|
عرار:
النص من بنية التركيب الى سيمائية الدال قراءة سيمائية في قصة قهر للكاتب مجدي شعيشع النص: بقلم الناقد / حيدر الأديب / العراق قهر دعا صديقه، لعقد قرانه على ابنة عمه: - كيف! أَمَا وَلَغَ الْكَلْبُ...؟ - غُسِلَت بالماءِ سبعاً؛ عدا التي في التُراب! أدعي أن هذه دراسة تحاول ان تقول ملتها النقدية بعيدا عن الاستعراض المعرفي الذاتي لتأسيس الذات النقدية على أنقاض النص أو مدائحه فنغدو في نقد إخواني أو انطباعي يتجاذب خواطر وانتقاءات وتوقعات وتوافقيات ينتخبها الناقد تخضّر فيها مرجعياته ويترك ما تبقى من النص المسكين نهب النسيان وبهذا نكون أمام سرقة شرعية جميلة لمنجز النص لصالح منجز النقد النص طريق لا يتسع الا لذاته والذات الناقدة ذات خطيرة حتى على ذاتها تنوء بحمل المرجعيات وتتأس في موقد التفرد كهوية ناطقة في مسارات الحرية وصيغها المتوفرة كشرط أبداعي لا تتصالح فيه هذه الذات مع نفسها فهي مرتحلة دائما بسير تكاملي مشكك ومسائل ومحاور متسلح بكل انماطه المعرفية لأستنطاق الظاهرة النصية كونها ظاهرة تستدعي العالم في معاجم الكلمات وتواريخ الأفكار ومصالحات الشعور وتصدعاته وصراعات المعنى في سرديات الأنسان والوجود هذا النص نص استعاري بأمتياز يطرح سؤالا معاكسا وكبيرا على النقد وعلى الفلسفة معا في جدوى المدى الوظيفي للاستعارة هل هي تعويض لفظ بلفظ أستبدال لفظ محل لفظ تقود أتهامها المزمن بأنها أداة تزيين وتحسين أسلوبي وحضورها حضور الحال العارض المؤقت الذي يؤدي غرضا مقصديا عجز عنه اللفظ الأصلي فقامت الاستعارة كجهد جمالي ينقل الذهن والشعور الى المساحة المستهدفة تجدر الأشارة أننا نتكلم عن الاستعارة بوصفها حسما دلاليا أنتجه متطلب الواقعة كوصف من سنخ مرتبتها الوجودية لا بوصفها أستعمالا يؤاخي الشعر بالقصة فقوله تعالى (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) الكلب هنا مرتبة وجودية من سنخ الخلود الى الأرض واتباع الهوى فهذه استعارة حاسمة لا حرية للخيار بغير الكلب بل ضرورة انتجتها الواقعة وتبعا لها اللغة فالواقعة كشفت الباطن النفسي من تحوله من الأدمية الى الكلبية اللاهثة واللغة عممت الظاهرة كسنة جارية عبر نظام سيمائي (الخلود الى الأرض / اتباع الهوى / الكلب يلهث في حالة الحمل عليه او عدم الحمل /) والسنة الجارية اقصص القصص في الحقيقة أن التوغل في الأجابة سيقودنا للحديث عن ماهيات النصوص (القرأني - / الفلسفي / الصوفي / الأدبي / القانوني) ومن هذه الماهيات تنكشف هوية الأستعارة في تحقيق القيمة الدلالية كعارض لها او مؤسس حقيقي لا يستقيم المعنى الا بها كمطابقة واقعية كاشفة ولكل وجهة هو موليها في أثبات ذلك يهمنا منها الان محل الشاهد في قصة قهر بأن الأستعارة فيها وكما سيتوضح في تضاعيف الدراسة لم تكن لتشخص واقعا بل تشخص ظاهرة تؤديها وظائف السرد بتحفيز دلالي أنتجته أشتغالات التكثيف والتناص والوعي باتجاه المفارق وسيتبين الفرق بين الواقعة كمعنى والمعنى كسيرورة تواصل تدليلها تحت مهيمنات النسق وهذا ما تكفله عنوان الدراسة كلامنا الان يقع في جهتين هما النص من الداخل ونعني به البنية والتركيب والتقانات والعناصر والنص من الخارج ونعني به مسالك المعنى التي أنتجها الرمز وكفاءة التأويل السيميائي أولا / النص من الداخل 1- عنوان القصة العنوان ومضة دلالية باعتبار انها عتبة سياق مستهدف لهذا فهي تحمل معجمها الذاتي والمعجم المضمر والمعجم المتمظهر بحمولات المتن السردي هذه المعاجم الثلاثة ستقوم بتشكيل مشارك لثقافة ووعي المتلقي في انتاج التدليل فالمتلقي مدعو بفعل الانزياح الذاتي لأن الذات في أحد مستوياتها انزياح عن كل نقص وبفعل الانزياح الدلالي واللغوي مدعو للنظر في المسافات المجازية للعنوان فالعنوان هنا (قهر) مجال ترميزي يستدعي القيمة الماكثة في الظواهر الاجتماعية محذوفا منها ما تظافر السياق على أغفاله وإظهار جمرة اللوعة في مسافة الدلالة فالقهر هو الغلبة والتذليل في أصل اللغة وقد أستخدم في كل واحد منهما (وهو القاهر فوق عباده) و(أنا فوقهم قاهرون) وفي التذليل (فاما اليتيم فلا تقهر) وهذا الكلام للراغب الأصفهاني لكن القصة هنا لا تريد هذا الجذر اللغوي فحسب وهذه الدلالة المطابقية بل هناك دلالة إلتزامية وهي الأنطباع النفسي للحزن والغضب وبهذا تكون الدلالة المطابقية علة لمراد الدلالتين الأخريين الحزن والغضب فيكون العنوان قاصدا الثلاثة كنتيجة حتمية لظاهرة يتحدث عنها المتن السردي القهر هنا منفى للذات أستلاب واغتراب تفكيك سردي لمدونة الحرية ناقوس يضرب في ذاكرة السرديات الآثمة وحصص الانكسارات القهر حضارة المفلسين اسقاط فحولة الظلام على براءة النور 2- التكثيف التكثيف هنا مساو الى (قصيرة جدا) ولكن ما هو التكثيف؟ أنه ببساطة استدعاء المغزى بمعنى أن لغة القصة القصيرة جدا وهذا مهم هي لغة أنتاج دلالي وهذا المغزى هو طيف لكل متباين ومتناقض ومتشابه ومتجاور ومؤجل ماكث في الذاكرة او مرصود في الواقعة او متخيل يتحقق التكثيف سياقات كثيرة منا الصورة والتبئير والاختزال والحذف والفراغات والمجازات والغياب والاحتمالات والتكثيف وعي معرفي جمالي يدخل التخيل في ديناميكية انتاجه بينما الاقتصاد جهد شكلي يخلو من الفاعلية في قصة (قهر) نلاحظ التركيب التالي كيف! أَمَا وَلَغَ الْكَلْبُ...؟ أن حذف متعلق كيف وأن كان متبوعا بعلامة تعجب الا انه يخرجه الى أغراض يهيمن عليها السياق بفضل التكثيف الذي مارس الحذف فمن الممكن أن نتوقع قول صديقه على النحو التالي أ- نفي الفعل عن صديقه (أنت لا تخطب من ولغ الكلب فيها لا هذا مستبعد منك) ب- نهي صديقه عن الفعل (كيف تخطب من كانت محلا للفاحشة انت منهي بحكم العقل) ت- تنبيه صديقه الى كارثية الفعل (يا هذا قد ولغ الكلب فيها فليحذر عمرك أن يدنس) ث- التهكم بصديقه (كيف لك أن تستنبت حياة من أناء ولغ الكلب فيه) ج- استبعاد هكذا فعل من صديقه (لا أتوقع هذا سيحصل كيف لمن ولغ الكلب فيها ان تستقيم معك) ح- التعجب من فعل صديقه (كيف لك أن تقدم على امر مفروغ منه بشاعة وقضاعة ولو تم ذكر متعلق كيف لدخل السرد من التكثيف الى الترهل وفك الترميز الى مشخصات الواقعة هذا يعني ان التكثيف جهد نسقي داخل الظاهرة لا داخل الواقعة والفرق أن الواقعة تقود الى ادراكها بعينها بينما الظاهرة هي توليد دلالي يخص تلك الواقعة وبحسب بنفنيست يضيف بنكراد معقبا على قوله (فاذا كان المعنى يأتي الى الشي من خارجه فان امر الكشف عنه لا يمكن ان يتم الا عبر اللسان فالسان هو النسق المؤول والأكثر قدرة على الكشف 3- الشخصيات والحدث الشخصيات هنا هي علامات من عوالم مختلفة (القهر- صديقان أحدهما نسق مضمر والأخر نسق ظاهر القى جملته الزمنية المطلقة / الكلب / الغسل / التراب / الأغتصاب / الستر / القتل) كل هذه الشخصيات تكتسب هويتها من السياق فهي شخصيات الظاهرة لا شخصيات الواقعة والحدث هنا دعوة صديق وتعقيب من الصديق على الدعوة والدعوة والتعقيب عليها هي إحالة على محتملات سكت عنها النص فهو نص يتقصد الاثارة لا التشخيص والنقل بمعنى ان الحدث فعل داخل اللغة محذوف الأزمنة الا من زمن السرد شخصيات القصة تقيم علاقة تناص أجرائي مع أشكال عديدة قدمها الأستعمال القرأني السيميائي من قبيل أ- (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ) ب- مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). ت- فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ). ث- (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). ج- (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ). واضح أن هذه الأنماط السيمائية لاغية للزمن والتشخيص وتكمن أهمية سوق هذه الأمثلة ان المفردة في السياق القرأني تتحرك من خلال التجدد في الأداء الوظيفي داخل التركيب بالمقابل هو ذاته الأجراء في بناء القصة القصيرة في التحفيز الدلالي غاية الفرق ان المفردة هنا غايتها تحقيق المقصدية في البعد القيمي بينما في القصة أثارة البعد القيمي جماليا والاحالة اليه كظواهر تستجيب للغرائز الأدبية الكاتب:
إدارة النشر والتحرير بتاريخ: الأربعاء 20-05-2020 12:13 مساء
الزوار: 1435 التعليقات: 0
|