مذكرات شاب عربي صرف : هي مجموعة من المقالات والحكايات بإمضاء الكاتب محمود جابر التي دوّنها بتفاصيل الحياة اليومية العابرة لأخذ العبر. هذه المذكرات لا تتحدث عن معارك سياسية وبطولات، بل ترصد العادي والهامشي واللّامدون في الكتب الفارهة، بل تلتفت إلى أن «الحياة قصيرة لنضيعها بتقليد الآخرين أو بالحزن أو باليأس أو بالكره..» كما يقول الكاتب. ولذا فإن المؤلف يهدي الكتاب الصادر عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان للعابرين الذين ساهموا في صنع ذاكرته ممن قابلهم في الحارة والشارع والمواصلات العامة «السرفيس»، والمولات والدوائر الحكومية وصالات السينما، ولا ينسى من مرّ بهم مصادفة في مراكز الشرطة أو الحدائق العامة والمستشفيات. كما يجزل المؤلف الشكر في كتابه الواقع في 137 صفحة من القطع المتوسط لكل من تواصل معه عبر شبكة التواصل الاجتماعي- ولو كان ذلك عن طريق رسالة وصلت بالخطأ- ولمن شاهدهم على شاشة التلفاز أو قرأ لهم أو عنهم؛ الذين حتمًا تركوا شيئًا من أفكارهم وآرائهم في الكتاب. هذه المذكرات كما يقول المؤلف تنتقد أهم الأحداث في المجتمع بشكل عام، وتربط قديمه بجديده، وتقارن بينه وثقافات أخرى، وتبين تطوره أو تأخره حسب تواتر التاريخ المكتوب أو المحكي أو المشهود. ويهدف الكتاب لتعميق قيم الخير، والتذكير بها، كما يسعى إلى التنديد بأعمال الشر وأفعالها وآثارها، متوخيًا من ذلك تعميق القيم والعادات الأصيلة التي تنفع الناس وتبث الأمل في نفوسهم.
يا حياة، أتوق إليكِ... فتجيبني: أتوق إليك :
صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للكاتب والشاعر اللبناني شربل داغر، حملت عنوان «يا حياة، أتوق إليكِ... فتجيبني: أتوق إليك». وفيها يكتب الشاعر شربل داغر متقمِّصاً جملته الشعرية، «ما أحلى أن يُسابق الطفل مواعيدَه المرجأة»، والتي يمضي معها، وفيها، عبر مساحاتٍ لا تنتهي من شهوة القول والرغبة فيما استبقه من نثر في قصيدة مفتوحة، ينزل بعدها إلى بيروت مثل كثيرين كانت المدينةُ لهم محطَّ قدمٍ، وكانت الطريق، كلُّ الطريق بين صعود ونزول، وعدَ من نزلوا متأخرين وراحوا يبحثون عن موعدٍ مؤجل أو محاولة أخرى لتدارك ما فات. يُصرُّ داغر على الصوت في الكتابة، كأنَّه آخر ما سيتبقى من الحروفِ يوماً، وقد كان هيئة الكلمات الأولى، والتي من دونها راحَ الشاعر يرسم خريطته من الذكريات، والأيام البعيدة، والصُّدف والطفولات. في قصيدة «بين طفل وشاعر» يقول:»يمدُّ الطفل أصبعه إلى حجر مثل نحّات/أو إلهٍ يفكّر في صُورِ مخلوقاته/يمدُّ الشاعر لسانه إلى ألفاظ، فلا يجدها/بل يجدُ غيرها/ممّا يرتق به فتوقًا/بين عبارة وفجوة». كأنَّ القصائدَ في الكتاب دروسٌ متأخرة، نسيها الطفل وكوَّم في مكانها الشاغرِ الشاعرُ أسئلتَهُ وهواجسَه، مكتفياً بهواء عابرٍ ووقتٍ يتذوَّقه على مهل، وما يُعلِّقه على الجدار «مثل فراشة تتسارع صوب الضوء»، حتى تكادُ لا تخلو قصيدةٌ من قصائد الكتاب، من الكتابة عن الكتابة. كحالةٍ ماثلة في مرآةٍ يرى من خلاها شربل داغر ذاته، وقد انعكست في مرايا أخرى، لكلِّ واحدةٍ شاعرها وصورته الوحيدة المتعدِّدة. الكتابة حالة تجرّد عند داغر، كما تعكسه هذه الصورة في قصيدة «ثيابنا المعلَّقة»:»ثيابُنا، حياتنا التالفة/تمدُّنا بحيواتٍ جديدة/بهيئات/من دون أن تكون أقنعة لنا/في عرينا المقيم». شربل داغر شاعر وروائي وناقد وأستاذ جامعي من لبنان، مواليد 1950، عمل في الصحافة في بيروت وباريس ولندن، ونشر في عدة دوريات دولية. أصدر داغر أكثر من خمسين كتابًا، بالعربية والفرنسية، منها كتب شعرية وروائية، كما ترجم أعمالاً أجنبية من الشعر والرواية إلى العربية. وله كتب بحثية عديدة في درس الشعر العربي، وفي الفنون الإسلامية والفنون العربية الحديثة وغيرها.