الناقد محمد رمضان الجبور

من الكتب الصادرة حديثاً بدعم من وزارة الثقافة الأردنية مشكورة، كتاب (بين أروقة النقد/ دراسات تطبيقية في الرواية والقصة والشعر) للدكتورة دلال عنبتاوي، الكتاب صادر عن (الآن ناشرون وموزعون)، ويقع في ثلاثمائة وأربع صفحات.

عنونت د. دلال كتابها بأروقة النقد، عنوان جميل ويحمل في داخله دلالات تقود المتلقي إلى متن الكتاب فالرواق مفردة تعني المكان المخصص للدراسة، وقد اشتهر الأزهر الشريف بعدد الأروقة فقد بلغت تسعة وعشرون رواقاً، خُصصت للطلاب الغرباء، رواق المغاربة، رواق الأتراك، رواق الأفغان وجميعها أروقة للدراسة وتلقي العلم.....الخ.

قسمت د. دلال كتابها إلى ثلاثة أروقة، رواق الرواية، رواق الشعر، رواق القصة القصيرة.

وتحت رواق الرواية تناولت مجموعة من الدراسات النقدية لعدد من الروايات، رواية «فرود مال» لقاسم توفيق، رواية «مطارح» لسحر ملص، رواية «غريب النهر»، لجمال ناجي، ورواية «الشتاء يلد الربيع» لمحمد أزوقة، ورواية «شجرة الفهود» لسميحة خريس، ورواية «الوزر المالح» لمجدي دعيبس، ورواية «العربة الرمادية» لبشرى أبو شرار.

ومن خلال هذه الروايات تناولت د. دلال مجموعة من الدراسات النقدية، منها ما كان يتعلق بدراسة المكان بكل أبعاده، وأخرى تصدت بها لدراسة الحكاية التراثية وأثرها في النص الروائي، كما في رواية «مطارح» لسحر ملص، وأخرى كانت تتعلق بتقنيات السرد كما في رواية «شجرة الفهود» لسميحة خريس، وتوظيف الوصف، وفن الرسالة في رواية «رسائل ماريا السبع» لأحمد الغماز..

وتحت رواق الشعر تناولت الناقدة د. دلال مجموعة من الدواوين تحت عناوين مختلفة، بلغت عدد الدواوين تسعة دواوين، درست فيها الكثير من الموضوعات، بدءاً من ملامح الشعر الصوفي في ديوان الشاعرة إيمان عبد الهادي «فليكن» إلى السيرة الذاتية والشعر في ديوان الشاعر هشام عودة «أقتفي خطو ذاكرتي»، وتحدثت عن إنسانية الشعر، والأنسنة، وظاهرة التكرار، وعتبات النص.. وظاهرة التكرار في ديوان «الكتابة على الماء والطين» لنضال القاسم.. وغيرها من الموضوعات.

وتحت رواق القصة القصيرة، تناولت الناقدة د. دلال عنبتاوي ثمانية مجموعات قصصية قصيرة بالبحث لمجموعة من الكتّاب، طرحت من خلالها مجموعة من القضايا النقدية، مثل بنية الحوار في مجموعة «رمادي داكن» لطالب الرفاعي، اللامعقول في مجموعة «كُمستير» لجعفر العقيلي، وجماليات اللغة، وملامح اللغة السردية كما في مجموعة «سمه المفتاح إن شئت» لأماني سليمان.. وغيرها.

«بين أروقة النقد» من الكتب القيمة جدا في دراسة الأدب الأردني والنقد التطبيقي، فقد سلّطت الناقدة د. دلال العنبتاوي بثقافتها العميقة واطلاعها المستمر، وذائقتها النقدية الضوء على الكثير من الأعمال الأدبية، سواء كانت رواية أو شعراً أو قصة قصيرة، مستخدمة مبضعها الآمن، مُبحرة في موضوعات مختلفة ومتعددة في النقد الأدبي، مما فتح المجال أمام المتلقي لدراسة الكثير من القضايا النقدية المختلفة والمتعددة، والاطلاع على الكثير من النتاج الأدبي الأردني الحديث، فقد استخدمت الناقدة لغة قوية سلسة وعذبة تثير شهية المتلقي للقراءة والمتابعة، فلا وجود للملل مع حروف د. دلال العنبتاوي وكتابها، الذي سوف يظلّ مرجعاً ومصدراً نقدياً متميزاً، سواء كان هذا التميز بالأسلوب السلس الجميل أو بإخراج الكتاب المتقن، فقد أثرت د. دلال المكتبة النقدية بمنجزها النقدي هذا، وحاولت من خلاله طرح الكثير من المفاهيم والاصطلاحات النقدية معتمدة على ارثها الثقافي الواسع، وعمق تحليلها للنصوص، وخبرتها الطويلة، نبارك للناقدة د. دلال العنبتاوي مولودها الأدبي الجديد، لينضم إلى قائمة كتبها الأخرى، ونرجو لها المزيد من الألق.