضوء على العديد من المحطات المهمة، لعلّ من أبرزها حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، والمداولات التي جرت في أثنائها وقبلها وبعدها، وما ترتب عليها من نتائج، والدور الذي أدّته كل واحدة من دول الطوق فيها. ومؤتمر الرباط العام 1974، والتوترات التي رافقت مقرراته، وعلى رأسها إعلان منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وإعفاء الأردن من مسؤولياته تجاه الضفة الغربية، وما استجد بعد ذلك من أوضاع كان من أهمها إجراء التعديلات الدستورية والداخلية اللازمة لتتوافق مع تلك المقررات. كما تتناول الحرب العراقية الإيرانية؛ أسبابها وتداعياتها، وتباين مواقف الدول العربية منها. وكذلك مفاوضات السلام الإسرائيلية العربية، وجولات كيسنجر في المنطقة وما أجراه خلالها من لقاءات وما طرحه فيها من مقترحات، وأثر ذلك كله على القضية الفلسطينية. ولا تخلو يوميات أبو عودة من آراء وأفكار وملاحظات وتحليلات سياسية يقدمها صاحبها معلقا على مجريات الحوادث ومواقف الأطراف الداخلية والخارجية منها، ما يعكس بالتالي موقفه الشخصي ودوره الذي أداه فيها، كما هو واضح في التصوّر الذي كتبه لتطوير الاتحاد الوطني، ومذكراته بخصوص الإفراج عن المعتقلين لأسباب تتعلق بالمنظمات الفدائية، والتحليلات أو الملاحظات التي قدّمها على خلفية القرارات المتمخضة عن المؤتمرات أو اللقاءات أو الاجتماعات مع شخصيات قيادية عربية وأجنبية، وفي حديثه عن فكرته حول التسوية السلمية لقضية الشرق الأوسط. كما أنّها تعرض، في سياق نقلها للحدث اليومي، صورة لآليات تأليف الحكومات المتعاقبة خلال الفترة التي شملتها، ملقية الضوء على مدى تأثر وتأثير تلك الحكومات في الأوضاع الجارية. وتبقى هذه اليوميات وثيقة تاريخية تُضاف إلى سجل الوثائق المحفوظة في مكتباتنا العربية لفترة مهمة في تاريخ المنطقة، تقدّم بعض الإجابات لمسائل وقضايا ما نزال نعيش تبعاتها حتى اليوم، وتثير الكثير من التساؤلات والاستفسارات حولها. وهي تعبّر عن رؤية كاتبها خلال فترة تدوينها، والتي قد تتفق أو تختلف مع آرائه الحالية. كما أنّها قابلة، كغيرها من الكتابات، للتدقيق والنقد والمناقشة. ويذكر أن عدنان أبو عودة، ولد في العام 1933، درس في دار المعلمين في عمّان، ثمّ الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق، عمل في المخابرات الأردنية، وشغل منصب وزير الثقافة والإعلام والسياحة والآثار والبلاط على فترات بين عامي 1970 و1988. عُيّن أبو عودة في مجلس الأعيان بين عامي 1974 و1982، ثمّ مستشارا للملك حسين بين عامي 1988 و1991، ورئيسا للديوان الملكي بين عامي 1991 و1992، ثمّ مندوبا دائما للأردن لدى الأمم المتحدة بين عامي 1992 و1995، وأخيرا مستشارا سياسيا للملك عبد الله الثاني في العام 1999.