الثقافة تعيد طباعة “ذروة المشهد: مقالات في السينما” للناقد طمليه
عرار:
عزيزة علي عمان- ضمن منشورات مكتبة الأسرة الأردنية- مهرجان القراءة للجميع 2022، أعادت وزارة الثقافة طباعة كتاب “ذروة المشهد: مقالات في السينما”، للقاص والناقد السينمائي أحمد طمليه، ويتضمن الكتاب مجموعة مقالات نقدية حول مجموعة من الأفلام كان كتبها طمليه. الدكتور الناقد غسان عبدالخالق كتب مقدمة للكتاب بعنوان “حدائق الخيال”، يشير فيها إلى أنه قام بكتابة المقدمة من أجل تحريض طمليه على إخراج هذه المقالات في الكتاب حتى ترى النور، وعندما انتهى طمليه من جمع هذه المقالات في كتابه طلب من عبدالخالق أن يكتب له مقدمة، وقد حصل وكتب المقدمة. ويقول عبدالخالق: “إن سبب حماسه لصدور هذا الكتاب يعود لإعجابه الشديد بالنقد الذي كتبه طمليه فهو نقد كما يبين عبدالخالق “رصانة المنظور السينمائي الذي يقدمه طمليه، فهو لا يمارس نقدا استثنائيا فوقيا، ولا يتابع من برج عاجي، بل هو ينغمس تماما بما يشاهد، ثم سرعان ما يكتب بأصابع عارية ودونما أدنى حاجة لأي قفازات”، مبينا أن القارئ سيلاحظ في هذا الكتاب أن طمليه لم يستطع منع نفسه من الخوض بضراوة في “قضايا سينمائية”. ويتحدث هنا عبدالخالق عن تجربة متابعة السينما قائلا: “إن من لم يعايش تجربة المتابعة والمشاهدة المباشرة للأفلام السينمائية فقد فاته جانب كبير من إثارة الطقس السينمائي، لأن دور السينما آنذاك وبوصفها حدائق خيال الطبقة المتوسطة بكل شرائحها، كانت المتنفس لأبناء هذه الطبقة والمعبر الأكبر عن معاناتها وطموحاتها والتحديات التي تحلم ليل نهار باجتيازها، فلم يكن غريبا أن يتحول كثير من أبطال هذه الحدائق إلى رموز عوضت بقوتها أو بنعومتها عن كثير من مشاعر الإحباط والحرمان لدى المشاهدين”. ثم يتحدث عبدالخالق عن طقس الذهاب إلى السينما في أوائل الثمانينيات من القرن المنصرم، مبينا أنه “كان أمرا ينبغي التحضير له بعناية، فهو شكل من أشكال مكافأة الذات أو مكافأة الآخرين، ولذلك فلا بد من أن تخصص له ميزانية دقيقة تغطي مصاريف ركوب السيارة ذهابا وإيابا وثمن التذكرة وعلبة السجائر وساندويشة الفلافل وزجاجة البيبسي وتسالي “البزر”، وخلافا لذلك وفي حال الانتقاص من هذه القائمة المقدسة فقد كان المشوار منقوصا، حتى لو كان الفيلم من أجمل الأفلام وحتى لو خيم الهدوء تماما على المشاهدين، ففي دار السينما ليس أسوأ من أن تشعر بالرغبة في تناول ساندويشة ولا تملك ثمنها أو أن تشعر بالرغبة في تدخين سيجارة وتتفقد جيوبك لتكتشف خلوها من الولاعة وعلبة السجائر، ولكل هذا فقد مثل “العيد” دائما المناسبة الذهبية التي كان يمكن أن تتكفل بتوفير مصاريف المشوار من ألفه إلى يائه”. ويواصل عبدالخالق “هذا بخصوص العلاقة غير السرية التي كانت تربط بين سائر أفراد الطبقة المتوسطة وبين السينما، وأما بخصوص العلاقة السرية التي ربطت بين شريحة مثقفي الطبقة المتوسطة وبين السينما “فحدث ولا حرج”، إذ بالرغم من أن إقبال أبناء الطبقة المتوسطة على ارتياد دور السينما كان كبيرا، إلا أن هذا الإقبال على دور السينما لم يكن خاليا من اللوم قليل أو كثير إذا زاد عن حده وربما وصل الأمر إلى درجة ترتيب حكم أخلاقي وسلبي على كل من اشتهرت عنه الارتياد الدائم إلى دور السينما، ولذلك فقد حاول مثقفو الطبقة المتوسطة “النخبة المنتظرة”، أن يحدوا من إمكانية رؤيتهم في دور السينما التي تحولت إلى أماكن شعبية وبكل ما في الكلمة من معنى من جهة، ومن جهة أخرى لا يفوتوا أي فرصة لمشاهدة أي فيلم، أجنبي أو عربي جديد”. وخلص عبدالخالق إلى أنه كان المحرض الأول لطمليه على إصدار كتابه “ذروة المشهد”، بقضاياه السينمائية القادرة على إيصال رائحة الرطوبة وعتمة الصالة للقارئ وبمختاراته العالمية الرقيقة، وبنماذجه المنتقاة من السينما الأميركية ومن السينما المصرية، وبمقارباته الحميمة لهذه المشاهدة التي كتب لها في يوم من الأيام أن تقلب حياتنا “رأسا على عقب”. فيما كتب طمليه تحت عنوان “عمان والسينما قصة حب قديمة”، يتحدث فيها عن “التصنيف الذي بدأت به دور السينما في الأردن والعاصمة عمان، والمقصود بهذا التصنيف هو درجة السينما أو مستواها، فحسب القانون الصادر في العام 1952، نلاحظ أنه كان هناك أربعة تصنيفات، أو بالأحرى أربع درجات، إذ تشمل الدرجة الأولى “زهران”، و”بسمان”، “فيومي”، جميعها في عمان، أما الدرجة الثانية فتشمل “الأردن”، “ستديو الأردن”، وهي في عمان أيضا، وفي الدرجة الثالثة، ثمة “الزهراء”، في إربد، وفي الزرقاء “ركس”، “الحمراء”، “النصر”، وفي الدرجة الرابعة هناك “الفردوس”، في عمان، “سمير”، في إربد “نبيل”، في السلط، “دنيا”، في عمان “البتراء” في عمان، “رغدان” في مأدبا، “الشرق” في المفرق “سينما العقبة في العقبة، “الأهلي” في المحطة، و”الشرق” في الزرقاء. ويضيف طمليه إن هذه التصنيفات سرعان ما تغيرت، فحيدت وهمشت دور السينما في المحافظات ونشطت وازدادت دور السينما في عمان، وخلال سنوات قليلة ظهرت دور سينما أخرى في عمان تتنافس على اجتذاب الجماهير، أذكر منها “الحسين”، “فلسطين”، “الخيام”، “عمان”، “الكواكب”، وظهرت اجتهادات لدى أصحاب هذه الدور في وضع الخطط الأنسب من وجهة نظرهم لاستقطاب الجمهور فلاحظنا بعض دور السينما خصصت مواقع خاصة للعائلات، ويتضمن برنامجها عرض فيلما واحدا حديثا، فيما راحت دور أخرى تعرض أكثر من فيلم قديم بتذكرة واحدة، ولا مكان فيها للعائلات”.